#من_عظمة_الإسلام – عرض لأقوال غير المسلمين في موثوقية علم الحديث : العلم الوحيد الذي لم يوجد مثله في الأمم !!
ففي الوقت الذي يتضارب فيه اليهود والنصارى والبوذيون والهندوس وغيرهم إلى اليوم في نسبة أقوال كتبهم ونصوصها إلى أشخاص بعينهم (أنبياء أو رسل أو معلمين) – وغياب كبير للمعلومات الموثقة عن مدى صحة نسبة هذه النصوص إليهم ناهيك عن معلومات الرواة أنفسهم مَن هم ولا ما هي أحوالهم من قوة الحفظ وضبطه وما هو مقدار أمانتهم أو علمهم إلخ :
نجد الأمة الإسلامية التي تعهد الله تعالى بحفظ قرآنها في الصدور والسطور : قد هداها لحفظ سنة نبيها المُبينة والمفصلة لهذا القرآن على مر القرون
ولقد كان صحابة النبي والناس ينقلون عنه في حياته وبعد مماته أقواله وأفعاله وتقريراته وأوامره ونواهيه بغير إشكال إلى أن وقعت الفتن واندس بعض المجوس واليهود والمنافقين والزنادقة بسمومهم يؤلفون على النبي وأهله وصحابته ما لم يقولوه – محاولين بذلك ضرب هذا الدين في مقتل (لأن زوال السنة يفتح الباب لكل مَن هب ودب لتحريف معاني القرآن حسب جهله وهواه) – فالتفت المسلمون حينها لأهمية تجميع وتدوين السنة وتمحيصها من كل دخيل تماما كما فعلوا مع القرآن بعد موت النبي في زمن الخليفة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم …
فظهرت بذلك مجموعة من ألوان الفنون لتصب في النهاية في بناء هذا العلم الشريف مثل : التراجم (جمع ترجمة وهي تدوين سيرة الأشخاص كمولدهم وحياتهم وتعليمهم وتلقيهم وأخلاقهم ودينهم وقوة حفظهم وموتهم ومَن التقوا وسمعوا) – ومثل الجرح والتعديل (وفيه الحُكم على رواة الأحاديث كل واحد منهم بما هو أهله من قوة الحفظ والفهم والضبط وصحة الدين أو الأمانة وعدم الكذب أو السقوط في ذنب يذهب بالثقة منه أو يخرم المروءة) ولدرجة أننا نجد في هذه الكتب أن فلان مثلا بعد سن كذا أو موقف كذا أو سفره إلى بلد كذا : صار حفظه ضعيفا !! أو كبر سنه فضعف حفظه !! أو ضاعت أوراقه وصحفه فصار يروي من حفظه بصورة ضعيفة إلخ
وهكذا امتلأ العالم الإسلامي شرقا وغربا في القرون الأولى بعشرات التصانيف والمؤلفات في التراجم والسير والجرح والتعديل وكتب الأحاديث كالموطأ والسنن والمسانيد والصحاح وكل منهم يعرض أقوى الشروط لديه في قبول الروايات أو كيفية تصنيفه لها – وكل ذلك بما يضيق المجال عن ذكره الآن وربما أفردنا له منشورات قادمة بإذن الله .. ولكن يكفينا الآن أننا عرفنا أن علم الحديث هو علم كامل قائم بذاته : لا يحق أن يتحدث فيه إلا مَن حاز مبادئه على الأقل وإلا كان كالمتقول في علم لا يعرفه ولا يفهمه وهذا من الحماقة بمكان …!
————————
1-
تقول البريطانية الباحثة في الأديان (كارين أرمسترونج) في كتابها (سيرة النبي محمد ص 388 ترجمة د. فاطمة نصر : د. محمد عناني 1998م شركة صحارى : كتاب سطور) :
” تكوِّن الأحاديث النبوية مع القرآن أصول الشريعة الإسلامية، كما أصبحت أيضاً أساساً للحياة اليومية والروحية لكل مسلم. فقد علَّمت السنَّة المسلمين محاكاة أسلوب محمد في الكلام، والأكل، والحب، والاغتسال، والعبادة، لدرجة يعيدون معها إنتاج حياة النبي محمد على الأرض في أدق تفاصيل حياتهم اليومية بأسلوب واقعي ” !!..
2-
وحتى القس المستشرق الإنجليزي (دافيد صموئيل مرجليوث) 1858: 1940م وهو أحد أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق : فرغم عدائه الشهير للإسلام إلا أنه لم يتمالك نفسه إذ يقول في (المقالات العلمية ص 234- 253 : نقلا ًعن تقدمة العلامة اليماني المعلمي في المعرفة لكتاب الجرح والتعديل) :
” ليفتخر المسلمون ما شاؤوا بعلم حديثهم ” !!
وأما في كتابه (التطورات الأولى للإسلام : المحاضرة الثالثة ص 98) فيعترف برجوع سند الاحاديث لما قبل القرن الأول الهجري !!.. مخالفا ًبذلك أكاذيب أترابه المستشرقين الحاقدين للطعن في علم الحديث كما سيأتي (والتي لا زال ينقلها جهلة منكري السنة عنهم إلى اليوم) فيقول :
” حتى وإن لم نصدق أن جل السنة التي يعتمد عليها (الفقهاء) في استدلالاتهم صحيحة، فإنه من الصعب أن نجعلها إختراعا ًيعود إلى زمن لاحق للقرن الأول ” !!..
3-
ويقول العالم الألماني (أشبره نكر) في مقدمة كتاب (صانه) – طبعة كالكوتا ونقلا ًعن الشيخ (مصطفى صبري) في كتاب (موقف العقل والعلم والعالم 4/59) :
” إن الدنيا : لم تر ولن ترى أمة ًمثل المسلمين !! فقد د ُرس بفضل علم الرجال الذى أوجدوه حياة نصف مليون رجل ” !!
4-
ويقول الأستاذ (محمد بهاء الدين) في رسالته العلمية (المستشرقون والحديث النبوي ص 30) :
” فالطريقة التي سلكها العلماء في التثبت من صحة الحديث سندا ًومتنا ً وما ابتدعوا لأجل ذلك من علوم كـ : علم أصول الحديث – وعلم الجرح والتعديل – وغيرهما من العلوم : طريقة أشاد بها كثير من الغربيين في تحقيق الراوية أمثال : باسورث سميث عضو كلية التثليث في اكسفورد، وكارليل، وبرنارد شو، والدكتور : سبرنكر كان .. فقد أعلن هؤلاء إعجابهم بالطريقة التي تم بها جمع الأحاديث النبوية، وبالعلم الخاص بذلك عند علماء المسلمين، وهو الجرح والتعديل ” !!
5-
وحتى الباحث النصراني (أسد رستم) : فعندما كتب كتابه (مصطلح التاريخ) : وأراد أن يؤصل فيه لعلم حفظ الأخبار التاريخية : لم يسعه إلا التأثر بقواعد علم مصطلح الحديث، واعترف بأنها :
” طريقة علمية حديثة : لتصحيح الأخبار والروايات ” !!
وقال بعد أن ذكر وجوب التحقق من عدالة الراوي، والأمانة في خبره :
” ومما يذكر مع فريد الإعجاب والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين في هذا الباب، وإليك بعض ما جاء في مصنفاتهم نورده بحرفه وحذافيره تنويهاً بتدقيقهم العلمي، اعترافاً بفضلهم على التاريخ ” !!
ثم أخذ ينقل نصوصاً عن بعض أئمة المسلمين في هذا الشأن …!
6-
وأما الشيخ (فاروق حمادة) فيقول في طليعة كتابه (المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل ص 14) :
” وهذا البحث قد انفرد به المسلمون دون غيرهم، وشهد لهم بذلك كثير من باحثي الفرنجة وغيرهم، واعترافاتهم بذلك مشهورة مسطورة لا حاجة بي إلى التعريج عليها ” !!..
7-
وأما الكاتب (روبسون) ففي كتابه (الإسناد في التراث الإسلامي ص 26) فيقول :
” أن بعض المستشرقين فطنوا إلى أن ما يُروى عن كبار الصحابة من الحديث : هو أقل بكثير مما يروى عن صغارهم ، وقد رأى أن ذلك يحمل على الاعتقاد بصحة ما نقله المحدثون أكثر مما نتصور – أي مما يتصوره المستشرقون – إذ لو اختلق المحدثون الأسانيد : لكان بإمكانهم جعلها تعود إلى كبار الصحابة ” !!..
8-
وكما استطاع الكاتب السابق التأكد من صحة علم السند بهذه اللفتة البسيطة التي ما كانت لتفوت على أصحاب علوم الإسناد لو كانوا كاذبين ومدلسين كما يدعي الحاقدون والكاذبون من المستشرقين ومَن تربوا على كتبهم من منكري السنة والحداثيين والتغريبيين والمعتزلة الجدد وغيرهم :
فقد كتب الأستاذ الألماني (هارولد موتزكي) عن طريقته التي أثبت من خلالها أنه :
” بالإمكان إثبات أن مصنف عبد الرزاق : يرجع إلى الوقت الذي يزعمه المسلمون. ومن خلال بحثه : أصبح من الصعب على المستشرقين في هذا الوقت زعم أن المسلمين زيفوا الإسناد في بداية منتصف القرن الثاني وكما كانوا يزعمون ذلك من خلال دراسات قديمة قام بها مستشرقون من أمثال شاخت Schacht و جولدزهير Goldziher ” !!!
وتعتمد طريقة (هارولد موتزكي Harlod Motzki) على :
” نقد الإسناد من خلال تبين أنه من المستحيل (من ناحية الاحتمالات) تزييف كل هذه الأسانيد التي تفرعت على هذه المدة الطويلة وعلى مناطق جغرافية شتى وعلى رجال بهذا العدد الكبير !! ولكن الإسناد بقي إلى درجة كبيرة متصلا ً” !!
وبعد هذه المرحلة : يبدأ (موتزكي) بمقارنة الرويات التي تدور حول حديث ٍواحد ولا يقتصر على جمع كل الروايات من كتب الحديث فقط ولكنه يجمع أيضا ًروايات من كتب التاريخ والطبقات : ثم يبين من خلال مقارنة النصوص أن هذا الاختلاف ليس اختلاف يرجع في مجموعه إلى مؤلفي الحديث ولكنه اختلاف نجم عن :
” رواية من خلال السمع من شخص ٍإلى شخص ٍآخر ” !!
9-
ويقول الكاتب (برنارد لويس) في كتابه (الإسلام في التاريخ ص 104- 105 عام 1993م) :
” في وقت مبكر : أدرك علماء الإسلام خطر الشهادات الكاذبة والمذاهب الفاسدة فوضعوا علما ًلانتقاد الأحاديث والتراث وهو (علم الحديث) كما كان يُدعى .. وهو يختلف لاعتبارات كثيرة عن علم النقد التاريخي الحديث !! ففي حين أثبتت الدراسات الحديثة اختلافا ًدائما ًفي تقييم صحة ودقة السرد القديمة (أي في غير الإسلام) : نجد أن الفحص الدقيق له (أي لعلم الحديث) باعتنائه بسلاسل السند والنقل وجمعها وحفظها الدقيق من المتغيرات في السرد المنقول تعطي التأريخ العربي في القرون الوسطى احترافا ًوتطورا ًلم يسبق له مثيل في العصور القديمة !! ودون حتى أن نجد له مثيلا ًفي الغرب في عصوره الوسطى في ذلك الوقت !! والذي بمقارنته (أي علم الحديث عند المسلمين) بالتأريخ المسيحي اللاتيني : يبدو الأخير فقيرا ًوهزيلا ً!! بل وحتى طرق التأريخ الأكثر تقدما ًوتعقيدا ًفي العالم المسيحي اليوناني : فلا تزال أقل من المؤلفات التاريخية للإسلام في مجموع تنوع وحجم وعمق التحليل ” !!
وإليكم النص الأصلي باللغة الإنجليزية :
From an early date Muslim scholars recognized the danger of false testimony and hence false doctrine, and developed an elaborate science for criticizing tradition. ” Traditional science”, as it was called, differed in many respects from modern historical source criticism, and modern scholarship has always disagreed with evaluations of traditional scientists about the authenticity and accuracy of ancient narratives. But their careful scrutiny of the chains of transmission and their meticulous collection and preservation of variants in the transmitted narratives give to medieval Arabic historiography a professionalism and sophistication without precedent in antiquity and without parallel in the contemporary medieval West. By comparison, the historiography of Latin Christendom seems poor and meagre, and even the more advanced and complex historiography of Greek Christendom still falls short of the historical literature of Islam in volume, variety and analytical depth.
(Bernard Lewis, Islam In History, 1993, Open Court Publishing, pp.104-105)
ونتابع :
10-
ومن باب الإشارة إلى جهالات وافتراءات أولئك المستشرقين الذين تعرضوا لعلم الحديث والإسناد بزعمهم فخرجوا لنا بالغرائب والعجائب والافتراءات سواء في نتيجة أبحاثهم أو حتى في طريقة بحثهم نفسها :
فهذا (جوزيف شاخت) الباحث الألماني 1902 – 1969م : زعم أنه أجرى دراسة على (الأحاديث الفقهية وتطورها) وكان محل دراسته في ذلك كتاب (الموطأ) للإمام مالك وكتاب (الأم) للإمام الشافعي رحمهما الله :
فخرج بغرائب نتائج مَن يجهل أو يتجاهل عن عمد : ثم قام بكل بساطة بتعميم نتائج دراسته تلك على كل كتب الحديث الأخرى !! تلك النتائج التي تخلص إلى أن السند :
ما هو إلا جزء اعتباطي في الأحاديث !! وأن الأسانيد : قد بدأت بشكل بدائي حتى وصلت إلى كمالها في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري (وهو ما كذبه مرجليوث نفسه كما أوردنا من كلامه بالأعلى وهو مَن هو في عدائه للإسلام هو الآخر) !! وأنها كانت كثيراً ما لا تجد أقل اعتناء !! ولذا : فإن أي حزب يريد نسبة آرائه إلى المتقدمين كان يختار تلك الشخصيات : فيضعها في الإسناد !!!
وغفل أو تغافل هذا الـ (شاخت) :
أن كتب الفقه والكتب الحديثية الفقهية عموما ً(ككتابي الموطأ والأم وإلى اليوم) : لا تعتني كثيرا ًبنظم الأسانيد كاملة مع كل رواية وخصوصا المكرر: بقدر ما تعتني بذكر متون الآحاديث التي سيستقي منها العالم الحُكم الشرعي أو يُحلله !!!
فقد يكتفي العالم أحيانا ًبذكر آخر راوي ٍأو آخر راويين فقط من سلسلة السند لعدم الإطالة !! وذلك بخلاف كتب الحديث المتخصصة أو المتوسعة في ذلك وبيانه !! والتي يجب للعالم فيها ذكر السند كاملا ًلكل حديث ٍمما وصله وربما علق عليه (مثل مسند أحمد بن حنبل وأبي يعلي وغيرهما أو صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما أو سنن الترمذي وابن ماجة والنسائي وأبي داود إلخ)
ومن المستشرقين أيضا ًمن شكك في بدايات الإسناد كما فعل (كايتاني) المتوفي 1926م والذي زعم في حولياته قوله :
” أن الأسانيد : قد أضيفت إلى المتون فيما بعد بتأثير ٍخارجي ( !! ) لأن العرب لا يعرفون الإسناد ( !! ) وأن استعمال الأسانيد إنما بدأ أول ما بدأ بين عروة بين الزبير المتوفى سنة 94هـ، وابن إسحاق المتوفى سنة 151هـ ( !! ) وأن عروة لم يستعمل الإسناد مطلقاً ( !! ) وأن ابن إسحق استعملها بصورة ليست كاملة ” !!!
(ملحوظة جانبية : مَن يعرف الشبهات المحفوظة لمنكري السنة إلى اليوم : سيجدها ما هي إلا تكرار ممجوج لما أملاه المستشرقين الأجانب غير العرب عليهم فصدقه الجاهلون منهم أو عمل به مَن في قلبه مرض من المنافقين والمرتزقة !!)
وأما (شبرنجر) المتوفي عام 1893م : فيشير إلى ما أسماه (( تعاسة نظام الإسناد )) !! وأن اعتبار الحديث شيئاً كاملاً سنداً ومتناً : قد سبَّب ضرراً كثيراً وفوضى عظيمة ( !! ) وأن أسانيد عروة مختلقة ألصقها به المصنفون المتأخرون !!
وأما (ميور) المعاصر لـ (شبرنجر) : فينتقد طريقة اعتماد الأسانيد في تصحيح الحديث لاحتمال الدس في سلسلة الرواة ( !! )
وكأنا به لم يقرأ كلمة ًواحدة ًمن علم الحديث والإسناد ولا الجرح والتعديل !!
والحقيقة :
أن هؤلاء القوم من المستشرقين الغير منصفين : إنما أكل قلوبهم الحقد والحسد على علم الحديث لدى المسلمين الذي تفردت به أمة الإسلام بين الأمم باعتراف المنصفين منهم كما رأينا – بل وبين ديانات الأمم جميعها (وثنيها وبشريها والمحرف منها) بما في ذلك كتبها المقدسة وتراثها وتاريخها !!