حيث في حين يتجه العالم كله رسميا منذ أكثر من 10 سنوات للاهتمام والاحترام للطب التقليدي أو الشعبي الموروث وينشئوا له المستشفيات والأبحاث العلمية الموثقة ويعتنوا به وبدمجه مع الطب الحديث والاستفادة القصوى منه : نجد عملاء نشر الإلحاد والتشكيك في بلادنا الإسلامية لا يصورونه لمتابعيهم إلا على أنه دوما يساوي (العلم الزائف) Pseudo-science – وخصوصا إذا تحدث أحد (أي أحد ولو بمجرد الإشارة) عن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن التداوي مثلا بحبوب معينة (كالحبة السوداء) أو أعشاب محددة أو حجامة فضلا عن القرآن !! (ونحمد الله أن فضحتهم أوليمبياد ريودي جانيرو الأخيرة والإعلان الكاسح فيها عن الحجامة عالميا) وسوف يكون لنا منشورين متخصصين للحبة السوداء وأبحاث عالمية تعتمد على مواد فعالة منها – وكذلك منشور للتعريف بالحجامة وأنواعها
وأما اليوم :
فسنعرض لكم ما لا يعرضوه لمتابعيهم عن الطب التقليدي أو الشعبي – حيث سنكتفي فقط بما قالته ونشرته عنه منظمة الصحة العالمية World Health Organization أو الهاو (WHO) اختصارا على موقعها وفي استراتيجيتها (2002/ 2005) و (2014/ 2023)
ولكن قبل أن نبدأ معا : ما هو الطب التقليدي أو الشعبي ؟ وما هو الطب التكميلي أو البديل ؟؟
هو ببساطة شديدة الطب الذي مارسته كل شعوب وحضارات العالم القديمة وتوارثته على مدار آلاف السنين ومئات الأجيال وأثبت بالتجربة العادية للناس نجاعته وفوائده وتحقيق أهدافه المختلفة سواء في الوقاية أو العلاج النفسي والجسدي على قدر المستطاع – ويشمل ذلك استخدام الأعشاب الطبيعية والحبوب وتواليفها وخلطاتها المختلفة – ويشمل كذلك الممارسات اليدوية والجراحية وأدواتها البسيطة
هو نفسه الطب التقليدي أو الشعبي ولكن بدون التقيد ببلد أو شعب معين خاص به – فعندما تستخدم أمريكا مثلا اليوم الطب التقليدي أو الشعبي الصيني أو العربي أو الإسلامي : فهو في هذه الحالة يسمى بالطب التكميلي أو البديل بالنسبة لأمريكا – وبالطبع قد يستخدم بمفرده أو مقرونا بالطب الحديث وإمكانياته (مثل تعقيم الأدوات ونظافة العمل وتدريب الممارسين وتحليلات المريض قبل العلاج لتلافي أي آثار جانبية)
لعل ما يحدث الآن في أولمبياد مدينة ريودي جانيرو بالبرازيل أغسطس 2016 من الظهور الإعلامي الكاسح للحجامة وخاصة من الفرق الأمريكية (قبلة التقدم العلمي والطبي في العالم الحديث اليوم) : هو أحد نتائج الدراسات والكليات والعيادات المختصة بالطب التقليدي التي انتشرت في أمريكا وغيرها بسبب الاعتراف الرسمي لمنظمة الصحة العالمية (WHO) بالطب التقليدي أو الشعبي والتكميلي أو البديل – حيث أصدرت المنظمة استراتيجيتين للاعتراف بفضل هذا الطب والاعتراف بظلم الإعلام العالمي له – وأيضا بيان كيفية دمجه في العلم الحديث وتحقيق أقصى استفادة منه بتكثيف الأبحاث حوله والطرق المختلفة لتنقيته من شوائب أخطاء الهواة والحرفيين ووضع قواعد وأسس سليمة لممارسته في المستشفيات والعيادات دون أن يتهمه أحد بأنه (علم زائف) كما يفعل البعض إلى اليوم (تقريبا لا يفعله إلا الملاحدة العرب 🙂 )
حيث أصدرت المنظمة استراتيجية لعام 2002/ 2005 هذا رابطها : هنا
وهو ملف PDF (النسخة العربية المترجمة) حيث يمكن مطالعته وقراءته مباشرة من النت أو تنزيله وطباعته – وهو بعنوان :
استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب الشعبي 2002/ 2005
ورغم الأسلوب المهتز والمتخوف في لهجة الاستراتيجية : إلا أنها كانت هذه هي فاتحة المجال من أوسع أبوابه لإزالة الكثير من العراقيل الحكومية والتنظيمية من أمام هذا النوع من الطب
ثم كان التوكيد التام على البزوغ المتسارع والطاغي لهذه الممارسات بعد صدور الاستراتيجية الثانية لعام 2014/ 2023 هذا رابطها : هنا
وهو ملف PDF النسخة العربية المترجمة أيضا بعنوان :
استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب التقليدي (الشعبي) 2014/ 2023
والآن .. وقبل أن نعرض عليكم بعض الاقتباسات الهامة من الاستراتيجيتين – نريد أن نقتبس بعض الإشارات الهامة من المقال التالي المنشور على موقع المنظمة (من المجلد 90 العدد 8 لشهر أغسطس 2012 من مجلة منظمة الصحة العالمية)
أولا : رابط المقال لمَن لن يصدق ما سننقله منه الآن !! هنا
ثانيا : أبرز المقتطفات التي جاءت فيه عن الطب الشعبي في الصين :
حيث نريد منكم أن تقارنوها في عقولكم بالطب النبوي مثلا والذي يسخر منه مدعو العلم من الصفحات المروجة للكفر والإلحاد ويصورون أن أي اعتماد عليه هو جهل وتخلف ولو اعترفت به الدولة أو وزارة الصحة أو عقدت له مؤتمرات للتباحث فيه وفي تنقيته من الأخطاء والخرافات للاستفادة المنظمة منه فيكون ذلك عنوان الرجعية والشعوذة !! واقرأوا معنا الكلام الهام التالي وسنترك التعليق لكم :
” يعتقد الأستاذ كارل واه كيونغ تيزم، وهو اختصاصي البيولوجيا العصبية والذي يترأس فريق بحثٍ في قسم علم الحياة في جامعة المنطقة الإدارية الخاصة في هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، يعتقد أن الطب الصيني التقليدي بكل التحديات التي يمكنه أن يواجهها، عبارة عن منجم ذهب فارماكولوجي كامن. “يوجد نحو 100000 تركيبة تعود إلى 2000 سنة في الماضي، وأدوية يمكن استخدامها في معالجة طيفٍ من العلل التي تتراوح من الاكتئاب والأرق إلى تخلخل العظام”، كما يقول، مشيراً إلى أن الباحثين قد عثروا بالأصل على جوهرة واحدة على الأقل على شكل الأرتيميسينين والتي تعرف بـ الكينغاوسو في المندرين ”
” الطب التقليدي، والذي هو بشكل أولي عبارة عن استخدام توليفة من الأعشاب الموصوفة في مركبات، هام بشكل كبير في الصين، حيث يمثل فيها نحو 40% من السوق الصيدلانية الصينية، مع مبيعاتٍ سنوية مقدارها 21 بليون دولار أمريكي. ويعتبر الطب التقليدي خيارا رائجا لدى المرضى في الصين، وهو بالإضافة لذلك خيار تقوم الحكومة بدعمه بشكلٍ تصاعدي. وتبعاً لنائب وزير الصحة، وانغ جوكيانغ، قامت الحكومة في العام 2011 باستثمار بليون دولارٍ أمريكي تقريبا (6 بليون RMB) في بحث الطب التقليدي ومشاريعه، وهذا يعادل تقريباً ثلاثة أضعاف الكمية المستثمرة في العام 2010 ”
” وقد استخدم أكثر من 4 بليون RMB من المبلغ الأصلي لدعم الخدمات في مستشفيات الطب التقليدي في الصين والبالغ عددها 1814، في حين استخدم بليوناً آخر في بناء 70 مستشفىً للطب التقليدي على مستوى البلاد. “تؤلف المستشفيات التقليدية نحو 15% من الجهاز المستشفوي الإجمالي”، هذا ما يشرحه الدكتور Zhang Qi، وهو منسق فريق الطب التقليدي في منظمة الصحة العالمية، والذي لاحظ أن الطب الصيني متاحاً أيضاً في مستشفيات البلد التي تدعى بـ “المستشفيات الطبية الغربية ”
” ويبدو أن إقناع البحث العالمي ومجتمع التطوير بالأساس الدلالي للطب الصيني التقليدي أكثر تحدياً بالمقارنة مع تحديد معايير الجودة. ومع ذلك، يقوم الآن الباحثون الصينيون في المؤسسات الحكومية والأكاديمية أيضاً بالدفع نحو الأمام. إنهم يحاولون عزل المكونات الفعالة في الأدوية التقليدية، وهي مهمة صعبة لأن معظم الأدوية الصينية تحتوي على مكونات متعددة. وحتى إن الوصفات البسيطة مثل الدانجوي danggui – التطبيخ ثنائي الأعشاب الموصوف لتنبيه الجهاز المناعي والدوران الدموي معقد جزيئياً، والذي كان مركز الجهود البحثية لـ Tsim خلال العقدين الماضيين – لأن الأعشاب بحد ذاتها لها مكونات متعددة. حيث يقول Tsim “أنه يمكن أن يكون لعشبة واحدة مئات من المكونات “.
وفي ختام المقال :
” وبتمويل من المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد طور تشنغ حديثاً دواء قابلا للاختبار، على شكل كبسولة حاوية على مستحضر عشبي منزوع الماء. وهذا الدواء، الذي هو على وشك الدخول إلى الطور الثاني من التجارب السريرية، قد يكون محتمل التوافر خلال ثلاثة إلى خمسة أعوام. ومع ذلك، بالنسبة لتشنغ، إن القيام بالعمل العلمي وتأسيس الأساس الدلالي اللذين يضفيان الاحترام على مجال الطب الصيني التقليدي هامان بنفس قدر أهمية إنتاج الدواء الفردي. حيث يقول تشنغ، “إن الطب الصيني التقليدي كنز بشري ويجب مشاركته مع العالم بأسره “.
فهذا اعتراف رسمي نضعه في وجه كل متعالم يريد أن يعمم وصف (العلم الزائف) على كل الطب التقليدي أو الشعبي – حيث تقول المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة مارغريت تشان في بداية الاستراتيجية صـ 7 :
” والطب التقليدي (الشعبي) والطب التكميلي جزء هام من الرعاية الصحية، غالباً ما يُستخف به ويُبخس قدره. كما أن الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي موجود في كل بلد من بلدان العامل تقريباً، بل ويتزايد الطلب على خدماته يوماً بعد يوم. والطب التقليدي (الشعبي) الذي ثبتت جودته ومأمونيته ونجاعته يسهم في تحقيق هدف ضامن حصول كافة البشر على الرعاية المطلوبة. ويقر العديد من بلدان العامل حالياً بالحاجة إلى استنباط أسلوب متامسك ومتكامل لتوفري الرعاية الصحية، يتيح للحكومات، وممارسي الرعاية الصحية؛ والأهم من ذلك على الإطلاق، للمستفيدين من خدمات الرعاية الصحية، الحصول على
خدمات الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي بطريقة مأمونة ومحترمة ومجزئة وعالية المردود. ووجود استراتيجية تعزز الاندماج الملائم لهذه الخدمات وتنظيمها والإشراف عليها، يعود بالفائدة الكبيرة على البلدان التي ترغب في استنباط وتطوير سياسة استباقية نحو بلوغ هذا الجزء الهام – المفعم بالحياة والميال إلى التوسع – من الرعاية الصحية ”
ثم تقول :
” ولقد تغير الكثير منذ نشرت الاستراتيجية العالمية السابقة عام 2002 .فقد بادر المزيد من البلدان إلى القبول تدريجياً بالدور البناء الذي يستطيع الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي أن يلعبه في توفير الصحة والعافية للأفراد، وفي تحقيق شمولية نظم الرعاية الصحية التي تعنى بهم. وما من شك في أن الحكومات والمنتفعين بهذه الخدمات ينصب اهتاممهم على ما هو أكثر من الأدوية العشبية، وبدؤا الآن يتفكرون في الجوانب المتعلقة بممارسة الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي، وبالذين يمارسونه، وبما إذا كان من الواجب إدماج هذه الممارسات والممارسين في عمليات إيتاء الخدمات الصحية. وبتلبية هذا المطلب الجديد، وعملاً بالقرار ذي الرقم (ج ص ع 13-62) بشأن الطب التقليدي (الشعبي)، قامت منظمة الصحة العالمية مؤخراً بتحديث أهداف برنامج الطب التقليدي (الشعبي) لديها ”
حيث نريدكم فقط أن تتخيلوا ماذا سيكون رد فعل الصفحات مدعية العلم في بلادنا والتي تهاجم بكل جنون وشراسة أي إشارة للطب النبوي رغم أنه يثبت فعاليته وبأبحاث وتجارب عالمية : ماذا سيكون رد فعلهم إذا قال الكلام التالي أحد المسلمين ؟؟
بماذا ستصفه تلك الصفحات المروجة للكفر والإلحاد والتشكيك في الإسلام في بلادنا ؟؟
نترك لكم الإجابة – حيث ننقل لكم من المقدمة صـ 16 الكلام التالي :
” يستعمل الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي على نطاق واسع حول العالم، وينظر له بعين التقدير لعدة أسباب. ففي المؤتمر الدولي لبلدان جنوب شرقي آسيا حول الطب التقليدي (الشعبي)، والذي عقد في شباط/فبراير 2013 ، أعلنت الدكتورة مارغريت شان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية أن :
«الأدوية العشبية التي ثبتت جودتها ومأمونيتها ونجاعتها تسهم في تحقيق ضامن حصول كل الناس على الرعاية اللازمة؛ وتعتبر الأدوية العشبية، والمعالجة العشبية، والممارسون التقليديون (الشعبيون) المصدر الرئيسي للرعاية الصحية، بالنسبة لملايين البشر، بل إنها في بعض الأحيان المصدر الوحيد لهذه الرعاية. فهي رعاية قريبة من البيوت ويمكن الحصول عليها بسهولة ولا تكلف الكثير. كما أنها مقبولة ثقافياً وتثق بها أعداد كبيرة من الناس. ويسر تكاليف الحصول على معظم الادوية العشبية يجعلها أكثر جاذبية في وقت ارتفعت فيه تكاليف الرعاية الصحية ارتفاعاً جنونياً، وساد فيه التقشف معظم أنحاء العالم. ثم إن الطب التقليدي (الشعبي) استطاع أن يفرض نفسه كطريقة من طرق التكيف مع الارتفاع الشرس في معدلات انتشار الأمراض غير السارية المزمنة»
وبغض النظر عن أسباب اللجوء إلى أحضان الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي طلباً للاستشفاء فإن ما من شك كبير في أن الاهتمام به قد تنامى كثيراً وسوف يواصل تناميه على ما يظهر في مختلف أنحاء العالم ”
وهنا نختم هذا المنشور ببيان دور دعم منظمة الصحة العالمية لتقنين ودمج هذا النوع من الطب وإحاطته بما يرفع من شأن فعاليته ومأمونيته بين الناس فقالوا من صـ 16 وما بعدها :
” إن مهمة المنظمة هي المساعدة على إنقاذ الأرواح وتحسين الصحة. وفي سياق الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي، تكثف المنظمة جهودها في هذا المجال بالسبل التالية :
■ تيسير إدماج الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي في النظم الصحية الوطنية، عن طريق مساعدة الدول الأعضاء على تطوير سياساتها الوطنية في هذا القطاع؛
■ وضع دلائل إرشادية للطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي، باعتماد ونشر معايير دولية ودلائل إرشادية ومنهجيات تقنية للبحوث في مجالات المنتجات والممارسات والممارسين؛
■ حفز البحوث الاستراتيجية في الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي، من خلال تقديم الدعم
لمشروعات البحوث الإكلينيكية حول سلامته وفعاليته؛
■ الدعوة إلى الاستعمال الرشيد للطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي من خلال تعزيز استعماله على الأساس القائم على البينة.
■ التوسط في نقل المعلومات الخاصة بالطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي، وذلك من خلال القيام بدور المركز لتيسير تبادل المعلومات
وانتظرونا قريبا في منشورين عن الحجامة وأنواعها (والتي اشتهرت مؤخرا وظهر بها الكثير من لاعبي أولمبياد ريودي جانيرو 2016) وكذلك الحبة السوداء بأبحاث علمية وعالمية على بعض ما فيها من مواد فعالة ومفيدة في الكثير من العلاجات