هل تريد أن تدرسَ إحدى نظريّات علم الاقتصاد؟ ما عليك سوى التوجُّه سريعًا إلى المَطبخ لندرسَ نظريّة اقتصاديّة، وإذا لم تُصدِّقنا فاقرإ المَقال إلى نهايته.
أوّلًا ادخل إلى مطبخك وأحضر (5) أكواب من الماء، وحاول أن تكون عَطِشًا قبل هذه التجربة، وابدأ بشرب أوّل كوب، سوف تشعر بالارتواء بالتأكيد، ثم ثاني كوب أيضًا، ولكن ماذا عن الكوب الثالث؟ من المفترض أنك قد ارتويتَ وتشبَّعتَ. والآن اشربِ الكوب الرّابع، سوف يبدأ بطنك بالانتفاخ، وهنا اسألك: هل ستشرب الكوب الخامس؟
في المثال السابق حاولنا أنْ نُسلِّطَ الضوء على مبدإٍ اقتصاديٍّ مُهِمٍّ هو [مبدأ تناقص المَنفعة الحدّيّة]، وهو ضمن نظريّة تُسمّى [نظرية المَنفعة الحدّيّة]، ولكي نتطرّق إلى هذه النظريّة، يَجب أن نُدركَ أوّلًا بعض المفاهيم الأساسيّة لها:
#ما_هي_المَنفعة؟
المَنفعة هي درجة الإشباع (الشعور بالرّضى والسّعادة) التي يُحقِّقها المُستهلِك من استهلاك كمّيّة مُعيَّنة مِن السّلعة (مثل التفاح أو الأرز.. إلخ). وبما أنّ من الصّعب قياسَ المَنفعة بصورة كمّيّة (أي كمّيّتها الحقيقية) فإننا سنفترض أنّ بالإمكان قياسَها رقميًّا (أي بوضع أرقام تُساعِدنا على فهم فكرة المَنفعة).
إذا استوعبتَ ما سبق فإننا نُهنِّئك! فلقد قطعتَ تقريبًا نصف الطريق. والآن حان الوقت لنُوضِّح مفهومَين رائعين، هما محور ما نَتحدَّث عنه:
/1/ #المَنفعة_الحدّيّة: وهي المَنفعة الإضافيّة النّاتجة عن استهلاك وحدة إضافيّة مِن سِلعة ما (أي شرب كوب ماء آخر كما فى مثالنا السّابق عن مبدإ تناقص المَنفعة الحدّيّة).
/2/ #المَنفعة_الكُلّيّة: هي مجموع المنافع التي حصل عليها المُستهلِك من استهلاك أكواب الماء الخمسة.
سنُوضِّح مثالنا السّابق عن أكواب الماء رقميًّا فى جدول (الصورة 1) ليَظهر لنا الفرق بين (المَنفعة الحدّيّة) و(المَنفعة الكُلّيّة)، ولكن بافتراض أنّ لدينا (8) أكواب.
يُمكِننا من الجدول أنْ نرى أنّ المَنفعة الكُلّيّة تتزايد كلّما ازداد عددُ الوحدات المُستهلَكة إلى أنْ تصلّ إلى أقصاها عند استهلاك الوحدة السادسة.
وإذ إننا نفترض رشادة المُستهلِك [*] فإننا نتوقّع أنّه لن يُقدِمَ على تناول الكوب السّابع؛ لأنه لن يُؤدّيَ إلى زيادة مَنفعته الكُلّيّة، حيث إنه قد بلغ حدّ الإشباع الكامل بتناول الكوب السادس، وعلى ذلك فإنّ المَنفعة الحدّيّة للكوب السابع تساوي صِفرًا.
نرى أيضًا من الجدول تناقُص المَنفعة الحدّيّة، إذ إنه كلّما ازداد عدد الوحدات المُستهلَكة مِن السِّلعة انخفضَتِ المَنفعةُ المُحصَّلةُ مِن استهلاك وحدة إضافيّة منها، وهذا ما يُطلَق عليه [قانون تناقُص المَنفعة الحدّيّة].
ولزيادة التّوضيح فلنُشاهِدِ الرّسم البَيانيَّ (الصورة 2)، حيث يُعبِّر الخطُّ الأحمرُ عن المَنفعة الحدّيّة، في حينٍ يُعبِّر الخطُّ الأزرقُ عن المَنفعة الكُلّيّة.
من الجدول والرّسم البَيانيِّ، يُمكِن أنْ نقولَ أنّ المَنفعة الكُلّيّة عِبارةٌ عن تراكُم المَنفعة الحدّيّة.
[*] رشادة المُستهلِك: تعني أنّ المُستهلِك الذي ندرُسُ سُلُوكَه مُستهلِكٌ راشدٌ اقتصاديًّا؛ حيث يَختارُ -بعد تفكُّرٍ وإمعانٍ- السِّلعَ التي تُحقِّق له أقصى إشباعٍ مُمكِن (أقصى مَنفعة حدّيّة مُمكِنة).