المغالطات المنطقية : المغالطة 3 – رجُل القش أو تشويه الحُجة للرد عليها
من إحدى أشهر المُغالطات المنطقية بين أي متحاورين سواء في حياتنا العادية أو في النقاشات والمناظرات : هي لجوء أحد الأطراف عندما لا يستطيع الرد على حُجة الطرف الآخر القوية : إلى مُغالطة رجُل القش Straw Man أو (خيال المآتة) وهي :
أن يقوم بإعادة عرض حُجة الطرف الآخر ولكن بعد (استبدالها) أو (تغييرها) أو (تحريفها) أو (تشويهها) إلى صورة أخرى أضعف من صورتها الأصلية التي قالها صاحبها : وذلك حتى تصير ضعيفة يُمكنه مهاجمتها ساعتها وليس مهاجمة الحُجة الأصلية !!
والتسمية (أي رجُل القش) مأخوذة من الرجال الوهميين الذين يقوم المزارعون بوضعهم في الحقول لتخيف الطيور – حيث يقوموا بعملهم من الخشب والحشيش وغيره ويلبسونهم بعض الملابس البشرية لخداع الطيور – وتتمثل المُغالطة هنا في شخص لا يستطيع أن يهزم أحد الناس : فبدلا من ذلك يذهب إلى رجل قش فيضربه بدلا من الرجل الأصلي !!
فهذا بالضبط ما تفعله هذه المُغالطة حيث يقوم الطرف الذي لا يستطيع الرد على حُجة الطرف الآخر : بالرد على حُجة أخرى ضعيفة لم يذكرها الطرف الآخر أصلا : فيظهر بذلك في مظهر الذي استطاع الرد وليس المنهزم !!
وبهذه الخدعة (إن لم ينتبه إليها أحد) : يمكن أن تفقد الحُجج الصحيحة قوتها بالفعل بمثل هذا الالتفاف (البهلواني) عليها !!
(( وبالفعل يُسمي البعض هذه المُغالطة أيضا بالمغالطة البهلوانية ))
والآن نأتي مع الأمثلة كما تعودنا وحتى لا نطيل عليكم
=====================
في المثال الذي في صورة المنشور :
الشخص 1 يقول :
الغش حرام ، ويُساوي بين ولدك وبين غيره ، ويُعطيه حق غيره ، ولا يُمكنني المشاركة بذلك
وكما نرى هنا : فالحُجة قوية ومُدعمة أخلاقيا وبالمنطق وبالحق والعدل – فماذا فعل الشخص الثاني والذي لا يمكنه الاعتراض على أي من هذا الكلام ؟
الشخص 2 يرد :
أنت إنسان حقود أو حاسد على ولدي !! ولا تريد له النجاح !! وتريد إعطاؤه درسا خصوصيا !!
فكما تلاحظون فإن الكلام بعيد تماما عما قاله الشخص الأول !! ولم يتناول أي رد على أي جزئية فيه !! ولكن بدلا من ذلك : اخترع ردودا أخرى على كلام آخر لم يقله الشخص الأول أصلا ولم يرد أي إشارة إليه !! فاتهمه بأنه يحقد أو يحسد ولده !! وأنه لا يريد له النجاح وذلك لكي يجد مبررا لإعطائه درسا خصوصيا !!!
====================
مثال آخر :
وهو يقابلنا كثيرا جدا في حاوراتنا مع التطوريين خصوصا (أي المؤمنين بخرافات التطور) ألا وهو : عندما تواجههم بحجج لا رد عليها : تجدهم يقفزون للرد على أشياء لم تذكرها أصلا !!! ولنرى معا :
الشخص 1 يقول :
يستحيل إثبات خرافات التطور دون أن تثبتوا لنا إمكانية ظهور بروتين واحد جديد تماما بالصدفة والعشوائية : فضلا عن ظهور أول بروتينات يجب وجودها معا في أصغر خلية حية لتعيش وتتغذى !!
وهذه الحُجة كما نرى : هي قاصمة لأي مؤمن بالتطور ولن يستطيع الرد عليها ولو لف ودار لمليون عام !! ولذلك نجده يُحرفها للإجابة على شيء آخر لم يذكره الشخص الأول أصلا !! فيقول مثلا :
الشخص 2 :
كل الحفريات تدل على التطور !! آلاف الحفريات !!
نلاحظ هنا أنه لم يتعرض لحُجة الشخص 1 بشيء !!! أو يقول مثلا :
الشخص 2 :
هناك طفرات أكسبت البكتريا مقاومة لبعض المضادات الحيوية !!
ونلاحظ هنا كذلك أن طفرات البكتريا (وكل الطفرات المرصودة) ليس فيها أي طفرة أنشأت بروتينا جديدا تماما أبدا !! وإنما طفرات فقد (وليس إضافة) أو طفرات تكرار نسخ عشوائي أو استبدال نيوكليدات بأخرى أو أجزاء من الحمض النووي بأخرى (يعني في النهاية كلها تغيرات في الجسنات الموجودة بالفعل أو في البروتينات الموجودة بالفعل وهكذا …)
نرجو أن تكون قد اتضحت الفكرة – وأمثل رد بالطبع على مثل هذه المُغالطة هو كشفها في وقتها مباشرة ومواجهة صاحبها بها بالقول له مثلا : أين الرد على كلامي ؟ أو : هذا ليس ردا على كلامي ؟ أو : أنت تتهرب من الرد على كلامي بتوهم أو اختراع كلاما آخرا لم أقله ؟