#منكوشات_تطورية – ما مدى دقة الاعتماد على المواد المشعة في قياس عمر الأشياء والكائنات الحية ؟ (الأمثلة في آخر الفيديو صادمة بحق !! )
ولكن قبل البدء : ما سنشاهده ونقرأه الآن لا علاقة له بالقول بأن عمر الأرض 6 آلاف عام أو غير ذلك من التقديرات – حيث لم يثبت من ذلك أي دليل قاطع علميا – وكذلك في الإسلام لا يوجد نص صريح في عمر الكون والأرض والإنسان إلا اجتهادات من بعض العلماء
————————–
من المعلوم أنه قبل داروين بأكثر من قرن وقد انتشرت الأفكار المادية والإلحادية والتطورية (كانوا يسمونه التحول بدلا من التطور) وقد أشار داروين إلى الكثير من هذه الكتابات والأفكار في كتابه أصل الأنواع – حتى أن إرازموس داروين (جد داروين) كان له نصيب من تلك الكتابات كما أشرنا من قبل
ومن هنا نعرف أن القول بالقدم المفرط للكون والأرض قد اكتسب الصبغة العلمية منذ القرن 18 ليتسمى بنظرية (الوتيرة الواحدة) Uniformitarianism – وأما في القرن 19 فقد ظل معظم العلماء المتأثرين بهذه الفلسفة يبحثون عن طرق قياس لأعمار الأرض والكائنات بحيث تعطي أرقاما هائلة وقديمة جدا تتناسب مع هذه الفكرة !! أو على الأقل لا تنضبط بضوابط يقينية لكي تتيح الفرصة للخطأ المتعمد
فطرق قياس أعمار الأشياء كثيرة جدا أكثر مما يتخيله البعض – فمنها مثلا طرق تتعلق بنوعية كل شيء مراد قياسه – وذلك مثل الأشجار عن طريق قياس عدد وشكل حلقات مقطعها الأفقي .. وهكذا ….
وإلى أن توصل التطوريون في القرن العشرين إلى طريقة توافق ما يريدون تماما وهي استخدام (الإشعاع المنبعث) لبعض المواد المشعة في القياس – حيث يتم حساب التغير في نسبة إشعاعها مع الوقت بمعادلات وعلاقات معينة سنعرفها بعد لحظات : ثم يستنتجون على ضوءها أعمار الأشياء – ومن أشهرها طريقة الكربون 14 المشع –
وبحلول عام 1984م تم اختيار 500 قياس زمني فقط من أصل 300.000 قياس : لأنهم هم الذين يُعطون نفس النتائج الهائلة والقديمة جدا في الأعمار !! (أي تم اختيار ما نسبته 1 إلى 600 واستبعاد الباقي)
———————-
ولنأخذ مثالا وهو قياس العمر بواسطة إشعاع الكربون 14 لنفهم (وهي الطريقة المتبعة مع الأشياء العضوية مثل أعضاء وعظام الكائنات الحية وكذلك النباتات والأشجار) وأما الأشياء غير الحية فلها مواد مشعة أخرى كما سنرى
حيث تصطدم الأشعة الكونية cosmic rays بالغلاف الجوي للأرض باستمرار .. مما ينتج عنه أشعة كونية ثانوية في شكل نيوترونات تحمل طاقة حركة : تصطدم هذه النيوترونات بذرات النيتروجين 14 والمكونة من سبع بروتونات وسبع نيوترونات في النواة – فينتج عن هذا التصادم ذرة كربون 14 والمكونة من ستة بروتونات وثمانية نيوترونات : وتتحرر ذرة هيدروجين واحدة : والمكونة من بروتون واحد فقط في نواتها
وتعتبر ذرة الكربون 14 ذرة غير مستقرة (وغير المستقر سيظل يشع إلى أن يصل إلى الاستقرار) وذلك لأن عدد بروتوناتها لا يساوي عدد نيوتروناتها .. وهي لذلك تضمحل (أي تشع) باستمرار بفقدان أشعة بيتا – ومن هنا جاء تسميتها بـ (الكربون المشع) .. والذي له عمر نصف (أي العمر اللازم لكي تقل كمية النشاط الإشعاعي إلى النصف) يساوي : 5730 سنة ..
حسنا …. وما علاقة كل ذلك بقياس عمر الأشياء والكائنات الحية ؟
يحتوي الغلاف الجوي للأرض على غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 والذي واضح من اسمه أنه يحتوي على الكربون C .. وهذا الكربون يكون على 3 صور :
الكربون 12 و 13 (وهؤلاء مستقرين تقريبا) والكربون 14 (المشع) ..
أما بالنسبة للكائنات الحية : فمعلوم أن النباتات في عملية التمثيل الضوئي تمتص ثاني اكسيد الكربون من الهواء لتخرج لنا وللحيوانات الأكسجين الذي نتنفسه – ويبقى الكربون فيها – ثم عندما يتغذى الإنسان والحيوان على النباتات فإن هذا الكربون ينتقل إليهم
وتعد نسبة الكربون العادي إلى الكربون المشع ثابتة في الهواء (من المفترض) وكذلك في النبات طول ما يقوم بالتمثيل الضوئي – واما في الإنسان أو الحيوان فهي ثابتة كذلك طول ما هما يحصلان على الغذاء من النباتات لأن المفقود يقابله كربون مشع جديد مع الأكل وهكذا ..
ولكن عند الموت وتوقف الأكل والغذاء : تبدأ النسبة بين الكربون المستقر والكربون المشع في الإنسان والحيوان بالاختلاف .. وذلك لأن الكربون المشع الذي يضمحل : لم يعد يقابله كربون مشع جديد داخل من الغذاء ليحافظ على النسبة مع الكربون العادي المستقر – وهذا ما سيقيسه العلماء لمقارنة نسبة إشعاع الكربون 14 في الجسم او الشيء لمعرفة كم مر عليه من الزمن – وهناك معادلة شهيرة وهي :
t = [Ln (Nf/No) / (-0.693) ] x t1/2
حيث Ln هي دالة اللوغاريتم الطبيعي – Nf/No هي النسبة بين كربون 14 في العينة إلى الجسم الحي – وt1/2 هو عمر النصف للكربون 14 = 5730 سنة
وبذلك فإنه – نظريا – يمكن للكربون 14 قياس عمر أشياء من 5 آلاف إلى 50 أو 60 أو 70 ألف سنة على الأكثر – وإليكم فترة عمر النصف لعدة مواد مشعة أخرى :
البوتاسيوم 40 : وعمر نصفه 1.3×109 سنة
اليوراتيوم 238 : وعمر نصفه 4.5×109 سنة
الثوريوم 232 : وعمر نصفه 14×109 سنة
الرابيديوم 87 : وعمر نصفه 49×109 سنة
——————-
والآن …….. ما هي عيوب هذه الطريقة سواء كربون 14 أو غيره ؟
إن تقدير الأعمار باستخدام المواد المشعة قد يكون تأثر بعد العام 1940م !!! وهو تاريخ اكتشاف القنابل النووية والمفاعلات الذرية والتي أنتجت التجارب عنها وانفجاراتها تغييرا لنسبة العناصر المشعة الموجودة في الطبيعة – مما أحدث خللا مثلا في النسبة الطبيعية بين الكربون 12 والكربون 14 !!!
بل وهناك من الباحثين مَن يرى أن دقة الكربون المشع آخرها لـ 50 ألف سنة مضت فقط !! هذا ولا يوجد بعد إحصاء شامل لتأثير التطور البشري في الأجهزة والمعدات والانبعاثات الغازية على دقة كل ذلك في الجو والكائنات والتربة والجبال !!
وكذلك لا زال يؤكد فريق آخر من العلماء أن معدل حياة الكربون 14 أصلا غير محدد بدقة تامة يقينا بعد !! حيث تم العثور على 20 قيمة مختلفة لمعدل عمر الكربون 14 في الأبحاث العلمية !! ومنهم مَن ذهب إلى أن القيمة الحقيقية ما زالت مجهولة !! وظهرت أبحاث معنية بهذا الأمر اختلافات في قيمة العمر النصفي للكربون 14 بين المؤسسات العملية !!
يمكن الاطلاع هنا للاستزادة :
Taylor & Bar-Yosef (2014), p. 288
ومن المعروف أيضا أن التربة المحيطة بالعينات والمياه والنباتات ومخلفات الحيوانات : من شأنها تلويث عينات الكائنات الحية المطمورة والمدفونة فيها ولذلك فكثيرا ما تتداخل معها في القياس لتعطي اعمارا أقدم أو حتى أحدث بكثير !!
ومما يزيد الأمر سوءا أن العناصر غير الحية يستحيل قياس عمرها بصورة يقينية مقارنة بالحية !!
ورغم أن طريقة تحديد العمر اشعاعيا هي طريقة دقيقة نظريا إذا تحققت : إلا أن هذه الدقة ستعتمد أساسا على التكنولوجيا والطريقة المستعملة في القياس !! والمشكلة هنا ان بعض النتائج تتغير على نفس العينة إذا تم استخدام طرق قياس مختلفة !! كما أن مدة مكوث العينة نفسها في الجهاز قد يزيد أو يقلل من درجة دقة تحديد العمر
أيضا هناك مشكلة الجهل بالنسبة الأصلية للذرات المستقرة وللذرات بعد الإشعاع – أو ما يسميه العلماء الجهل بتراكيز عناصر الأم والبنت عندما كانت المادة في مرحلة التكون !! (مقصود الأم هو حالة الذرة الأصلية – والبنت : الحالة بعد الإشعاع) أو بصيغة أخرى الجهل الكبير بمراحل تكون غازات الأرض في الماضي على وجه اليقين ! هل كانت نسبة اكتساب أو فقد المواد المشعة ثابتة أم متغيرة أم لها علاقة بيانية لا نعرفها بعد !!
مثال :
معلوم أن جسم الإنسان ينمو في طفولته وشبابه أسرع من فترة الرجولة والكهولة – والآن : تخيلوا أن شخصا لا يعلم هذه المعلومة وأمامه رجل عجوز : فقام بقياس معدل تجدد خلاياه ونموه البطيء : ثم قام بتعميمه على عمره السابق ظنا منه أنه معدل ثابت – وبهذا سيحصل على عمر أكبر للرجل العجوز في الماضي !!
كذلك هناك الجهل بكمية عناصر الأم أو البنت التي تسربت من المادة بعد موتها أو حتى التي أضيفت إلى المادة خلال عمرها لأي سبب كان غير معروف – مثل التعرض لأنواع معينة من الإشعاعات أو ما يؤثر على ذرات الجسم المستقرة أو المشعة !!
أيضا وجود نظائر معينة في النموذج والتي لها عدد كتلي مساوي للعدد الكتلي لنظائر الأم والبنت سوف يؤثر على دقة القياسات في جهاز قياس الطيف الكتلوي. وفي هذه الحالة يجب أن تُصحَح القياسات المأخوذة لتقليل تأثير العناصر الأخرى التي لها نفس الوزن (عدد الكتلة).
كذلك يمكن أن يتعرض جهاز قياس الطيف الكتلي للكثير من التأثيرات العرضية. فهذا الجهاز يجب أن يكون مفرغا من الهواء vacuum !! حيث أن جودة ونوعية التفريغ هي من أهم العوامل التي تؤثر على القياسات. وذلك لأنه إذا كان الفراغ vacuum في الجهاز غير كامل (وجود غازات) فإن الذرات المتأينة تُستقبل من قبل جزيئات هذه الغازات : بدلاً من أن تستقبل في كؤوس فاراداي لقياسها !!
كذلك جودة نوعية المستقبلات : ذات تأثير كبير على دقة القياسات – ولذلك يكون التقدم هو في استحداث أجهزة فائقة التقنية لها مستقبلات ذات نوعية ممتازة.
جدير بالذكر أنه في اختبار علمي تم نشره في 16 أغسطس 1963م لقياس عمر حيوان رخوي حديث من خلال فحص قوقعته بـ (الطرق الإشعاعية) : أعطت النتائج 3 آلاف عام !! الجميل والمضحك هنا هو أن المجلات العلمية ساعتها رسمت كاريكاتيرا لإحدى المحارات وهي تصرخ وتقول :
” أنا حيـة ” !! وحولها العلمـاء يتدارسون ويتناقشون هل عمرهـا 5 مليون أم 6 مليون سنة ” !!
وكذلك الدكتور التطوري جيفين وايتلو Gavin Whitelaw كان قد نشر بحثـا له بخصوص إنسـان الزنجانثروباص (أحد الحلقات المفقودة المزعومة بين الإنسان وسلف القرود) والذي أعطاه فيه عمرا بحوالي 2 مليون سنه – ولكن عندمـا أُعيد البحث عليه بالصدفة مرة أخرى وجدوا أن عمره لا يتجاوز 10 آلاف سنه !!
Whitelaw :- MIDDLE STONE AGE RESEARCH AT SIBUDU CAVE, 341
وفي المقابل : يمكننا رفع دقة قياس العمر بالاشعاع عن طريق أخذ عينات من أماكن مختلفة من النموذج المراد تقدير قِدَمه (عُمْره) لأنه إذا فرضنا أن جميع أجزاء العينة لها نفس العمر فيجب منطقيا تعطي كافة القياسات نفس الزمن (العمر) isochron.
ويمكن مقارنة نتائج فحص نظامين نظائريين مع بعضهما في حالة تواجدهما معا في نفس العينة وذلك للتأكد من دقة القياسات.
——————-
واحد من أشهر مَن أبرزوا مشاكل الأعمار القديمة بالمواد المشعة لعلماء التطور والجيولوجيا هو العالم السويدي ماتس مولين Mats Molén – ورغم أن الرجل يتحدث من واقع خبرته في الجيولوجيا إلا أن التطوريين لا يجدون ما يشوشوا به على كلامه إلا حجتهم السخيفة والضعيفة المعتادة أنه (خلقي) ويريد إثبات صغر أعمار الأرض والكائنات لتوافق الكتاب المقدس !! إذن : أين الرد العلمي ؟ لا يوجد !!
فمثلا ولكي يوضح ماتس مولين مدى لامعقولية هذه الطرق : فهو يطلب منهم أن يذهبوا إلى جبل ذي عمر معروف – مثل بعض الجبال البركانية التي ظهرت حديثا منذ 200 عام مثلا – ثم قياس عمر تلك الجبال بهذه المقاييس التي اعتمدوها : لنرى المفاجأة وهي تسجيل أعمارا لهذا الجبال تفوق ملايين السنين !! مع أننا موقنين بأنها تشكلت فقط قبل 200 عام !!
مثال آخر :
وهو عن طريقة تحديد العمر على أساس تراكم الأملاح المعدنية في المحيطات ، حيث لا يتم الوضع في الاعتبار أن أملاحا مختلفة تتداخل مع المقاسات فتتبدل الأعمار من 80 سنة إلى : 62 مليون سنة !!
المرجع :
“تراكم الأملاح المعدنية في المحيطات” من كتابه : أصولنا، ص 124
المرجع بالسويدية :
“Anhopning av metallsalter i världshavet”, VÅrt Ursprung, s. 124
ولذلك يذكر ماتس مولين أن بعض هذه الطرق يُعطي أعمارا للأرض ليست 4.6 مليار سنة فقط – كما يقولون اليوم – ولكن : 34 مليار سنة رغم أن عمر الكون نفسه أقل من 14 مليار سنة فقط بقياساتهم !!
ونكتفي بهذا القدر لإفساح المجال للفيديو
#الباحثون_المسلمون