موجات الجاذبية…نشأة الكون ولكن ما العلاقة؟
دائمًا ما يتردد في أذهاننا السؤال التّالي: من أين أتت كلّ تلك الأشياء من حولنا كالمياه والجبال والنباتات وأيضًا الكواكب والنجوم والمجرات وغيرها من ظواهر الطبيعة والكون، ونعلم أنّها جميعًا من صنع وخلق الله القادر الحكيم،
لكن كيف وصلت إلى ذلك الحال الذي نراه كلّ يوم وكلّ وقت، وما الأدلّة التي وجدها العلماء حول نشأة ذلك الكون الشاسع الذي نعيش فيه أنا وأنت الآن؟
لكن لكي نتحدث عن نشأة الكون نحتاج ما لا يقل عمّا يقارب السنتين حتى ننتهي من المقدمة فقط؛
فالكون الذي من حولك مليء بالكثير من الأمور التي تحتاج إلى التدقيق الشديد، والنظر في: توسع تلك المساحة الشاسعة له وموجات الجاذبية التي تم اكتشافها والتنبّؤ بها بواسطة عالم الفيزياء العبقري «ألبرت أينشتاين» منذ ما يقرب ال 100 عام تقريبًا،
ولكنّه أيضًا من خلال حساباته الدقيقة توقّع أنها ستكون ضعيفة للغاية لدرجة عدم اكتشافها أبدًا!
لكن اكتشاف (BICEP2) هو الدليل الأكثر إقناعًا – لأنها اكتشاف مباشر- بأنَّ موجات الجاذبية موجودة بالفعل.
-الموجات وتوسع الكون:
وعلاوة على ذلك، سأخبرك بشيء مهم يجب أن تعرفه عن تلك الأمواج، وهو أنّ هذه الأمواج في حقيقة الأمر تُعدّ تأكيدًا لنظرية تُعتبر حجر زاوية لعلم الكونيات في صورته القياسية، هذه النظرية تُدعى «نظرية التضخم» والتي تقول بأنّ الكون في لحظاته الأولى تعرّض لتوسّعٍ أسّي لفترة وجيزة.
ولكن خلال فترة التضخم تلك، كانت درجة حرارة الكون -وبالتالي الطاقات التي وصلت إليها الجسيمات الأوليّة أيضًا- أصبحت أعلى بمقدار تريليونات المرّات من تلك التي يمكن تحقيقها في أي مختبر، حتى لو كان باستخدام مسرعات الجسيمات مثل مُصادم الهادرونات الكبير الموجود في سيرن بالقرب من جينيف، بسويسرا.
ولأن التضخم هو ظاهرة كمومية – أي أنها تابعة لعلم الكم – وموجات الجاذبية هي جزء من الفيزياء الكلاسيكية،
بالتالي فإنّ موجات الجاذبية تثبت وجود صلة بين الاثنين، ويمكن أن تكون هي أول دليل على أنّ للجاذبية طبيعة كمومية مثلها مثل قوى الطبيعة الأخرى.
-ولكن مهلًا، نسينا أن نُعرّفك على موجات الجاذبية ولمَ تُسمّى بذلك الاسم؟
الجاذبيّة، وفقًا لنظرية أينشتاين العامّة للنسبية، فهي: كيف تشوه الكتلة شكل الفضاء، حيث أنّه بالقرب من أي جسم ضخم يُصبح نسيج الفضاء (نسيج الزمكان) منحنيًا، ولكن هذا التقوس لا يلبث أن يدوم بالقرب من الجسم الضخم.
على وجه الخصوص، قد أدرك أينشتاين أنّ ذلك التّشوه يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء الكون، تمامًا كما تنتشر الموجات الزلزالية عبر القشرة الأرضية،
لكن وعلى عكس الموجات السيزمية، يمكن لموجات الجاذبية أن تنتقل في الفضاء، وأن تنتشر تلك الموجات بسرعة تصل لسرعة الضوء!
فإذا تَمكّنْتَ من مشاهدة إحدى موجات الجاذبية وجهًا لوجه، أي أثناء تحركها نحوك وأنت تنظر إلى أعلى على سبيل المثال، فسترى أنّ الفضاء ينضغط ثم يتمدد وستجد ذلك يحدث بشكلٍ متناوب، في الاتجاهين لليمين ولليسار وأيضًا لأعلى ولأسفل.
-والآن دعنا نسأل أنفسنا: هل التّضخم هو الشيء الوحيد المُسبب للموجات التثاقلية (الجاذبية) تلك؟
فالإجابة هي …كلّا،
بل من المفترض أن تنتج تلك الموجات من أي شيء ضخم ويخضع ذلك الشيء أيضًا لتسريعٍ عنيف فيسبب حدوث تلك الموجات.
فَمن الناحية العملية، فَإنّ موجات الجاذبية الوحيدة التي قد نكون قادرين على قياسها مباشرةً هي تلك التي تنتج من خلال أحداث كارثية ضخمة مثل ثقوب سوداء تتصادم ومن ثم تتكون نتيجة ذلك التصادم إحدى موجات الجاذبية الكبيرة وتتبعها موجات أصغر منها.
بالإضافة إلى ذلك، تحاول العديد من المراصد في جميع أنحاء العالم التقاط إشارات ناتجة عن الضوضاء البعيدة لمثل هذه الاندماجات أو التصادمات المصاحبة لتلك الثقوب السوداء.
المصدر: https://www.nature.com/news/all-you-need-to-know-about-gravitational-waves-1.14886