ما هي حقيقة الكيمتريل Chemtrail ؟ هل هو مؤامرة فعلا للتحكم في الظواهر الطبيعية للأرض ؟ أم هو هندسة مناخية لإنقاذ الأرض ؟؟
قبل البدء : نود أن نشير إلى أننا لسنا فريق مخابرات أو فريق جنائي أو عمل تقصي بين المسؤولين والوزراء – لذلك سيبقى جزء من الموضوع مفتوحاً للجدال حوله ولن تكشفه إلا الأيام، ولكننا سنكتفي فقط بذكر ما نعرف:
معظمنا شاهد أو يشاهد في السماء من الحين للآخر طائرات لها أثر دخاني أبيض طويل – وقد يمكث في السماء بالساعات إلى أن يتبدد
هذا المشهد يجسد لنا معنى الكيمتريل Chemtrail
فالنصف الأول من الكلمة يعني كيمياء (كيم Chem)
والنصف الثاني منها يعني الآثر (وهو هنا الذيل الدخاني تريل trail)
والمشكلة هنا هي :
ماذا في هذه الأدخنة البيضاء ؟
هل هي مجرد ذيول لمحركات هذه الطائرات ومنها طائرات نفاثة ؟
أم هي بالفعل تحوي موادا كيميائية ؟
ولو كانت مواداً كيميائية : فهل هي لأغراض سلمية لتحسين الجو ؟
هل هي للتأثير على الزرع ؟
أم هي مشروع أمريكي للتحكم في الأعاصير والمطر والزلازل ؟!!
أم الأمر كله مجرد خيال من خيالات نظرية المؤامرة ؟
لنحاول أن نرى معاً …..
وهي معلومات هامة جدا قبل أن نتحدث أصلا عن أي شيء له علاقة بالكيمتريل أو التأثير على مناخ الأرض – ألا وهو الهندسة المناخية أو الهندسة الأرضية geoengineering أو التغيير المناخي climate intervention
حيث ظهرت الحاجة لهذا النوع من التخصص نتيجة زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري أو الاحترار العالمي في الأرض (أي زيادة درجة حرارة الجو) والتي تتسبب في الاضطرابات المناخية من فيضانات وسيول وأعاصير مما يؤثر سلباً على الكائنات الحية – والأخطر : زيادة ذوبان الجليد في القطب المتجمد والتي ستغرق مساحات شاسعة من الأراضي الساحلية في شتى مدن العالم مما سيتسبب في وفاة وتهجير الملايين.
فالرقم الموضوع لهذه الزيادة المتوقعة في حرارة جو الأرض هو (7 درجات مئوية) لتقع تلك الكوارث من ذوبان الجليد ونحوه – في حين تم تسجيل إلى الآن زيادة 2 درجة) فقط بسبب انتشار الصناعات وعوادمها في العالم منذ عصر التصنيع كما أعلنتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية :
Press Release No. 1002 – For use of the information media – Not an official record
الرابط : هنا
إذن نحن أمام مشكلتين رئيسيتين تتسببان في ارتفاع درجة الحرارة وهما :
1- حرارة الشمس المتزايدة.
2- نسبة ثاني أكسيد الكربون على الأخص لحراريته في الجو.
ولذلك فإن الهندسة المناخية تهدف إلى غايتين رئيسيتين وهما :
لا شك أن هدفاً عالمياً مثل ذلك (وهو تلافي تلك الأخطار التي لن تفرق بين دول ودول وخصوصا في غرق المدن الساحلية وأطراف البلاد المطلة على الماء) لا شك أن ذلك يستلزم تعاونا دوليا
ولكن أول مؤتمر دولي للهندسة المناخية رسميا كان العام الماضي في 2014 في برلين شهر أغسطس :
CLIMATE ENGINEERING CONFERENCE 2014
الرابط : هنا
ولا يعني ذلك أنه لم يتم العمل على هندسة المناخ إلا منذ عام !! بالطبع لا .. وإنما الموضوع قديم لعشرات السنين من النصف الثاني من القرن الماضي – وعلى الأخص روسيا والصين وأمريكا) مع أول أفكار التحكم في الطقس عن طريق (استمطار السحب)
وسواء كان الاستمطار (والذي سنتحدث عنه بعد لحظات) – أو أغراض هندسة المناخ التي تهدف لتقليل احترار الجو أو الاحتباس الحراري : فإن ذلك اعتمد على أكثر من طريقة ، منها ما تم تنفيذه ومحاولة تجربته بالفعل – ومنها ما ينتظر لتكلفته العالية
فمما تم تنفيذه :
رش أسطح مياه المحيطات والبحار بمواد تعمل على زيادة كثافة الطحالب ونموها (مثل كبريتات الحديد أو الفسفور أو بعض الأملاح الغذائية) – مما يعني تنفسها على مساحة واسعة (والتنفس مثل النباتات : يأخذون ثاني أكسيد الكربون من الجو ويعطون الأكسوجين)
ومنها محاولات التأثير على الجو نفسه – إما بعمل غيوم معتمة في طبقات الجو العليا لحجب كمية كبيرة من ضوء الشمس (ويسمونها بالبراكين الصناعية نظرا لتقليد الغيوم المعتمة التي تتولد عن البراكين) ويكون ذلك عبر نشر كميات كبيرة من جزيئات وأملاح الكبريتات الدقيقة بواسطة الطائرات أو الصواريخ أو البالونات الهوائية وتحديدا في طبقة عالية مثل طبقة الستراتوسفير
وإما محاولة تكثيف السحب نفسها برش مواد معينة أيضا في المكان وهكذا – طبعا هناك أفكار أكثر خيالية ولم تنفذ مثل عمل عاكسات كبيرة للشمس على ارتفاعات معينة لتبديد الأشعة والحرارة –
ولكن الحل العملي والسلمي والأفيد هو محاولة استغلال طاقة الشمس نفسها في توليد الكهرباء وتشغيل المصانع بما يتم التقليل معه أو الاستغناء عن طرق الطاقة التقليدية التي تتولد عنها العوادم وثاني أكسيد الكربون
فإذا نظرنا في هذه الطرق التي بدأت من الثلث الأخير في القرن الماضي : سنجد أن أغلبها كان لا يأتي بنتائج مرجوة أو سريعة : إلا التي تستخدم الطائرات أو الصواريخ أو البالونات الهوائية لأنها تؤثر مباشرة على طبقة الجو المرادة برش أو نشر المواد المحددة للتأثير المعين (هي تشابه عملية رش الطائرات للمزروعات والمبيدات لمَن لا يعرف)
وهنا نأتي للجزء المشوق والذي يحبه أغلب الناس وهو : هل هناك مؤامرة عالمية للتحكم في المناخ ؟
الحقيقة أنه رغم وجود مؤامرات كثيرة بالفعل وتخطيطات سواء أمريكية أو إسرائيلية أو من دول أوروبا أو غيرها على مشاريع مشتركة للإضرار ببلاد معينة أو فئات معينة من الناس : إلا أن المبالغة في هذا الأمر وبغير أدلة حقيقية ليس من الحكمة في شيء !!
وخصوصا : عندما نجد ثغرات كبيرة عقلا كما سنذكرها الآن
فنظرية المؤامرة هنا تتدخل وتنتشر في الإنترنت على مئات أو آلاف المواقع لتقول أن :
أمريكا – ونتيجة مشروع تقدمت به للأمم المتحدة لتولي حماية الأرض من الاحتباس الحراري بتكفلها برش غاز الكيمتريل في كل البلدان باستخدام طائرات مدنية : تقوم بوضع مكونات ضارة في هذه الغازات للتلاعب في جو هذه البلدان !! وعلى هذا :
يتم نسبة بعض الحوادث والكوارث والظواهر في السنوات الأخيرة إلى هذه المؤامرة الأمريكية مع مشروع هارب HAARP للتركيز على أي بقعة من الأرض !!
الثلج في إيران – في السعودية – مجاعة كوريا الشمالية وقلة الأمطار – إعصار جونو الذي ضرب الأردن بدلا من إيران نتيجة أخطاء حسابية من الأمريكان وإسرائيل – زلزال هاييتي !! – تحول أسراب الجراد للمرور بشمال أفريقيا ومصر – ارتفاع درجات الحرارة الكبير في الصيف – البرودة الشديدة الكبيرة في الشتاء … إلخ !
وإليكم تقييمنا العقلي والعلمي والموضوعي :
1- لو كان هذا الأمر حقا وتوصلت أمريكا لمثل هذا التحكم : لكان الأولى بها أن تمنع عن نفسها الكوارث الكثيرة التي تضربها سنويا !!
فهناك أعاصير تضرب البلاد الأمريكية (وكان أشهرها الدمار الشامل في تكساس وأوكلاهوما مؤخرا) !! ولعلكم تسمعون (كل عام) عن إعصار ساندي !!! وغيرها الكثير من الكوارث التي تقع في أمريكا بدون أي تغيير ومثلها مثل باقي دول العالم : فلماذا لم تفلح في نفع نفسها أو دفع الضر عنها ؟!
2- ولو كان ذلك كذلك (مثلا القدرة على تجميع السحاب للمطر أو تشتيته للجفاف) لكنا رأينا أيضا أثر ذلك في أمريكا نفسها وفيها مساحات شاسعة من الأراضي الجافة والصحراوية !! أفما كان من الأعقل استغلالها وكانت تدر عليهم المليارات من الزراعة ؟!
(وسوف نرى بعد قليل فشل موضوع الاستمطار الصناعي)
3- ولو كان الأمر بهذه الصورة : فهل تواطأت (كل) حكومات العالم مع أمريكا لتضرب نفسها بنفسها وشعبها بنفسها وتتكبد ملايين الخسائر أو المليارات أو على الأقل تفضح نفسها أمام شعوبها من سوء خدمات تصريف المطر أو السيول أو التعامل السيء مع الكوارث والتعويضات إلخ إلخ إلخ ؟!
يعني سنفترض بالفعل أن من الحكومات من يعبد المال والرشاوي : فهل تتحمل كل هذه الحكومات الضغط الهائل من شعوبها نتيجة هذه الكوارث ؟ هل ستقف أمام الاستجوابات ؟! هذا شيء عجيب تخيله !
وخصوصا أن المبالغات والشائعات وصلت إلى نشر الطائرات للفيروسات والحرب البيولوجية !!
كل هذا والحكومات متواطئة ؟!! عجيب ! يقتلون أنفسهم مثلا ؟!
4- الجميل أنه هناك جمعيات بالفعل أنشئت في بعض الدول الأوروبية للمطالبة والمساءلة للحكومات عن طبيعة المواد التي يتم نشرها عبر بعض الطائرات بالفعل – وهذا مثال نخرج منه بفائدتين :
الأولى : أننا لا ننفي أنه هناك مواد يتم نشرها بالفعل بمعرفة الحكومات (ولكن لا نستطيع أن نفترض سوء الظن فيها مقدما بغير دليل) والفائدة الثانية : أنها مثال عملي على يقظة الشعوب وإحراجها للحكومات لو كان هناك ما يمكن أن يدينها بالفعل بالتخريب المناخي او الإفساد
5- ولاحظوا هنا أننا نتكلم عن (كل) بلاد العالم تقريبا ومنها ما هو أصلا ضد أمريكا (مثل كوريا الشمالية وروسيا والصين وإيران) !! فهل يُعقل أن تسمح مثل هذه البلاد (وغيرها) لطيران أمريكي أو تابع لأمريكا بالمرور في أراضيها ليرش مواد لا يعرفونها ؟!
6- وأما الأعجب فهو محاولة حساب تكلفة مثل هذه الرحلات سنويا !! إنها مليارات وخصوصا أنه لا مقابل مادي لها !! يعني مثلا هي ليست مثل رحلات الطيران التي يتم تعويض نفقاتها بما يدفعه الركاب !!
7- فهناك كوارث كبيرة جدا مرت على البشرية منذ آلاف السنين وفي شتى بقاع العالم – وحتى في القرن الماضي فقط هناك كوارث رهيبة من زلازل وبراكين وأعاصير وتسونامي راح ضحيتها مئات الملايين (يمكنكم البحث في الإنترنت مثلا عن : أقوى زلزال – أقوى بركان إلخ ) !! ولكن لم يكن الإنترنت موجودا مثل اليوم لينشر الأكاذيب والتهويلات والإشاعات لتتكاثر بشكل خرافي !!
8- وأخيرا وليس آخرا : لاحظوا كيف أن الناس البسطاء ولفهمهم لمعنى (مؤامرة) : صاروا لا يقرأون ولا يبحثون عن الأسباب (العلمية) لهذه الكوارث أو أسباب بعض الوقائع : فضلا عن مواجهة حكوماتها بالفشل في التدابير الأمنية أو الوقائية أو حسابها (مثلا مشكلة سوء تصريف الأمطار أو السيول أو تلافي الفيضانات) !!
وصار أسهل شيء وأقربه لعقول العامة والبسطاء هو : الكيمتريل !!
الكلمة السحرية التي صارت تفسر أي كارثة ولو وقعت في بلاد الواق الواق !! وكله يندرج تحت القدرات الخرافية التي ألصقوها بالكيمتريل :
زلزال ما في إشكال !! إعصار لا يضر !! بركان ممكن أيضا !! تسونامي ممكن كذلك !!
وهي نقطة هامة جدا أيضا – حيث مع تأكيدنا على أن هناك بالفعل طائرات ترش بعض المعالجات الكيميائية في البلدان (وهذه يُسأل فيها المسؤولون والوزراء والموظفين المختصين عن طبيعتها بالضبط حتى لا نسيء الظن مقدما) : إلا أن هناك مبالغات بالفعل في زعم أن كل أثر لطائرة هو كيمتريل !! وهذا غير صحيح
فضلا عن أن صنع أشكال كثيرة ومبالغ فيها ومتداخلة من آثار الطائرات في السماء صار في متناول برامج الجرافيك والصور بل والفيديوهات !
والحقيقة :
أنه معلوم اختلاف محركات الطائرات ، حيث منها ما يترك خلفه دخانا (كثيفا أو خفيفا) – ومنها ما لا يترك
وأما الذي يترك خلفه دخانا – فقد يتبدد بعد قليل من الوقت إذا كان الجو صافيا – أو يستغرق وقتا أكبر أو أطول إذا كانت هناك برودة ملحوظة في الجو وخصوصا على الارتفاعات الكبيرة حيث تقل درجات الحرارة
هذا موقع كامل باسم Contrail Science
وهذا رابط منه يوضح أن أكثر الأفكار المنتشرة عن الفرق بين أثر الطائرة وأثر الكيمتريل هي خاطئة – وأن أثر الطائرات أيضا يمكنه أن يبقى عالقا لفترة في الهواء – ويمكنه أيضا أن يتشتت وينتشر قليلا على حسب طبيعة الهواء الذي مرت به الطائرة
عنوان الموضوع :
” لماذا تترك بعض الطائرات أثرا خلفها وبعضها لا ” ؟
Why do some planes leave long trails, but others don’t
الرابط : هنا
وستجدون فيه أمثلة مع ذكر اسم الطائرات ونوعية محركاتها
هذه المسألة بدأت في الشهرة من الربع الأخير تقريبا من القرن الماضي – وكانت تسمى ببذر السحاب cloud seeing
وأغلب ما يُشاع عن نجاح لها :
إما هو تهويل وكذب
وإما كان بالصدفة على غير تخطيط موافق لما أرده صانعوه
وإما كان العمل على مساحات شاسعة جدا (مثل الصين مثلا) فأينما نزل مطر فسيعدونه نجاحا حتى لو كان في أماكن غير التي حددوها وكما حصل في أمريكا وتم مقاضاتهم في قضايا شهيرة آنذاك
وأما الذي لا يعرفه أكثر الناس للأسف (وهو فرق جوهري بين ما وصفه الله تعالى بالغيث في قرآنه : وبين المطر الذي قد يحمل الوبال أو العذاب أو الأمراض) : هو أن الطرق المتبعة لاستمطار السماء لا تخلو جميعها من مواد سامة أو مسرطنة أو ضارة بالصحة !!
مثلا مادة يوديد الفضة – وهي من أخطر المواد المستخدمة في عمليات بذر السحب cloud seeing أو الاستمطار كما في الموضوع التالي :
هل بذر السحاب خطر على الصحة ؟
Is Cloud Seeding a Health Risk
الرابط : هنا
إذ نقرأ مثلا فيه :
” ففي إطار المبادئ التوجيهية لقانون المياه النظيفة من قبل وكالة حماية البيئة، يعتبر يوديد الفضة مادة خطرة، ومن الملوثات ذات الأولوية، وكذلك ملوث سام ”
Under the guidelines of the Clean Water Act by the EPA, silver iodide is considered a hazardous substance, a priority pollutant, and as a toxic pollutant
وأما عن وقوع الأمطار صدفة وليس من نتيجة تجاربهم – فنقرأ في الموضوع التالي من الساينس ديلي :
” بذر السحاب ليس فعالا في إنتاج المطر كما يظن البعض : أبحاث جديدة وضحت ذلك ”
‘Cloud seeding’ not effective at producing rain as once thought, new research shows
الرابط : هنا
وفيه نقرأ :
” بمقارنة احصائيات هطول الأمطار مع فترات من البذر، كنا قادرين على إظهار أن الزيادات من الأمطار حدثت عن طريق الصدفة ” يقول البروفيسور ألبرت ” !!
By comparing rainfall statistics with periods of seeding, we were able to show that increments of rainfall happened by chance,” says Prof. Alpert.
وأما بالنسبة لوقوع الأمطار في مناطق ليست هي المراد إنزال المطر فيها فنقرأ :
” لقد لاحظوا أن نزول المطر كان كبيرا بالمثل فوق جبال جودين، وهي منطقة لم تكن في هدف البذر ” !!
They observed that a similarly significant rain enhancement over the Judean Mountains, an area which was not the subject of seeding.
وتقرأ عن أن تغيير نمط الطقس في سنوات دراسة التجربة هو سبب نزول المطر وليس التجارب :
” وانتهى الباحثون إلى أن تغيير أنماط الطقس هو المسؤول عن ارتفاع كمية الأمطار خلال هذه السنوات ” !!
The researchers concluded that changing weather patterns were responsible for the higher amount of precipitation during these years