سر تخلفنا .. الدكتور علي عبده ومقارنة صريحة بين نظام التعليم وتشجيع الطلبة في الخارج منذ الصغر : وبين أغلب بلادنا ..!!
الدكتور علي عبده من العلماء المسلمين المحترمين والصادقين – وهو دكتور مهندس في جامعة الشرق الأوسط الأمريكية – ويعيش في ولاية بنسلفانيا بأمريكا – وقد كتب على حائطه الشخصي في الفيسبوك بالأمس كلاما مفيدا جدا نعرضه عليكم لعلنا نستفد مما فيه ولعل وعسى يمكننا تطبيقه في بلادنا في يوم من الأيام (وقد نقلته عنه جريدة المصريون اليوم) حيث طلبت إحدى الدكتورات الفاضلات التي تشغل منصبا مرموقا في موقع (لينكد إن) من متابعيها أن يكتب كل منهم عن وجهة نظره في :
لماذا لم يتحصل علي جوائز نوبل للعلوم من العرب إلا واحدا وهو الدكتور زويل ؟
فكان هذا الرد من الدكتور علي عبده مشكورا – سننقل كلامه كما هو بغير تعديل إذ قال:
اصبروا معي قليلا وعفوا علي الإطالة
السبب أبسط بكثير مما نعتقد
لايوجد في الدول العربية بيئة مناسبة لأعداد الفرد للحصول علي مثل هذه الجوائز
مجتمعات طاردة للكفاءات وما يصرف فيها علي الأمن وحماية النظم الحاكمة أضعاف ما ينفق علي التعليم والصحة ونظم الضمان الاجتماعي
في امريكا حيث عشت وعملت ومازلت منذ عشرون عاما يبدأون من قبل ان يولد الانسان
عندما علمت زوجتي بحملها خصصت لها نرس براكتشنر لمتابعة حالتها أسبوعيا وتثقيفها في كل كبيرة وصغيرة تخص الام وجنينها هذا مع متابعة الطبيبة لها مرة كل شهر في الشهور الأولي تزيد تباعا الي مرتين ثم اربع مرات أسبوعيا
ثم
بعد الولادة تقوم الدولة بدورها تجاة ذلك المولود الجديد من متابعة ورعاية واهتمام
فسنت له القوانين التي تحفظ كرامتة وتكفل تعليمة وتثقيفه علي أحدث المعايير العالمية
اتذكر حين بلغ وليدي الثانية من عمره وذهبنا به الي الحضانة حيث كنت ادرس الدكتوراه فإذا بمعلمته تعطيه تايم أوت فلما سألتها لماذا قالت
انه لا يشارك الآخرين ألعابه ويستأثر بما في يدية ولابد من تعليمه قيم المشاركة والتيم وورك
تجري الأيام ويطلب منا ان نعطيه شيئا من منزلنا ليعرضه علي زملائة في فقرة الشو اند تل وهي فقرة تعطي للطالب أسبوعيا ليحضر من منزله شيئا عزيزا عليه ليتكلم عنه ويصفه وهم في ذلك ينمون فيه مهارات التخاطب والمواجهة البناءة والمحاضرة والتي يجيدها اغلب الأمريكيين من الصغر وهي من اهم أسباب النجاح في الناحية الأكاديمية
ثم في مراحل دراستهم من الابتدائي الي الثانوي يشركونهم في الساينس أوليمبياد ويطلب منهم المشاركة بافكار خلاقة
اتذكر حين بلغ ولدي الأكبر العام الثالث الابتدائي انه طلب مني ان أساعدة فيه فكنت في بادئ الامر اقلل من اهميته نظرا لصغر سنه معتقدا عدم أهميته كما تعلمت سابقا في بلدي ولكني صدمت حين قرأت متطلبات المسابقة
طلبوا منه تطبيق الساينتفيك ميثود اي والله والتي لم اعرفها الا حين دراستي في قسم الهندسة النوويه بإطلاعي الخارجي
فساعدته في تصميم دائرة كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية لاثبات ان ضوء الشمس احد انواع الطاقة والتي يمكن تحويلها الي طاقة كهربائية
عندما ذهبنا الي يوم العرض صعقت بلا مبالغة من المشاريع التي رايتها بعيني من طلاب المرحلة الابتدائية والتي لا ابالغ ان قلت أني وزملائي في دراستنا الجامعية في مصر لم نسمع عنها فضلا عن ان نجريها
وفي كثير من المدارس يتسلم الطلاب اي باد وكليكرز ودراستهم تكون مطورة بالتكنولوجيا لمواكبة العصر الذي يحيون فيه
هناك فصول في كل مدرسة للجفتد ستيودنت او الموهوبين يزيدون في جرعات المواد الخاصة بهم ويمكنهم من تخطي سنوات دراسية ان أمكن ومنهم من يلتحق بالجامعة علي سن ٩ سنوات (اي والله) وغالبهم علي سن أربعة عشرة عاما
ثم في الجامعة وهذا هو الأهم
النظام مبني علي الإبداع وليس التلقين ومشاركة الطلاب في أبحاث الاساتذة اثناء فترة دراستهم (ليس كل الطلاب يفعلون ذلك ولكن الشغوفين بالعلم منهم) مع توافر التدريب الشخصي في الشركات والمؤسسات العلمية
أتذكر حين دراستي للدكتوراة السيمينار الاسبوعي للقسم والذي يدعون فيه فطاحل العلماء من الخارج لعرض أحدث الأبحاث في مجالهم وتبادل الخبرات والمناقشة البناءة والتي كان يهدف منها تدريب طلاب الدراسات العليا علي العديد من أوجه البحث
وكيف كان يجتمع علماء جامعتي في السنو ماس ميتنج لمناقشة المشاكل التي يواجهونها في مجال الاندماج النووي علي المستوي المحلي والعالمي وكيف انهم لديهم خطط لخمسين عاما لتطوير مفاعلات نوويه تعمل بالاندماج النووي
ومن أعظم أسباب نجاح الامريكان في وجه نظري هو نظام التعليم في مرحلة الدراسات العليا واتاحتهم الفرصة فيه للاجانب من مختلف بلدان العالم فتجد الهندي بجانب الصيني والالماني والمكسيكي والعربي يعملون في مختبر واحد من أجل هدف واحد متناسين مابين دولهم من شحناء وحروب مدمرة ويعملون في تناغم لإنجاح معملهم أو مجموعتهم البحثية مع التنافس ألبيني المحمود فيما بينهم
هذا التنوع العرقي في بوتقه تصهر الخلافات وتمزج الحضارات ينمي القدرات لطلابهم علي مدارس علمية مختلفة وطرق تفكير جديدة وعندما يتخرج الطلاب بالدكتوراه من الجامعة لا يعينون في جامعتهم ولكن تعين الجامعة كفاءات جديده من الخارج لضمان تجديد دماء الجامعة في الناحية التعليمة والبحثية لا كما نفعل في مصر من أن المعيد يعين من نفس القسم ويمكث في جامعته من التخرج إلي المقبرة
وقلما تجد فيهم استقرار في مكان واحد فهم دائما متنقلون بين الجامعات والصناعة والمراكز البحثية بحثا عن الأفضل ماديا وعلميا فهو نظام تنافسي البقاء فيه للاصلح والابقي
ولا أخفيك سرا أنه لا يوجد لديهم نظام يسهل الغش والخداع فمن يفعل هذا يكن جزاؤه الطرد من الجامعة أو المؤسسة البحثية شر طرد مع فقدان شرفه الأكاديمي فيصير منبوذا بعد أن كان من المميزين
ولقد عاصرت واقعه سجن أحد الأساتذة المرموقين لاساءته إنفاق أموال تمويل أحد مشاريعه من مؤسسة فدرالية وغيره الكثير. فلا عزيز لديهم إن ذل وخالف القانون
وعندما عملت في شركة انتل رأيت العجب العجاب
كأنني من رواد الفضاء في حلتهم اعمل في غرف معقمة اكثر تعقيما من المصحات لصناعة وتطوير العقول الالكترونية والكل يعمل في تناغم عجيب بين البشر والروبوتات ويسخرون مليارات عديده للبحث والتطوير كل عام للتغلب علي المشكلات والابداع في إيجاد أفكار خلاقة لمنتجات جديدة
بجانب هذه المنظومة التي تنمي الإبداع هناك منظومة موازية داخل المجتمع المدني من مكتبات عامة تحوي أحدث ما وصل اليه العلم في مجالات شتي ومؤسسات تعقد الندوات وورش العمل والدورات التدريبية لتثقيف النشئ والعامة
هذا غيض من فيض مما عايشته وأعيشه في امريكا مما له عظيم الأثر في إعداد جيل يستحق نوبل عن جدارة الموهوبين
هذا ويجلد الأمريكيين أنفسهم كثيرا بان لديهم عجزا وتقصيرا في الناحية التعليمية وانه حان الوقت لتطويرها
قارني بين هذا وحال اغلب بلداننا لتستشفي أوجه القصور ولتجدي اجابة شافيه لسؤالك لماذالم يحصل علي نوبل في العلوم من العرب الا واحدا
.