فى عام [1986] م حصل ثلاثة علماء على جائزة (نوبل) فى الفيزياء عن تطوير أجهزةٍ ميكروسكوبيّةٍ تُمكّن من رؤية الأشياء الصغيرة جدًا، نصف هذه الجائزة ذهب إلى (ارنست روسكا Ernest Ruska) عن اختراع الميكروسكوب الالكترونيّ، النّصف الآخر مُنح مناصفةً لكلٍّ من (جيرد بينج Gerd Binnig) و (هنريتش روهرر HEINRICH ROHRER) من معمل (IBM) البحثيّ بسويسرا عن تطوير ميكروسكوب المسح النّفقيّ (SCANNING TUNNLING MICROSCOPE) عام [1981] م، وهو موضوعنا اليوم.
يتمكن هذا الميكروسكوب من رؤية الذرّات والجزيئات المثبّتة على سطحٍ صلبٍ ورسم خريطةٍ لتوضيح ترتيب ذرّاتها، تعتمد فكرة الجّهاز على ظاهرةٍ كميّةٍ تدعى (النّفق الكميّ QUANTUM TUNNLING) التي تعتمد على النّظرة الاحتماليّة لوجود الالكترون حول النّواة.
لنُلقي أولًا نظرةً على ظاهرة (النّفق الكميّ). لنفترض وجود ذرّتي هيدروجين (بروتون يدور حوله الكترون) ولنسميهما ذرّة A، ذرّة B . تبعًا للنّظرة الكلاسيكيّة للذرّة (يوجد الالكترون في مسافاتٍ ثابتةٍ حول النّواة تسمى المدارات)، لكي يتمكن الالكترون من الانتقال من A إلى B، لابد من وجود طاقة تكتسبها الذرّة A للتغلّب على قوى الجذب بين بروتون ذرّة A والكترونها، أما النّظرة الكميّة للذرّة تنص على: <>. تبعًا لتلك النّظرة الكميّة للذرّة؛ يمكن أن يوجد الالكترون فى مكانٍ بعيدٍ نوعًا ما عن بروتون الذرّة A (ولكن مازال تابع للذرّة A) وقريبٍ نوعًا ما من الذرّة B، هنا يحدث انتقالٌ شبه تلقائيٍّ (أي لا يحتاج إلى طاقة) للالكترون من ذرّة A إلى ذرّة B، تُعرف هذه الظّاهرة ب (النّفق الكميّ).
يتكون ميكروسكوب المسح النّفقي من إبرةٍ مصنوعةٍ من معدن التنجستن، وله رأسٌ دقيقٌ جدًا جدًا، ويُسمى المسبار(PROBE).
بوضع المسبار قريبًا بشكلٍ كافٍ من العيّنة المراد تصويرها والمُثبتة على سطحٍ صلبٍ يمكن أن يتم انتقال الالكترونات من المسبار إلى العيّنة بواسطة النّفق الكميّ.
احتماليّة حدوث تلك الظّاهرة يزداد بتطبيق فرق جهدٍ صغيرٍ بين المسبار والعيّنة.
هذه الالكترونات تتسبب فى وجود تيارٍ كهربائيٍّ بين المسبار والعيّنة يتم قياسه بواسطة الجّهاز.
يعتمد التيّار النّاتج على المسافة بين المسبار والعيّنة، بالتالي يمكن تثبيت التيّار النّاتج بتثبيت المسافة بين المسبار والعيّنة، يتحرّك المسبار قريبًا أو بعيدًا عن العيّنة -تبعًا لتضاريس المادّة فيها (شكل المادة وترتيب الذرّات فيها)- لتثبيت التيّار النّاتج.
يرتبط المسبار بأذرعٍ تتحكّم بتغيير المسافة بين المسبار والعيّنة تبعًا للتغيّر فى فرق الجّهد.
يستخدم العلماء هذا الميكروسكوب بشكلٍ دوريٍّ لدراسة ترتيب الذرّات في المواد المُثبّتة على أجسامٍ صلبةٍ.
مؤخرًا، استعمل العلماء هذا الميكروسكوب في تحريك ذرّاتٍ مُنفردةٍ من سطحٍ إلى آخر في محاولةٍ لصنع موادٍ صغيرةٍ جدًّا جدًّا.
.