اكتشف العلماء مجرة نادر على بعد 359 مليون سنة ضوئية من الأرض، مع بنية دائرية فريدة من نوعها لم تُعرَف من قبل.
تدعى هذه المجرة (PGC 1000714)، وهي مثال على ما يعرف باسم المجرة الحلقية، إذ إن الدائرة الخارجية تتكون من النجوم الحديثة التي تحيط بنواة المجرة الأكبر سنا.
ولكن من خلال التحري الدقيق لهذه المجرة وُجِد أن النواة تتكون من حلقتين من النجوم، وهذه هي المرة الأولى التي يرصد فيها علماء الفلك مثل هذه الظاهرة.
الأنوع المعروفة والمشهورة من المجرات تكون على شكل قرص تنتشر فيه النجوم، إما في تشكيل حلزوني مثل درب التبانة، أو في شكل بيضوي. ولكن هناك أنواع غير مألوفة من المجرات مثل: (المجرات الحلقية)، والمثال الأكثر شهرة على هذا النوع هو ما يعرف بجسم هوغ (Hoag’s Object)، الذي اكتشفه الفلكي (آرثر هوغ) عام 1950.
وهذه المجرة – على عكس المجرات القرصية التي تنتشر النجوم فيها بشكل عام – تنقسم النجوم فيها إلى معسكرين مختلفين: حلقة من النجوم الزرقاء الحديثة المتوهجة توهجا شديدا في الخارج، تحيط بالنواة المتوضّعة في المركز، وهذه النواة تتشكل من النجوم الأكبر سنا والأقل توهجا.
والمجرات الحلقية غير شائعة، لذلك عندما عرف الباحثون الذين اكتشفوا المجرة (PGC 1000714) أنها تتكون من حلقتين نجميتين – لا حلقة واحدة كما هي باقي المجرات الحلقية – أدركوا أنهم اكتشفوا شيئا نادرا.
وقال عالم الفيزياء الفلكية الفلكية (Patrick Treuthardt): “إن هذا الاكتشاف يشبه اكتشاف نمر الثلوج، أو بعض الحيوانات الأخرى النادرة. فمجرة هوغ تتكون من حلقة دائرية واحدة تحيط بالنواة المستديرة، وهي نادرة فعلا، لكن العثور على مجرة تتكون من حلقتين هو أمر فريد جدا”.
وينص أحد التقديرات على أن مجرة هوغ تشكل (0.1 في المئة) من المجرات المعروفة، ويمكن أن تكون أقل من ذلك بكثير.
وقد قام (Patrick Treuthardt) وزملاؤه الباحثون بتحليل (PGC 1000714) باستخدام مرصد (فيغاس كمباناس) في (شيلي)، ووجدوا أن الحلقة الخارجية من النجوم الزرقاء يبلغ عمرها حوالي (0.13 مليار سنة)، بينما المركز الأحمر الداخلي (النواة) عمره حوالي (5.5 مليار سنة).
ولكن أثناء التحقيق، وجدوا دليلا على وجود حلقة ثانوية من النجوم داخل الحلقة الخارجية التي تتكون من النجوم الزرقاء الحديثة، وبعد التحليل الدقيق لهذا الهيكل الثانوي قال (Treuthardt): “إن هذا الهيكل هو انتشار قديم للحلقة الداخلية الحمراء”. وهذا يعني أن النجوم في هذا الهيكل أكبر سنا من نجوم الحلقة الخارجية. ويبدو أنه لا يوجد دليل على ترابط هاتين الحلقتين.
ويعتقد بعض الباحثين أن (PGC 1000714) التى نعرفها الآن ربما تكونت من قوة فى فترتين زمنيتين مختلفتين، ولا يمكننا الجزم بذلك، لأننا لم نعرف مثل هذا النوع من قبل .
وأوضح (Burcin Mutlu-Pakdil) أحد أعضاء الفريق أن الألون المختلفة للحلقات الداخلية والخارجية تشير إلى أن هذه المجرة شهدت فترتين مختلفتين من التشكيل، ومن خلال اللقطات الأولية الموجودة لدينا في الوقت الحالي ندرك أن من المستحيل معرفة كيف تشكلت الحلقات فى هذه المجرة.
ويعتقد الفريق أنه من الممكن أن تكون الحلقة الخارجية قد تكونت بعد أن اندمجت بها أجزاء من مجرة غنية بالغاز، كانت موجودة في مكان قريب.
أما بالنسبة لتحديد كيفية تشكُّل الحلقة الداخلية فيقول العلماء في ذلك: سنحتاج المزيد من البيانات للوصول الى الجزء السفلي من هذا الخط الكوني.
وقال (Treuthardt): “نحن بحاجة إلى معرفة داخل المجرة أكثر مما نعرف، فربما جاء شيء ما وتفاعل مع المجرة لتشكيلها، لذلك تلزمنا معرفة الغاز الذي يحيط بالمجرة أيضا”.
ويرى (Treuthardt) أن من الأشياء التى تشوبها الغموض في هذه المجرة مدة استمرار هذه الحلقات، مع العلم أنها لا تحافظ على تشكيلها لفترة طويلة، وهذا يفسر لنا سبب كون المجرات الحلقية نادرة جدا من حيث ملاحظة الإنسان لها.
ولا يزال هناك الكثير من المعلومات التي نجهلها عن (PGC 1000714) والمجرات الحلقية بشكل عام، ويقول الباحثون: إن الأنظمة النجمية التي لا تأخذ شكلا منتظما – مثل هذه المجرات – مهمة جدا لمساعدتنا في فهم المزيد عن الكون، وكيفية تشكُّله على الشكل الحالي.