تقع مدينة حلب في الشمال الشامي وتعد أكبر مدنه وأهمها تجاريًا وتاريخيًا، وتُشكِّل لدى علماء الآثار والمهتمِّين بالتاريخ مادة دسمة في دراستها.
في الفترة 1117-1173 ميلادية، حَكمَ نور الدين زنكي مدينة حلب في بداية عمله العسكري السياسي ومن ثم توسعت منطقة نفوذه لتشمل معظم بلاد الشام وتمتد أيضًا إلى منطقة ما بين النهرين وذلك خلالفترة قصيرة نسبيًا من حياته مما مكَّنه من إحكام السيطرة على العديد من المدن والطرقات الهامة في المنطقة.
أمَرَ نور الدين زنكي ببناء بيمرستان في مدينة حلب للاهتمام بمن يحتاج الرعاية الصحية وكان الأمر بإشراف الطبيب ابن بطلان النسطوري والذي عاش في العصور الإسلامية الذهبية. وقد دُوِّنَ تاريخ افتتاح البيمرستان وإنشائها بأنه كان في الفترة بين 1148-1155 ميلادية، ويظهر في بنائه وجود بصمات أيوبية واضحة علمًا بأن بناء البيمرستان تعرَّضَ لعدة هزات أرضية خطيرة وأُعيدَ ترميمه في كل مرة حصل ذلك.
يوجد أعلى بابه رسائلٌ حجرية منقوشة بخطٍ عربيٍّ جميل وتلك الكتابة منقوشة بشكل جميل وعلى جدار متناظر بمنتهى الفنيِّة، وهذه الزخرفة مشهورة بالنسبة للبيمارستانات وبقية الأبنية المماثلة في البيئة الشامية، ويُصرَّح على تلك الكتابة بأن البيمارستان من إنشاء نور الدين زنكي وهو منشأةٌ خيرية.
كما يوجد بابٌ خشبي مغلف بصفائح نحاسية ومثبتين مع بعضهما بواسطة مسامير ويُرجَّح أن يكون هذا الباب هو الباب الأصلي للبيمارستان كما يوجد مقرعة معدنية كبيرة على كل باب “سقاطة” على نفس مستوي فتحة العين.
المكان يظهر أنه مُهمل وليس على مستوى جيّد لاستقبال السياح حتى إعداد هذه الورقة عام 2006 ميلادية.