مرور 118 عام على تصنيع الإسبرين Aspirin ماذا تعرف عنه ؟ ومَن الذي صنعه ؟ ومم يُستخرج ؟ وهل عرفه الناس في الماضي ؟
الحقيقة أن الأسبرين هو أحد أشهر الأدوية الحديثة على الإطلاق بين ملايين البشر وأكثرها شعبية وإنتاجا في العدد منذ أكثر من قرن عندما أطلق الصيادلة الألمان 1899 في مصانع (باير) Bayer للكيماويات هذا الاسم على خلات الصفصافيك – فاشتهر من ساعتها لفاعليته : واشتهرت معه شركة باير كما لم تشتهر شركة أدوية من قبل بسبب دواء مميز
جدير بالذكر ان الإسبرين يتم استخدامه كمضاد للصداع والالتهابات ومسكن للآلام ومضاد للحمى في حالة الأمراض المعدية وضد تجلط الدم مما يجعله أكثر سيولة ويقي القلب من نوباته والموت الفجائي ولاسيما مرضي الذبحة الصدرية أو انسداد الشرايين والذين يعانون من الآلام الرثوية الحادة والمزمنة ومرض الذئبة الحمراء الذين يعانون من احمرار الجلد.
=====================
تكون الإسبرين من 21 ذرة بحجم 0.4 نانومتر – وتركيبه هو C9H8O4 أي 9 ذرات كربون – و 8 ذرات هيدروجين و 4 ذرات أوكسجين
والذي لا يعلمه معظم الناس اليوم : هو معرفة الإنسان القديم للأسبرين منذ مئات السنين قبل اكتشافه وتحضيره في المعامل عام 1853 إلا أنه لم يستعمل كدواء إلا عام 1899 وأطلق عليه اسم شائع هو أسبرين (Aspirin) بالألمانية.
فلقد كان الإغريق والهنود الحمر بالأمريكتين وقدماء المصريين يستخدمون اللحاء الداخلي اللين من قلف (قشر) وأوراق نبات الصفصاف كمنقوع في الماء ويشرب لعلاج ارتفاع حرارة الجسم في الحميات وعلاج الصداع والآلام الرثوية.
وكان هذا التأثير العلاجي سببه وجود مادة الصفصافين (Salicin) بوفرة في هذا النبات الذي تنمو أشجاره في المناطق المعتدلة قرب مياه الأنهار والترع والمصارف. وهو ينمو حاليا بوفرة في مصر. ووجد الصيادلة الألمان أن جزيء الصفصافين يتحول بالجسم إلي شكل نشط.
كانت خلاصة لحاء (قشر الساق) نبات الصفصاف تحضر منذ عام 1757 وكانت شديدة المرارة. وحاول الصيدلي الألماني بوخنر تحضير المادة الفعالة في هذه الخلاصة بمعهد ميونيخ للأقرباذين (الأدوية) فحصل علي مادة الصفصافين في شكل إبر بللورية صفراء مُرة المذاق.
وأما في فرنسا استطاع الصيدلي الفرنسي هوليروا تحضير هذه المادة في نفس العام. فلقد استطاع استخلاص أوقية من 3 رطل لحاء شجرة الصفصاف.
في عام 1833 بألمانيا قام الصيدلي الشهير إ. مرك بتحضير مادة صفصافين أكثر نقاوة بمعمله بدارمشتات. وكانت أرخص كثيرا من خلاصة الصفصاف الغير نقية التي كانت تحضر من قبل.
في إيطاليا عام 1838 أطلق الصيدلي رفائيل بيريا من بيزا علي مادة الصفصافين اسم حامض الصفصافيك (salicylic acid). وكان قد اكتشف نبات آخر هو إكليلية أو حلوى المروج به زيت عطري به استرات حامض الصفصافيك وهو أحد مشتقات حامض الصفصافيك ويستعمل هذا الزيت كمروخ لدهان الجلد وتسكين اللآلام الرثوية وأطلق على هذه المادة (asalicylin).
في عام 1874 استطاع الصيدلي الألماني فردريك هايدن تحضير حامض الصفصافيك صناعيا بمصنع بدريسدن بألمانيا وهي أرخص من الصفصافين الطبيعي. فحضر مادة صفصافات الصوديوم التي تذوب في الماء وأقل حامضية من الصفصافين (حامض الصفصافيك). وهذه المادة الجديدة شاع استعمالها في تخفيف اللآلام الرثوية منذ عام 1876.
إلا أن الأسبرين كحامض خلات الصفصافيك دخل عام 1899 ماراثون السباق في علاج الآلام وتخفيض الحرارة بالحميات والصداع وأصبح دواء شعبيا بعدما اكتشف الصيدلي هوفمان طريقة تحضيره في معامل باير وأطلق عليه أسبرين حيث (ِِA) بالكلمة ترمز لمشتق (Acetyl) وباقي الكلمة (spirin) يرمز للكلمة الألمانية (spirsaure) وهي المادة التي في زيت نبات أكليلية أو حلوى المروج.
=========================
جدير بالذكر أيضا أنه يوجد خلاف حول مكتشف أو لمن يرجع تصنيع الإسبرين أول مرة كدواء.
حيث ينسب البعض الفضل للكميائي الألماني يهودي الأصل آرثر أيشغرين (Arthur Eichengrün) الذي تم سجنه في معتقلات النازيين من ضمن تنكيلهم باليهود. وقد ذكرت ذلك جريدة الإندبيندت البريطانية في عنوانها الصريح :
Nazis robbed Jew of credit for aspirin
النازيون اعتقلوا صانع الإسبرين
في حين ينسب آخرون الاكتشاف لفيليكس هوفمان (Felix Hoffmann) متهمين النازيين بعدم ذكر أيشغرين بسبب أصوله اليهودية. وقد وجهت شركة باير Bayer كلمة في الذكرى 118 لصدور دواء الإسبرين قائلة :
” معظم الناس سمعوا عن منتجنا الأكثر شهرة، لكن من العار أن لا يكون مبتكره مشهوراً مثله ”
==========================
بالطبع سيبقى هذا الأمر محل تشكيك وخصوصا مع قراءتنا منذ قليل لتطور التعرف على دواء الإسبرين من ألمانيا لفرنسا لإيطاليا بصورة متراكمة – وخصوصا أيضا أنهم يعترفون أن وصول فيليكس هوفمان للدواء كان غالبا عن طريق الصدفة !!
حيث تقول الشركة نفسها :
” نجح هوفمان غالباً بالصدفة في اصطناع حمض الأستيل ساليسيليك (acetylsalicylic acid (ASA لأول مرة في 10 أغسطس 1897، وذلك عن طريق أستلة حمض الساليسيليك -الصفصاف- مع حمض الأستيك -الخل- مكتشفاً بذلك الدواء الأكثر شهرة في تخفيف الآلام، وخفض الحرارة، ومضاداً للالتهابات ”
وقد تقاعد هوفمان عام 1928، ليعيش بعد ذلك في سويسرا بعيداً عن أعين الناس، وذلك حتى وافته المنية في 1946 دون أن يتزوج وينجب أطفالاً.
ويقال أن اكتشاف الأسبرين كان بسبب إصابة والده بالروماتيزم، مما شجعه على البحث عن دواء يخلو من الآثار غير المرغوبة لساليسيلات الصوديوم التي كانت تستخدم آنذاك لعلاج الروماتيزم.
=======================
وهنا نختم ببعض النصائح
حيث علي الأطباء وصف الأسبرين في هذه حالات المرض بجرعات قليلة رغم أن له تأثيراته الجانبية من بينها الالتهابات بالمعدة. ولابد من استعماله تحت إشراف طبي واع حتي لايصاب المريض الذي يتعاطاه بالنزيف الدموي وفي حالات نادرة يصيب المريض بنزيف بالمخ.
ولذلك فإن المرضي الذين يعانون من الحساسية للأسبرين أومشتقات الصفصافات أويعانون من الربو أو ضغط الدم المرتفع (الغير مستقر أو مسيطر عليه) أو لديهم مرض بالكلي أو الكبد أو نزيف حاد : فعلي الطبيب المعالج لهم الموازنة بين مواصلة استمرار المريض تناول هذه الأدوية السالسيلاتية أم لا. حتي لايتعرض مريضه للمخاطرة.
كما يجب عليه مراعاة أن الأسبرين له تأثيره علي جسم المريض ككل وعلي أجهزته ووظائفها. والجرعات العالية منه يمكن أن تسبب فقدان السمع أو طنينا دائما بالأذن. وقد لاتظهر هذه الأعراض علي مرضي القلب والشرايين الذين يتناولون كميات قليلة من الأسبرين.
ولقد نشرت جامعة هارفارد دراسة إكلينيكية بينت أن الكثيرين من مرضي الذبحة الصدرية أو الأزمات القلبية الحادة والمؤلمة يعانون من عدم وصول الدم لعضلة القلب. والمعرضون للجلطات الدماغية قد تم إنقاذ حياتهم عن طريق استعمال الأسبرين علي نطاق واسع وأكثر مما هو متوقع.
المصادر
https://www.bayer.com/en/felix-hoffmann.aspx
https://en.wikipedia.org/wiki/Felix_Hoffmann
https://www.independent.co.uk/news/nazis-robbed-jew-of-credit-for-aspirin-1115938.html
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1119266/