ما أهم الفروقات بين تفكير : الإنسان الخبرة في الحياة (35 فما فوقها) والإنسان فيما قبل ذلك (15 إلى 34) ؟؟
الخبرة نوعان ..
1- خبرة متعلقة بالسن :(لكثرة ما يمر به من مواقف الحياة ومعرفة الناس والأخطاء التي يتعلم منها) – ولذلك كان سن رسالات الرسل والوحي غالبا أربعين سنة كما ذكر بعض المفسرين – فهذا السن (الأربعين وما حولها) سن استيفاء الخبرات اللازمة للحياة حيث يكون قد مر الإنسان بمعظم ما يمكن أن يمر به من تقلباتها ومواقفها – لذلك فهو أنسب سن كذلك لشكر نعم الله والاستعداد لمقابلة الله والدعاء للذرية وعقبه من بعده – يقول عز وجل في سورة الأحقاف : ” حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ” .
2- خبرة متعلقة بالممارسة : (أي كثرة العمل والتطبيق لمهنة أو وظيفة أو مهارة معينة) – وهذه لا يُشترط فيها السن أو العمر – فقد تجد شخصا كبير السن ولكن لا خبرة له في الهندسة مثلا – بعكس شاب حديث التخرج وله خبرة في الهندسة من كثرة ما تعلمه ودرسه ومارسه فيها – وهكذا .. ومن هذا القبيل يأتي اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الشباب وتوليتهم مسؤوليات كبيرة في حياته .
وأما عموما :
فعمر المراهقة والشباب : يتميز بالاندفاع ومثالية التفكير وتغليب حسن الظن على الحذر والاحتياط وتسوقه أحيانا كثيرة الرغبة في التغيير والرغبة في التميز وإثبات الذات والإنجاز – ولكنه في سبيل كل ذلك قد يرتكب أخطاء بحكم غياب الخبرة – نعطي مثالا : نريد أحد الأعمال التطوعية التي لا تتجاوز ساعة عمل متواصلة لكن يمكن تأديتها بصورة متفرقة في خلال اليوم – فيقوم أحد الشاب بطلب شاب ليتطوع للعمل لمدة 4 ساعات يوميا !! حيث قام بجمع الساعة إلى ما قد يتخللها من أوقات أخرى ليخرج بهذه الصيغة في الإعلان للأسف !! وبذلك لم يتقدم أحد – بل وقد ترك انطباعا أن العمل المطلوب هو عمل مرهق جدا ومتعب لا يناسب أغلب ظروف الإنسان في يومه وانشغالاته .
وأما سن أو عمر الخبرة هموما (حتى لو خبرة مبكرة) : فيتميز برؤية الأمور بشكل أوضح وغالبا على حقيقتها أو على ما يخفى منها وراء الأحداث أو المستقبل – حيث يكون غالبا قد رأى الكثير من الأمور وما تؤول إليه – بعكس صغير السن الذي لا يعرف ما تؤول إليه أكثر الأمور بعد – وبذلك نرى في الخبرة : الروية والتأني والحلم وتلمس الأعذار للآخرين – بل ويمكن أن تتسم كذلك بإنكار الذات أو الإنجاز الشخصي في سبيل تحقيق إنجاز جماعي (فالغاية عنده تكون أهداف أكبر وأعقد) – كما أن خبرته بنفوس الناس وقدراتهم تصب لصالح صحة قراراته غالبا – فإذا عدنا لمثال طلب عمل التطوع – نجد أن صاحب الخبرة يعلم ظروف الناس عموما والشباب خصوصا : فلن يذكر في الإعلان إلا ما يتطللبه العمل بالضبط وهو ساعة في اليوم متقطعة أو متصلة – وهكذا يضمن تفاعل اكبر عدد ممكن من المتطوعين مع الإعلان أو الطلب – فالأول ساقه الاندفاع والحماس دون أن يتوقف قليلا عند صيغة الطلب – والثاني راعى ظروف الناس والشباب وتفكيرهم فوضع ما يناسب تفاعلهم معه.