مشفانا اليوم هو بيمرستان أرغون الكاملي الشهير والواقع في مدينة حلب والذي تمَّ بناؤه في العهد المملوكي عام 1354 ميلاديًا وكان قد شُيِّد بالقرب من باب قنسرين في المدينة القديمة في حلب وهو بناءٌ حجريٌّ ضخم.
مدخلها محميٌّ بسياج حديد مطاوع، والسياج يواجه لغربه الشارع المعروف أيضًا بشارع قنسرين، على بابه يوجد حجر رخامي حدي
ث مكتوب عليه باللغة العربية “بيمارستان أرغون الكاملي” ويدنوها كتابة عربية منقوشة على حجارة البناء كما بقية الأبنية التي تعود لتلك الفترة.
الباب الخشبي مغطى ومغلف بصفائح نحاسية مزخرفة بتصاميم الأرابيسك الهندسية الجميلة، أعلى الباب يبدأ نقش عربي على أربعة أسطر من يمينه إلى يساره وتصعب قرائتها من مستوى وقوفك على الأرض في ذلك المكان.
بعد المرور من ذلك المكان تجد نفسك في حجرة صغيرة وعلى يسارك توجد غرفة كبيرة تُعرَف بأنها مستوصف البيمارستان وعلى اليمين يوجد غرفتان أخريان تُعدَّان غرف استشارية، وذلك المدخل يفضي إلى باب خشبي معدني آخر يُفتَح إلى الفناء الرئيسي وهو مشمس ذو هواء متجدد يحوي على حوض مائي كبير مع نافورة.
الفناء يحوي عشر غرف، خمس إلى الشرق وخمس أخرى إلى الغرب، وهي غرف المرضى أما في الجنوب والشمال فيوجد غرفتا إيوان “ليوان” وهي غرف مقنطرة كانت تستخدم في تدريس الطب وتعليمه وربما للعلاج بالعزف كما ورد، لكن على كل حال فالعلاج بالمعازف غير وارد في الثقافة العربية.
هنالك ثلاث باحات مزيدة أيضًا بُنيت شرق الفناء، ويمكن الوصول إليها من ممر ضيق جنوب الفناء الرئيسي في أحد زواياه.
الأولى وهي الأصغر وهي على اليسار مربعة الشكل وتحوي على نافورة مربعة في الوسط، وهي باحة مقببة كما تحوي أيضًا على فتحة مربعة التصميم في الأعلى، وتُطلُّ عليها غرفٌ صغيرة على الجوانب، وتُطلُّ على الباحة عبر نوافذ عدة محمية بشكل جيد بواسطة قضبان معدنية مما يشير إلى أنها ربما كانت مخصصة لمن يعانون أمراضًا عقلية.
الباحة الثانية صُمِّمت بشكل دائري حول النافورة ومغطاة بقبة ذات فتحة إلى الخارج ويوجد حوالي عشر غرف وحجرات من مختلف الأحجام موزعة في هذه الباحة على مختلف الجوانب ولكن نوافذها هذه المرة غير محمية بالقضبان المعدنية.
الباحة الثالثة تشابه في تصميمها الباحتين السابقتين من حيث القبة والفتحة في السقف والنافورة لكن هذه الباحة أوسع من السابقتين، وهنالك مقصورتان واسعتان يقعان بشكل متقابل، وهنالك مقصورتان أوسع على نفس الطرف ويوجد أيضًا غرفة أخرى على غرار إيوان التدريس الواقع في الفناء الرئيسي وكانت تستخدم أيضًا كقاعة تدريس واجتماعات.
ما تبقَّى من البناء يحوي مطبخ وعدد من الخبايا لمختلف الأغراض، ويوجد منطقة بين المطبخ مكان التخزين تؤدي إلى الشارع ربما استخدمت في إدخال المؤن.
يذكر عدد من المؤرخين أن الأرغون في حلب قد تستخدم في علاج من يعانون الأمراض العقلية بشكل خاص في أحد فتراته وبنظرةٍ هندسية لبناء البيمرستان يمكنك زيادة الوثوقية بما قاله أولئك المؤرخون وتشير أيضًا التقارير أن العلاج والأدوية كانت تقدم للمرضى بشكلٍ مجاني وخيري، وذلك من افتتاح البيمرستان وحتى بدايات القرن العشرين.
وقد بقي بناء البيمرستان محافظًا على نفسه حتى تاريخ إعداد هذه الورقة عام 2006.
يستخدم البناء حاليًا لاستضافة بعض النشاطات الثقافية وحفلات الدراويش المولوية.
ذُكِرَ البيمارستان هذا من قِبَل البروفيسور Chris Ellery في جامعة Angelo State University in Texas.
وكان قد أمضى بعض الوقت في جامعة حلب وذكر البيمرستان في قصيدة له طويلة جدًا، نأخذ منها أبياتًا تقول:
بيمارستان الأرغون
صحة وثروة أرغون الكاملي
ملجأ من الجنون الخطر
الملجأ من الظلمة، الطعام، الماء، الحجار
الجدران قد استوعبت عويلهم
على الفاحشة ضحك من خلايا العسل
إنها غرفة قلب حلب