#منكوشات_تطورية مأساة الشاب أوتا بينجا باسم خرافة التطور
لا زلنا نستعرض معا التاريخ الأسود لخرافة التطور وما جنته على البشر عندما جعلت أغلب الأجناس والأعراق هم إلى الحيوانات أقرب من حيث شجرة التطور المزعومة
وهذه المرة معنا مثالا عمليا بعد ما قرأناه بالأمس عن حدائق حيوان البشر – حيث نصل إلى أفريقيا – إلى الكونغو تحديدا – وعلى ضفاف نهر كاسي التي عاش بها الموبوتي وقبيلة الباتوا التي تحيط بها الغابات الاستوائية
هنا نشأ وترعرع شاب ذكي ومرح اسمه أوتا بينجا Ota Benga مواليد 1883م وتوفي في 1916م
اسمه كان يعني بلغته المحلية : الصديق !!
فهل تعامل معه وحوش خرافة التطور على أنه (صديق) ؟!
لقد شق حياته رغم ما يعتري بلاده من اضطرابات كونها مستعمرة لبلجيكا في ذلك الوقت تحت إمرة الملك المتوحش ليوبولد – تلك الفترة المشهورة بالمجازر والتعديات الكثيرة في حق السكان الأصليين بسبب الأوروبيين الذين ساحوا في الأرض فسادا وتقتيلا بالملايين : على اعتبار أن غيرهم من البشر هم (عرق أدنى وأقرب للحيوانت) كما قال داروين في خرافة تطور الإنسان المزعومة – وعليه يجوز لهم قتلهم بأي صورة بشعة دون ذرة ضمير
لقد عاش مع زوجته وطفليه إلى أن جاء ذلك اليوم وهو في سن 21 سنة – حيث خرج للصيد وعندما عاد : وجد قريته وقد أبيدت تماما ومات أغلبها بما فيهم زوجته وطفليه !!
وعلى الفور تم أسره لبيعه كعبد كما العادة من الأوروبيين في ذلك الوقت في تسخير العبيد من أفريقيا لتحويل خيرات أفريقيا إلى أوروبا : أو ترحيلهم هم أنفسهم إلى أوروبا وأمريكا للعمل بالسخرة هناك في رحلة يموت ثلثيها في الطريق من المعاملة السيئة في السفن كالبهائم – ولا يحظى الناجون بأي حياة كريمة للأسف في القرن العشرين !!
وفي خضم الأسر والبيع كعبد : رآه رجل الأعمال والمستكشف الأمريكي صامويل فيليبس فيرنر Samuel Phillips Verner والذي كان يربطه عقد مع معرض شراء لويزيانا Louisiana Purchase Exposition التابع للمعرض المفتوح أو العالمي بسانت لويس St. Louis World Fair حيث كان ينص العقد على إحضار عينات أفريقية لـ (أقزام) pygmy
المصدر :
Bradford and Blume (1992), pp. 97-98.
وكانوا يهتمون بعرض الأقزام خصوصا لأنهم حسب سلم التطور البشري الخرافي المزعوم هم أقرب طولا للشيمبانزي والغوريلا والأورانجتان !!
ويبدو أن أوتا بينجا (طوله متر ونصف) كان أقصر مَن شاهده صامويل فيليبس فيرنر : فاعتبره قزما !! وقاموا بعرضه على هذا الأساس عند عودته لأمريكا بعدما اشتراه بحفنة من الملح وملابس !!
وهكذا تم عرض الشاب الذي لم يفق بعد من مأساة فقدانه لأهله وزوجته وطفليه في معرض الأنثروبولوجي (تاريخ تطور الإنسان) في سانت لويز عام 1904م !!
وأما في 1906 : فقد ذهب به فيرنر إلى حديقة حيوان برونكس Bronx Zoo في نيويورك – حيث كان يُسمح لأفارقة الموبوتي هناك بالتجول والتحرك على مساحات أوسع في أماكن شبه الغابات ليشاهدهم الناس على الطبيعة
ولكن يبدو أن قصر طول أوتا بينجا عن بقية أقرانه كان سببا في تمييزه من جديد !!
حيث أخذوه في هذه المرة إلى معرض بيت القرود Monkey House exhibit !!
حيث لم يجد المسكين الذي فقد شريكة عمره وطفليه إلا أورانجتان (شبيه بالشيمبانزي) اسمه دونج Dohong كانوا يصفونه بالعبقري رئيس بيت القرود لأنه كان يتم تدريبه كثيرا مع البشر وفهم حركاتهم !!
لك الله يا أوتا بينجا !!
الإنسان باسم داروين وخرافاته وخياله المريض يتساوى بينه وبين الحيوان في قفص في حديقة الحيوانات بعد قتل زوجته وطفليه !! ونتابع
تم إخراجه بعد ذلك من بيت القرود ليتم عرضه بهذا التعريف (وكما في حديقة الحيوان) – وكما نشرته جريدة النيويورك تايمز من اعتراض رجال الدين النصراني على تطور الإنسان من القرد وعرض البشر بهذه الصورة :
” القزم الأفريقي : أوتا بينجا
العمر 23 سنة – الطول 4 أقدام و 11 بوصة
الوزن 103 باوند – تم إحضاره من
نهر كاساي بولاية الكونغو الحرة – جنوب
أفريقيا المركزية بواسطة الدكتور صمويل ب. فيرنر
ويتم عرضه كل يوم بعد الظهر خلال شهر سبتمبر
The African Pigmy, “Ota Benga.”
Age, 23 years. Height, 4 feet 11 inches.
Weight, 103 pounds. Brought from the
Kasai River, Congo Free State, South Cen-
tral Africa, by Dr. Samuel P. Verner. Ex-
hibited each afternoon during September
المصدر :
Man and Monkey Show Disapproved by Clergy,” The New York Times, September 10, 1906, pg. 1.
ولهذا فمعلوم العداء القديم في الخارج وفي العالم الغربي بين الكنيسة النصرانية وبين هذا الخبل والعته والإسفاف باسم العلم زعموا !!
إلى أن استطاع المتدينين من النصارى هناك ومع ضغط الرأي العام إطلاق سراح أوتا بينغا في نهاية عام 1906م تحت وصاية القس جيمس غوردون James M. Gordon
حيث تم وضع أوتا بينغا في ميتم تابع للكنيسة وهو ميتم هاورد للملونين (أي غير البيض لأن حتى النصارى كان لديهم تمييز عنصري مع السود والزنوج للأسف !!) Howard Colored Orphan Asylum وذلك ببرونكلين
ولكم أن تتخيلوا كل هذه المآسي والتحولات في حياة هذا الشاب الذي لم يتجاوز الـ 30 وقتها !!
ثم رتب القس غوردون بعد ذلك لنقل أوتا بينغا إلى لينشبيرغ في فرجينيا، حيث ألحقه بعائلة ماكاري، وأحضر له ملابس امريكية عادية – وقام بتغطية أسنانه بغطاء لتبدو عادية بعدما كان يتعمدون إظهارها في حديقة الحيوان مدببة كالحيوانات !!
وبذلك استطاعوا أن يدمجوا أوتا بينجا مع الوقت في المجتمع الأمريكي – فعلموه اللغة الإنجليزية – وأدخلوه المدرسة مع الأطفال (تخيلوا شخصا في سنه بعد أن فقد زوجته وطفليه يدخل المدرسة مع أطفال الإبتدائية) !!
ولكنه بمجرد أن شعر من تمكنه إلى حد كبير من اللغة : ترك المدرسة والتحق بمصنع للسجائر في لينشبيرغ. وعلى الرغم من وصفهم له بالقزم والحجم الصغير : إلا أنه كان من أمهرهم وأكثرهم تميزا لقدراته ومهارته في التسلق لإحضار ورق السجائر بدون استخدام السلالم مثل الباقين
وهكذا قضى أوتا بينغا سنوات عمره إلى 32 سنة محطما داخليا كإنسان – وكان يروي قصته أحيانا للناس مقابل سندوتش أو شراب !! وكل ذلك ولم يفارقه حلم عودته إلى بلاده الكونغو طرفة عين !!
إلى أن اشتعلت نيران الحرب العالمية الأولى في 1914 : واستحال حلمه إلى رماد أمام عينيه بعد تعذر السفر نهائيا إلى الكونغو : فما كان من هذا الشاب (بقايا إنسان) (بقايا ذكريات) (بقايا بشر) إلا أن سرق مسدسا في عام 1916 وذهب به وحيدا حيث صنع لنفسه احتفالية كما كان يصنع في قريته الأفريقية البسيطة : ثم خلع ملابسه الأمريكية – وخلع غطاء أسنانه : ثم قتل نفسه برصاصة في قلبه !!
المصدر :
Evanzz, Karl (1999). The Messenger: The rise and fall of Elijah Muhammad. New York: Pantheon Books. ISBN 9780679442608.
وهكذا انتهت حياة واحد فقط من عشرات الآلاف ممَن جنى عليهم داروين بخرافاته وهراءاته في كتابيه (أصل الأنواع) و (أصل الإنسان) !!
ولكن لم تنتهي قصتنا بعد في عرض هذا التاريخ الأسود
فلا زال للحديث بقية ……. فانتظرونا
.