محمد أبو دنيا
وطريقة مبتكرة لدراسة الميكروبيومات والاستفادة منها أكثر
أظهرت دراسة جديدة صدرت في 13 كانون الأول في مجلة Science أجراها الباحث محمد أبو دنيا (الأستاذ المساعد في قسم البيولوجيا الجزيئية في جامعة برينستون في الولايات المتحدة) وزملاؤه طريقة جديدة لدراسة الميكروبيومات البشرية، حيث يؤثر نوع وتوازن البكتيريا على العديد من الأمراض كالإكزيما وبعض الأمراض الهضمية وغيرها، كما تساعد هذه الميكروبيومات في تطور الجهاز المناعيّ والدفاع ضد العوامل الممرضة.
لكن ما هذه الميكروبيومات؟!
الميكروبيومات microbiome هي مجموع الأحياء الدقيقة من جراثيم وفيروسات وغيرها، لكنها متعايشة مع الكائن الحي الذي تعيش فيه دون أن تسبب إمراضية “في الحالة الطبيعية”!
ففي بعض الأحيان تسبب الميكروبيومات حالات مرضية، إلا أن الآلية الجزيئية التي تعمل بها هذه الميكروبيومات لا تزال غير واضحة.
تتنوع هذه الأحياء الدقيقة تنوعًا واسعًا سواءً أكانت جراثيم أو فيروسات أو فطور أو عضويات صغيرة تبعًا للنسيج الذي تعيش فيه، وتختلف أيضًا بين المجموعات السكانية وكذلك من شخص إلى آخر!
إلا أنه من غير المعروف كيف تساهم هذه الكائنات في جعل الشخص سليمًا أو في إمراضه ثم إعادة وضعه الصحي للتوازن من جديد.
وقد اعتمدت الدراسات السابقة لدراسة الميكروبيومات على تحليل البيانات الجينية المتسلسلة والمعزولة من البكتريا.
وعلى الرغم من كشف هذه الدراسات عن وجود تنوع هائل في عناقيد التصنيع الحيوي عند تلك الميكروبيومات، إلا أنها قد فشلت في معرفة إمكانية التصنيع الحيوي في الميكروبيومات غير المعزولة.
لكن في الحقيقة هي ليست جزيئات منعزلة منفصلة، بل يتفاعل ميكروبيوم مع آخر، وكذلك مع الكائن المضيف؛ حيث تنتج الميكروبيومات جزيئات صغيرة نشيطة حيويًا، تقدم هذه الجزيئات وسيلة مهمة لشرح هذه الآليات حيث تتوسط تفاعلات مهمة تحدث بين ميكروبيوم وآخر أو بين الميكروبيوم والمضيف.
فقام أبو الدنيا في دراسته بالتوجه لمعرفة المدى الكيميائي للميكروبيومات البشرية، حيث عملت مجموعته على تحديد الجينات التي تصنّع هذه المواد الكيميائية ووضعها ضمن عينات لاختبارها في تفاعلات كيميائية وتحديد عمل كل جين على حدى.
الطريقة!
عمد الباحثون إلى استخدام خوارزمية يمكن من خلالها التحديد المباشر لعناقيد الجينات المختصة بالتصنيع الحيوي ضمن بيانات تسلسلية ميتاجينومية.
حيث يتمُّ في البداية تصنيعُ نماذجَ احتماليةٍ عاليةِ الأداءِ لتحديد نظائر التصنيع الحيوي للأنزيم موضوع البحث، وتُصنع بما يتوافق مع قاعدة البيانات الموجودة.
ثم تستَخدَم هذه النماذج في تحديد جينات التصنيع الحيوي لذلك الأنزيم ضمن آلاف قواعد البيانات الميتاجينومية للميكروبيومات البشرية المتوافرة ضمن مستوى قراءة واحد.
أخيراً… يحدد عدد قراءات جينات ذلك الأنزيم، ومناطق تجمع تلك القراءات (عناقيد تجمعها) في العينة.
الميتاجينومية: هي أداة جزيئية لتحليل المادة الوراثية المستخرَجة مباشرةً من العينات البيئية.
ما أهمية هذه الطريقة؟
يفيدنا في هذا الأستاذ أبو دنيا أن اثنين من أصل خمسة من الجزيئات الجديدة المكتشفة هي صادّات حيوية فعّالة، قوتها تعادل قوة صادات حيوية مستخدمة سريريًا بالفعل ضد ميكروبيومات فموية أخرى.
ويجري العمل على معرفة النشاط الحيوي للجزيئات الثلاث الأخرى، ودور الجزئيات الخمسة جميعها في التأثير على صحة الإنسان أو إمراضه.
كما يمكن عبر هذه التقنية إيجاد طريقة لاستغلال الميكروبيومات في اكتشاف الأدوية أو بعض التفاعلات الحيوية.