محمد بن موسى الخوارزمي وتصميم الأرقام العربية وجعلها لغة عالمية – تقرير رائع من عضو الصفحة Mohamed Daood
من تاريخ حضارتنا المجيد وبصماتها التي في كل علوم اليوم – معلومات سيعرفها أغلبكم لأول مرة
هل تعرف أن الأرقام التي نكتبها كعرب للأسف اليوم : هي الأرقام العربية المأخوذة من الهند ؟ وهي التي فيها رقم سبعة هكذا V ؟ وأما الأرقام التي نسميها أجنبية : هي الأرقام العربية تماما والتي فيها رقم سبعة هكذا 7 ؟
هذه المعلومة يعرفها مَن يقوم بالكتابة المتخصصة على البرامج مثل الوورد والإكسيل أو غيرها ويدخل على قائمة الخيارات – وإلى اليوم وكل العالم يسمون الأرقام العالمية بالعربية !! وراجعوا فيديو عالم الفلك الملحد نيل تايسون وهو يؤكد ذلك في المنشور التالي :
https://www.facebook.com/
ورغم أن الخوارزمى عمل فترة في كتبه بالأرقام الهندية والعربية الهندية (يسمونها أحيانا بالعربية الشرقية) إلا أنه أول مَن صمم الأرقام العربية الموجودة فى الصورة المرفقة مع منشورنا الآن – والتى يستخدمها العالم كله – حيث صممها بناء على نظام الزوايا – ولكن لكى نفهم أكثر عن الموضوع وأهميته يجب أن نعرف لماذا فعل الخوارزمى هذا الأمر ؟ أو بالاحرى لماذا اختار موضوع الزاويا لتحديد شكل الأرقام ؟؟
الذي فعله الخوارزمي تدين له الحضارة الحديثة اليوم بكل فروعها بل أنه لولا الخوارزمى لما كنت انا وانت نتناقش الان على الفيسبوك لأننا لم نكن لنعرف الكمبيوتر لولا الخوارزمى !!
ما فعله الخوارزمى في الرياضيات هو أنه جعلها لغة عالمية قابلة للفهم البسيط – وبالتالى قابلة للتراكم المعرفى والتشارك بين كافة الحضارات – وبالرغم أن موضوع تصميم الأرقام هذا هو قطرة في بحر إنجازات الخوارزمي الأخرى – إلا أننا سنركز عليه أكثر
عندما نكتب رقم ما وليكن 1 مثلا فهنا نقول رقم number ولا نقول رمز symbol وهناك فارق بينهما – فالرمز هو دلالة على معنى مجرد – أما عندما يدخل هذا الرمز ويكون له تأثير وفاعلية في نسق ما فهنا يتحول رياضيا إلى رقم – لذلك فالصفر قبل الخوارزمى كان مجرد رمز للاشيء وليس رقم له قيمة رياضية
وعبقرية الخوارزمى جعلته يعى أن الرموز إن لم تتحول إلى أرقام موحدة فإن الرياضيات كلها ستظل متباعدة بين كافة الرياضيين في العالم اجمع وبالتالى فلن تتطور تطورا تراكميا
انظر مثلا إلى هذا الرقم (154802) أى طفل سيراه في العالم اليوم فسيقول لك إنه مائة واربعة وخمسون الف وثمانمائة واثنين – وذلك مهما كانت لغة الطفل أو جنسيته – فقط سيقول نفس الرقم ومعناه الرياضى بلغته – هل تدرى مَن له الفضل في ذلك من بعد الله تعالى ؟؟؟ انه الخوارزمى !!
ولتفهم أكثر فلنكتب نفس هذا الرقم مرة أخرى عند البابليين مثلا سيكون هكذا :
(¡ ¡ فراغ ¡ ¡ ¡ > > > >) حيث يمثل العدد التالي : – 2 + صفر + ¹60 + 43 * 60 ² = 2 + 0 + 154800 وهو ما يساوي العدد (154802) – إذن نجـد أن الفراغ كان للـدلالة إلى القيمة المكانية أكثر مما له دلالة القيمة الصفرية ، ومن هنا يمكننا أن نستدل على أنهم ميزوا الحاجة إلى عدد له خصائص الصفر وأسموه ( القيمة الخالية ) – ومع مرور الزمن استخدموا الرمز (∑) للدلالة على هذه القيمة
ولنكتب عددا آخرا بطريقة الرومان وليكن العدد (1988) بالنظام الروماني سيكون هكذا : (MCMLXXXVIII) لاحظ إن قراءة العدد يجب أن تكون من جهة اليمين
وإذا جربت كتابة أى عدد بنظم أخرى فرعونية أو هندية أو يونانية أو عند الهنود الحمر الخ الخ من الحضارات ستجد إن فهم العدد نفسه محتاج إلى طريقة خاصة لفهمه عند كل حضارة تبعا لنظام العد عندها Calculation وهذا ما فهمه العبقرى الخوارزمى – ولهذا عمل في موضوع الأعداد ونظام العد على توحيد الأمر وضبطه ليكن لغة موحدة عند الجميع
والأغرب من ذلك أننا سنرى أن اوروبا لم تصل إلى هذا النظام الراقى والرائع والسهل إلا في أواخر القرن الخامس عشر بعد اطلاعهم على نظام الأعداد العربية رغم أنهم عرفوه منذ القرن الثانى عشر الميلادى ولكن نظرا لتخلفهم العلمى آنذاك وخصوصا في النواحى الرياضية فلم يستوعبوا اهميته إلا متاخرا بعد أن عرفوا الصفر وما فعله الخوارزمى وادخاله في الأعداد كرقم number وليس كرمز symbol
فالمصادر العلمية تقول لنا أنه في إيطاليا أخذ ليوناردو دو بيز 1170م عن العرب الطريقة في كتابة الأرقام من اليمين إلى اليسار، وأخذ منهم الصفر وكتبه باللاتينية Cephir . ثمّ تغير ذلك الاسم إلى (Zephiro) ، وتحوّلت اللفظ والنطق له إلى (Zero) ابتداء من العام 1491م. وفي فرنسا ، تحوّل اللفظ والنطق من (Cifre) إلى (Chifre) ثمّ إلى (Chiffre) . وفي ألمانيا ، تبدّلت من (Ziffer) أو (Ziffra) ، واليوم تستعمل (Die null) . وفي إنكلترا استعملت لفظ (Cipher) ، وحلّت محلّها لاحقا لفظة (Zero) . وفي البرتغال ، تعني الكلمة (Cifra) الصّفر بمعنى (Zero) . وفي أسبانيا ، تحمل (Cifra) معنى (Chiffre) ، كما تعني كلمة (Cero) الصّفر أي (Zero), وهكذا انتهت أوروبا من الإستمرار باستخدام النظام الروماني، وذلك بفضل الله ثم بفضل العلماء الرياضيات المسلمين أمثال الخوارزمي و جابر ابن حيان. حيث أصبح الصفر يميز الأحاد عن العشرات وعن المئات. فظهرت استقلاليته بالرغم من ظن البعض أن الصفر لا يؤثر على تلك الأعداد الأخرى.
والآن نعود إلى موضوع اتخاذ الزوايا كأساس لرسم الأرقام
==========================
حيث تجلت عبقرية الخوارزمى في اتخاذه من الزوايا أصل لرسم رموز الأرقام فهو أراد أن يجعلها ذات معنى وليس مجرد رموز باردة كما عند الحضارات الأخرى ومن كانوا قبله – فهو حدد أن لكل رقم زاويا وهذا له مغزى آخر في علم الجبر ومعادلاته على خط الأعداد عند حل المعادلات الرياضية تفاضليا في مجهول أو مجهولين وتبعا للأس المرفوع له القوة
فنحن على شبكة الأعداد نكتب المعادلة برسمها كخط أو دالة في صورة منحنى ومماسات – أى أن لها زوايا وميل وهذا من عبقرية الخوارزمى أنه أراد ربط الرموز بأهم معانى الرياضيات ومسرحه وهي شبكة الأعداد – ولا عجب في ذلك فالرجل مخترع الجبر والتفاضل واللوغاريتمات و و و و و غيرها من أسس كافة العلوم الرياضية اليوم
وفي النهاية أرجو أن أكون أفدت ولو بالقليل – علما بأن عملاقا بحجم الخوارزمى ليس سهلا أبدا أن نتكلم عنه ونوفيه حقه رحمه الله ولو في جزئية صغيرة من إنجازاته
وشكرا للجميع