كشفت دراسة أنَّ معظم الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن القيام بها ببساطة من المنزل.
قد نكون بالفعل في العصر الرقمي، لكن هذا لا يجعل الاقتصاد غنيًّا عن الوجود الجسدي،
فمع إغلاق كثير من الأماكن في الولايات المتحدة لوقف انتشار فيروس (كورونا)، فإنه سرعان ما اتِّضح أن هناك عددًا كبيرًا من الأعمال التي لا يمكن القيام بها في المنزل ببساطة.
تقدر أبحاث جارية من جامعة شيكاغو أن 34% فقط من الوظائف الحالية يمكن القيام بها على نحو كامل من المنزل، وإضافة إلى ذلك، فحتى إذا استمر هؤلاء العاملون في العمل بعدد الساعات نفسه كل أسبوع، فإن ذلك يمثل 44% فقط من أجور العاملين في البلاد.
ويقول الناشط في مجال النشاط الاقتصادي (جوناثان دينغل) (Jonathan Dingel) :
“النتائج التي وصلنا إليها مهمة، إذ إن ثلثي الوظائف في أمريكا لا يمكن أداؤها على نحو معقول من المنزل”.
“وبينما تجبرنا جائحة (كورونا) على إيقاف عجلة الاقتصاد، فإن بعض المدن قد تكون أفضل حالاً من بعض آخر، بناءً على حجم الوظائف التي يمكن القيام بها من المنزل فيها .”
ويأمل أصحاب الدراسات أن تساعد أبحاثهم صانعي السياسات في استهداف الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة أكثر من غيرهم خلال هذه المدة العصيبة.
وجاءت هذه النتائج من خلال دراستين استقصائيتين مختلفتين، وبعد تحديد الوظائف التي لا يمكن القيام بها في المنزل، جمعت تلك النتائج مع المعلومات الواردة من مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة -(US Bureau of Labor Statistics (BLS)-التي تشير إلى انتشار كل مهنة في مدن وصناعات معينة.
وتشير النتائج الأولية لهذه الدراسة إلى أن المناطق الحضرية الكبيرة قد تتمتع بميزة اقتصادية، فعلى سبيل المثال يمكن أداء 40% من الوظائف في سان فرانسيسكو وسان خوسيه وأوستن والعاصمة واشنطن من المنازل، بينما لا تصل هذه الميزة إلى 30% في لاس فيغاس وفورت ميرز وغراند رابدز.
وبالطبع، فإن كثيراً من هذا يعتمد على الصناعة، إذ إن هناك عديداً من الوظائف في مجال التمويل وإدارة الشركات والخدمات المهنية والعلمية يمكن أداؤها في المنزل، وربما لن يكون الأمر سهلاً لكنه ممكن، في الوقت الذي لن يكون فيه الموظفون في الزراعة والفنادق و بيعِ التجزئة(المُفَرَّق) والمطاعم محظوظين بهذا.
وقال (برنت نيمان) الذي يدرس الاقتصاد الكلي والتجارة الدولية: “إن التباعد الاجتماعي صعب على الجميع، ولكن بعض الناس والقطاعات يتضرر على نحو غير متناسب.
وأضاف : “تتمتع معظم الوظائف في مجال التمويل أو التأمين بفرصة للاستمرار بدرجة ما من الظروف الطبيعية خلال الأزمة. إذ يمكن أداؤها من المنازل، أما بالنسبة لكل من يعمل في الفنادق والمطاعم، فهذا الخيار غير متاح.”
وبطبيعة الحال، فإن التقديرات النهائية تستند إلى الحدود القصوى الممكنة، فهناك عدد كبير من الأعمال التي ضُمنت في فئة الأعمال التي ستؤدى في المنزل، ولم يسبق من قبل أن أداها أحد في المنزل؛ لذا فإن التكلفة الاقتصادية وخسارة الوظائف قد تكون أسوءَ مما هو ظاهر، ففي عام 2017، كان 5.2% فقط من العمال في الولايات المتحدة يعملون في منازلهم.
كما أنه لا توجد طريقة مباشرة لحساب مثل هذا الموضوع الهائل والمعقد، كاقتصاد الولايات المتحدة، وبالتالي فإن هذه التقديرات لن تكون مفيدة إلا عندما تدعمها أبحاث إضافية.
ويقول أصحاب الدراسة-على سبيل المثال: “قد تختلف إنتاجية العامل الواحد على نحو كبير عند العمل في المنزل بدلاً من مكان عمله المعتاد.”
والأهم من ذلك، أن هناك على الأرجح أوجهَ تكامل مهمةً بين الوظائف التي يمكن أداؤها في المنزل وتلك التي يتعذر فيها ذلك.
ومع ذلك، ونظراً للأزمة الحالية، يبدو أن هذه النتائج غير الكاملة والمقلقة تستحق النظر فيها في المستقبل.
المصدر :
https://www.sciencealert.com/the-vast-majority-of-jobs-in-the-us-simply-can-t-be-done-from-home