متلازمة شِيهان..
قُصُور سيِّدة الغدد بسبب النزف ما بعد الولادة
لنتعرّف بدايةً من تكون سيّدة الغدد هذه؟!
إنها الغدة النخامية و هي غدة صغيرة بحجم حبة البازلاء، تتوضع في قاعدة الدماغ، وهي مسؤولة عن تحفيز إنتاج الحليب من الثديين وعن النمو و الوظيفة التناسلية و وظائف الغدة الدرقية والغدتين الكظريتين. وإن أردت المزيد عنها راجع مقالنا “سيدة الغدد الصم”.
ولكَ أن تتصوّر إذًا ماذا لو حدث خلل في وظيفة سيدة الغدد!! وفي الواقع قد يحدث هذا لأسباب عدة منها موضوع مقالنا وهو: “متلازمة شيهان Sheehan’s syndrome“.
■ ما هي متلازمة شيهان وما سبب حدوثها:
هي اختلاط نادر للنزف بعد الولادة يصيب الغدة النخامية مما يؤدي إلى أذية شديدة في أنسجة الغدة النخامية المنتجة للهرمونات.
تحدث هذه المتلازمة لاجتماع أمرين:
الأول: فقدان الدم الشديد أو الانخفاض الكبير في الضغط الدموي أثناء أو بعد الولادة.
الثاني: التضاعف الطبيعي لحجم الغدة النخامية أثناء الحمل.
■ ما الأعراض التي تشكو منها المريضة المصابة بهذه المتلازمة؟
-أبكر هذه الأعراض وأشيعها هو صعوبة الإرضاع؛ إذ تلاحظ المريضة عدم خروج الحليب من الثديين، أما الأعراض الأخرى فقد تتطوّر ببطء، في حين تتطور أعراض أخرى خطيرة في حال تعرض المريضة لشِدَّة ما (خمج أو جراحة مثلًا)، على أيّة حال فالأعراض والعلامات هي:
– التعب.
– ألم المفاصل.
– نقص السكر.
– الدوار.
– انخفاض عدد مرات حدوث الطمث وقلة كميته.
– هبّات سخونة.
– نقص الشهوة الجنسية ونقص شعر العانة والإبط.
– انخفاض ضغط الدم.
– بطء الوظيفة العقلية.
– زيادة الوزن.
– الشعور بالبرد لصعوبة الحفاظ على حرارة الجسم.
– عدم انتظام ضربات القلب.
– انكماش الثدي.
■ ما الذي قد يرفع خطر إصابتي بهذه الحالة؟
تزداد احتمالية الإصابة بالمتلازمة عند:
– مَنْ حَمَلت بحمل متعدد (توائم ثنائية أو ثلاثية أو..).
– مَنْ تُعاني من اضطرابات في المشيمة تسبب نزفًا غزيرًا.
وللتوسع في أسباب النزف التالي للولادة يمكن مراجعة مقال (النزف بعد الولادة).
■ التشخيص :
يمكن أن يكون تشخيص المتلازمة صعبًا، حيث يعتمد على :
– الأعراض و العلامات السريرية التي سبق ذكرها.
– وجود قصة نزف شديد تالٍ للولادة.
– قياس مستوى الهرمونات أو إجراء اختبارات تحفيز الهرمونات.
– إجراء صورة الطبقي المحوري CT و الرنين المغناطيسي MRI لنفي الأسباب الأخرى كالأورام.
■العلاج:
يقوم أساسًا على تعويض الهرمونات التي كانت تنتجها الغدة النخامية قبل قصورها، وطبعًا بعد استشارة الطبيب وهي:
– الأستروجين والبروجسترون معًا وذلك حتى سن اليأس.
– ليفوتروكسين مدى الحياة لتعويض هرمونات الغدة الدرقية.
-الستيروئيدات القشرية مدى الحياة لتعويض هرمونات الغدة الكظرية (تُعطى قبل الليفوتيروكسين).
-هرمون النمو لتحسين نوعية الحياة وتخفيض مستوى الكوليسترول والحفاظ على كتلة العظم وعلى نسبة العضلات إلى الشحم.
■المآل و الاختلاطات:
النتائج ممتازة بإذن الله في حالة التشخيص والعلاج المبكرين، أما في حال عدم المعالجة فالوضع مهدد للحياة.
فمن الاختلاطات الممكن حدوثها:
– الأزمة الكظرية adrenal crisis : هو الاختلاط الأخطر، وتعد حالةً مفاجئةً مهددةً للحياة قد تؤدي إلى انخفاض شديد في ضغط الدم والصدمة ثم السبات فالوفاة، وتحدث عادة في حالات الشِّدَّة (خمج أو جراحة مثلًا).
– انخفاض ضغط الدم.
– فقد وزن غير مقصود.
-عدم انتظام الدورة الشهرية.
■المتلازمة و الحمل:
من أجل الحمول اللاحقة، يتطلب الأمر تحريض الإباضة بهرمون GnRH النبضي أو بالهرمونات الموجهة للغدد التناسلية المعطاة خارجيًا.
■المتابعة:
-مراقبة مستوى الهرمونات السابقة بشكل دوري ومنتظم.
-تعديل الجرعات عندما تقتضي الحالة ذلك كما في الشدة والمرض والحمل وتغيرات الوزن.
وينيغي الإشارة أخيرًا إلى أن حدوث هذه المتلازمة قد تراجع كثيرًا نتيجة تطور تدابير النزف التالي للولادة، ونقول لمن ابتلاها الله بهذه المتلازمة بأن الالتزام بأخذ الهرمونات وتعديل جرعاتها استنادًا لتعليمات الطبيب يؤمن لها نوعية حياة جيدة لا تختلف كثيرًا عن حياة الأصِحَّاء. ووجب علينا جميعًا شكر الله على هذه الغدّة العظيمة التي إن تأذّت اختلت وظائف الجسم جميعها.
إعداد: د. ميسم حمشو.
مراجعة علمية: د. محفوظ حمرة.
تدقيق لغوي: د. براء زنبركجي
المصادر:
[1]
[2]
[3]
[4]