شفاء المرء من الكورونا يعني فرحًا كبيرًا لصاحبه، لكن قد لا يكون نهاية كلِّ شيء، حيث لاحظنا حصول تعبٍ مزمنٍ طويل الأمد عند كثيرٍ ممن يشفون من المرض! وتتبّعنا الأدلة العلمية، فما القصة؟
ما زال هذا المرض بصورته الوبائية المُستجدَّة يفاجئُنا كلّ يومٍ بتظاهراته وأعراضه.. أشغل العالم بإصاباته..
نتكلّم اليوم عن متلازمة التعب المزمن والتي أظهرت العديد من الملاحظات والدراسات السريرية أنها قد تكون تاليةً للإصابة بالمرض.
إنّ عدداً كبيرًا من الأشخاص المصابين بالفيروس لا يتعافون تمامًا في غضون أسابيعَ قليلة، ويعاني الكثير منهم من متلازمة التعب المزمن.
وفقًا لتقريرٍ جديدٍ لمركز ضبط العدوى والوقاية منها في الولايات المتّحدة الأمريكية “CDC” فإنّ أكثر من ثلث الذين ثبُتَت إصابتهم العَرَضية بـ COVID-19 لم يشعروا بأنهم عادوا إلى طبيعتهم حتى بعد أسابيع من الشفاء السريريّ للأعراض الوصفيّة!
ويقول فريق الاستجابة لـ COVID-19 التابع لمركز ضبط الوقاية والعدوى: “يمكن أن يؤدي COVID-19 إلى مرض طويل الأمد، حتى بين الشباب الذين لا يعانون من أمراضٍ مزمنةٍ سابقة”.
إذ يشكو حوالي 35٪ من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة أنهم لم يعودوا إلى “حالتهم الصحية المعتادة”، ومن بين أولئك أشخاصٌ تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا ولا يعانون من أمراضٍ مزمنةٍ!
بدأ العلماء في دراسة ما إذا كان الفيروس التاجي قد يسبب مشاكلَ بعد الإصابة مثل متلازمة التعب المزمن chronic fatigue syndrom والتي تسمى أيضًا التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات myalgic encephalomyelitis.
تشمل الأعراض الشائعة لهذه المتلازمة التعب والألم ومشاكل المناعة والشعور بالفتور حتى دون إجراء التمارين المجهدة، بالإضافة إلى ضباب الدماغ brain fog وهو نوع من الخلل الوظيفي المعرفي يشمل:
* مشاكل في الذاكرة وتشوش عقلي.
* ضعف أو عدم القدرة على التركيز.
———–
والآن لنتكلم قليلاً عن متلازمة التعب المزمن ..
هي عمومًا متلازمة طويلة الأمد تتظاهر بمجموعة واسعة من الأعراض، أكثرها شيوعًا التعب الشديد. يمكن أن تصيب هذه المتلازمة أي شخص بما في ذلك الأطفال.
تكون أكثر شيوعًا عند النساء، وتميل إلى التطور بين منتصف العشرينات ومنتصف الأربعينيات.
#لكن ما هي أهمّ أعراضها؟
يتمثل العرَض الرئيسي بالشعور بالتعب الشديد والإعياء بوجه عام.
بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل:
* مشاكل في النوم (كالأرق وقلة النوم) وصداع.
* آلام العضلات أو المفاصل.
* مشاكل في التفكير والتذكر والتركيز.
* تظاهرات تشبه أعراض الإنفلونزا.
* الشعور بالدوار وخفقان القلب المرتبط بالوضعية (كتسرع القلب عند الوقوف بعد الجلوس الطويل).
يمكن أن تختلف شدة الأعراض من يوم إلى آخر أو حتى في نفس اليوم، وتسوء بممارسة الرياضة، لذا يُنصح المصابون بتجنب الإجهاد والرياضات العنيفة. كما يمكن أن تستمرَّ هذه الأعراض لفترة طويلة، لكنها تتحسّن بمرور الوقت عند معظم الناس.
#ما أسباب متلازمة التعب المزمن؟
لم يُعرف لهذه المتلازمة سببًا مباشرًا، ولكن هناك عددٌ من النظريات حول الأسباب، تتضمن ما يلي:
* الالتهابات الفيروسية والجرثومية.
* مشاكل في الجهاز المناعي والاضطرابات الهرمونية.
* مشاكل الصحة العقلية، مثل الإجهاد والصدمات العاطفية.
* أسباب جينية، إذ يبدو أن المتلازمة أكثر شيوعًا في بعض العائلات.
كيف نشخّص هذه المتلازمة؟
لا يوجد اختبار محدد لها، لذلك يتم تشخيصها بناءً على الأعراض واستبعاد الأمراض الأخرى.
—————-
#إليك ما يهمك: ماذا عن العلاج؟
لا توجد طريقة واحدة للعلاج تناسب الجميع، ولكن هناك عددًا من خيارات العلاج تبعًا للسبب والأعراض المرافقة.
يتحسن معظم الأشخاص المصابين بمتلازمة التعب المزمن بمرور الوقت، على الرغم من أن بعض الأشخاص لا يتعافون تمامًا، ويمكن أن يساعد التشخيص المبكر وتناول الأدوية في السيطرة على أعراض معينة وإجراء تغييرات في نمط الحياة.
* قد تحتاج إلى نصيحة حول إجراء تغييرات في نمط الحياة أو علاجات خاصّة أو الاثنين معًا.
* إذا كانت الأعراض شديدة، يجب على طبيبٍك أن يطلبَ النصيحة من أخصّائيّ، ويجب مراجعة خطّة العلاج بانتظام.
نذكر من #طرق العلاج:
١. العلاج السلوكي المعرفي (CBT) Cognitive behavioural therapy للحالات الخفيفة والمعتدلة؛ هو علاج حديث يمكنُ أن يساعدَك في تدبير المرض عن طريق تغيير طريقة تفكيرك وتصرُّفك.
– يمكن أن يساعدك أيضًا بتقبُّل المرض الحاصل، ومواجهة المشاعر التي يمكن أن تمنعَ تحسنَ الأعراض مع اكتساب فهمٍ أفضلَ لكيفية تأثير سلوكك على الحالة.
٢. العلاج بالتدريب التدريجي (GET) Graded exercise therapy هو برنامج تمارين منظم يهدف إلى زيادة المدّة التي يمكنك خلالها ممارسة النشاط البدني تدريجيًا. عادةً ما يتضمن تمرينًا يرفع معدّلَ ضربات قلبك مثل السباحة أو المشي، ويتم تكييف برنامج التمرين الخاص بك مع قدراتك البدنية.
يجب أن يتم إجراء هذا العلاج فقط بمساعدة أخصائي مدرب لديه خبرة في علاج CFS / ME.
٣. العلاج الدوائي:
– قد نحتاج إلى الأدوية في تخفيف الصداع وآلام العضلات والمفاصل، وقد تتم إحالتك إلى عيادة إدارة الألم إذا كنت تعاني من ألم طويل الأمد.
– يمكن أن تكون مضادّاتُ الاكتئاب مفيدةً للأشخاص الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن والذين يعانون من الألم والصعوبة في النوم.
– في حالة الأمراض المناعية الذاتية كالداء الرثياني وداء جوغرن يعتمد العلاج على الأدوية المعدّلة للمناعة وعلى رأسها الكورتيزون.
٤. تغيير نمط الحياة:
– بالإضافة إلى العلاجات الخاصة، يمكن أن يساعد إجراء تغييراتٍ في نمط الحياة أيضًا.
– من المهم أن تأكلَ بانتظام وأن تتبع حميةً صحيةً ومتوازنة، وإذا شعرت بالغثيان فقد يساعدك تناول الأطعمة النشوية وتناول وجبات قليلة عدة مرات، واحتساء المشروبات ببطء.
– إذا لم ينجحْ ذلك.. عندها يمكن وصف الدواء.
– لا يُنصح بالأنظمة الغذائية التي تستبعد أنواعًا معينةً من الأطعمة، كما لا توجد حاليًّا أدلة كافية للتوصية بالمكمّلات الغذائية مثل فيتامين B12 أوفيتامين C أو المغنيزيوم.
٥. النوم والراحة والاسترخاء:
– يجب أن تحصل على نصائح عن نمط النوم الطبيعي، حيث أن الإفراط في النوم لا يؤدي إلى تحسين أعراض متلازمة الإجهاد المزمن عادةً، ويمكن للنوم أثناء النهار أن يمنعك من النوم ليلاً.
– إذا كنت تعاني من متلازمة التعب المزمن وتحتاج إلى قضاء الكثير من وقتك في السرير، فقد يتسبب ذلك في حدوث مشاكل كالجلطات الدموية وقرحات الانضغاط.
– يجب شرح هذه المشكلات وكيفية تجنبها لك ولمقدمي الرعاية من قبل الطبيب.
٦. تشمل الطرق الأخرى لتدبير التعب المزمن ما يلي:
– التغييرات في مكان عملك أو دراستك، عندما تكون جاهزًا وبصحة جيدة للعودة إلى العمل أو الدراسة.
– قد يزيد ممارسة التمارين الشديدة غير المُراقَبة مثل الذهابِ إلى صالة الألعاب الرياضية أو الجري الأعراض سوءًا (لتكن ممارسة الرياضة في هذه الحالة تحت إشراف طبيب متخصص)
سلِمتم من كورونا ودمتم بعيدين عن تعبها الطويل.. دمتم بصحة وعافية.