هذا اللايك يقول عنك الكثير !
تتحدث الأفعال دائمًا بصوت أعلى من الكلمات، حتى حينما لا تود ذلك، ففي الشهر الماضي أعلن موظفٌ سابقٌ في شركة (Cambridge Analytica) عن ادِّعاءاتٍ مفادها أنّ بيانات عشرات الملايين من مستخدمي فيسبوك استولِيَ عليها من قبل الشركة، وتم استغلالها بشكل سيء في محاولةٍ للتأثير عليهم خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، حيث كان دعمهم في كفة ترامب.
أوضح كريستوفر وايلي (أحد الناشرين) كيف يمكن لتطبيق شركة فيسبوك أن يسحب البيانات ليس فقط من حساباتهم الشخصية، بل من شبكات أصدقائهم بالكامل، وبالتالي جميع البيانات – التي نعرفها الآن – تم الاستيلاء عليها دون علم مستخدمي فيسبوك. ومن جانبها، تعترف فيسبوك بمعرفتها وصول الشركة لتلك البيانات، زاعمةً عدم علمها باستخدامها السيء لها، وفي ذلك عقَّب وايلي بأن فيسبوك كانت تعرف ما يفعله التطبيق وتعرف أغراضه، حيث منحوه الإذن لذلك.
لكن لم تقف الأمور عند هذا الحد، فلم يكتفوا بتلك المعلومات التي نقوم بوضعها في حساباتنا الشخصية، بل وصل نفوذهم إلى استغلال تلكم الأشياء التي نُعجب بها، كمقاطع الفيديو والمنشورات المميزة، والأطعمة المفضلة والكتب وما شابه… فالأمر ليس مجرد استخدام سيء كما يدَّعون، بل أشبه بمسرحية كان ممثلوها فيسبوك والشركة المذكورة.
طبقًا لدراسةٍ أجراها عالم النفس الحسابي وعالم البيانات الضخمة ميشال كوسينسكي وآخرون في عام (2013)، تبين أن فيسبوك يمكنها التنبؤ بشكل تلقائي ودقيق بالعديد من سماتك الشخصية الحساسة من خلال إعجاباتك على المنشورات، فعلي سبيل المثال: كانت خوارزمية كوسينسكي قادرة على التنبؤ بما إذا كان الشخص أسودًا أم أبيضًا بدقة (95%)، ذكرًا أم أنثى بدقة (93%)، ديموقراطيًا أم جمهوريًا بدقة (85%) وغيره.
والغريب أن عشر إعجابات كافيةٌ لجعل الحاسوب يعرف عنك أكثر من زميلك الدراسي، وسبعين إعجابًا يتخطى بها رفيق غرفتك، أما المائة والخمسين فيتجاوز أحد أفراد أسرتك، وعند الثلاثمائة فإنه يعرفك أكثر من زوجتك.
والمؤكد أن جميع البيانات المستخلصة من حسابك الشخصي على فيسبوك مفيدة لفهم من أنت بالتحديد، مفيدة لمعرفة الطرق الصحيحة لاستهدافك، فمن خلال رسالة مخصصة بطريقة معينة يراها أو يسمعها الجميع، ستجعلهم ينقرون على صفحة معينة، أو يشترون منتجًا معينًا، أو حتى يصوتون لمرشح سياسي بعينه.
طبقًا لعلماء النفس، فالطريقة التي يصفون بها الأشخاص تعتمد على معرفة خمس صفات شخصية تُدعى (Big Five)، وهم الانفتاح، والوعي، والمرح، والوفاق، والعصابية المعروفة باسم (OCEAN) -يمكنك البحث عنهم لمعرفة المزيد- وبفضل الصور والمحتوى المناسبين، وسياق الحديث، والفوارق الدقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنهم التأثير على أفكار الفرد، وجعله يضغط على أي شيء.
حينما تصبح حياتك رقميةً كما هو الحال لدى معظمنا، فأنت تعطي باستمرار نقاط ضعفك لغيرك، فهاتفك الذكي، وجهازك الحاسوب، وبريدك الإلكتروني، والشركات الكبرى كأمازون، وجوجل، وفيسبوك، وغيرهم… جميعهم يجمعون البيانات عنك بشتى السبل.
فعلى سبيل المثال: إذا قمت بتحميل بياناتك الخاصة من على فيسبوك؛ – ويمكنك القيام بذلك بسهولة عن طريق تسجيل الدخول، والضغط على الإعدادات، ثم إعدادات الحساب العام – ستتمكن من الوصول إلى فئات مذهلة من سبعين فئة من البيانات.
أخيرًا، إذا عرفت من يراقبك، ومن يقوم بتوصيفك بطريقة نفسية من خلال معرفة سلوكياتك والتنبؤ بها؛ حينها فقط ستفهم تلك الاستراتيجيات المعرفية التي تُستخدم لاستهدافك، وكيف يمكنك التغلب عليها.
المصدر: https://edition.cnn.com/2018/04/10/health/facebook-likes-psychographics/index.html?sr=twCNN041018facebook-likes-psychographics1240PMVODtop