قد تكون السفينة الغارقة الذي عُثِرَ عليها في النيل قد استلقت بهدوء منذ أكثر من 2500 سنة، لكنها حالياً تكشف أسرارها، إذ يعتقد العلماء أن هذه السفينة حوت بنيةً نوقِش وجودها لقرون.
في القسم 2.96 من كتاب التاريخ لهيرودوت Herodotus’ Histories والعائد لزُهاء عام 450 قبل الميلاد -والذي دوَّنه أثناء رحلته إلى مصر- يذكر فيه وجود نوع من قوارب الشحن التي تسير في النيل، وسماه باريز baris. ووفقاً لتصوره فقد بُنِي ممّا يشبه الطوب موصولاً بورق البردي، ومع دفة تمُرُّ من خلال فجوة في سطح القارب.
وقد وجد ما يشبه نُظُم التوجيه هذه في صور ونماذج أثناء الفترة الفرعونية، ولكن لمّا يوجدْ دليلٌ أثري ثابت على وجوده حتى الآن.
هذا القارب الذي سمي “قارب 17” موجود عند مصب أحد فروع النيل (النيل الكانوبي) عند مدينة ثونيس-هرقليون Thonis-Heracleion الغارقة وتسمى أيضاً مدينة هرقليون، والتي تعود إلى الفترة المتأخرة 332-664 قبل الميلاد. هنالك استكشف باحثون أكثر من 70 حطاماً للسفن وعددًا لا يحصى من القطع الأثرية التي تكشف عن تفاصيل مدهشة عن المركز التجاري القديم وثقافته.
وعلى الرغم من أنها بقيت تحت الماء مدة 2000 عام على الأقل إلا أن الحفاظ على “قارب 17” كان استثنائياً؛ إذ تمكن العلماء من كشف 70% من جسم السفينة.
وقال عالم الآثار داميان روبنسون Damian Robinson من مركز أكسفورد لعلم الآثار البحرية للغارديان في آذار مارس 2019: “باكتشافنا هذا الحطام علمنا أن هيرودوت كان مصيبًا”.
يعرض القارب العديد من العناصر التي تحدث عنها هيرودوت، وقد كتب عالم الآثار ألكسندر بيلوف Alexander Belov من مركز دراسة المصريات التابع للأكاديمية الروسية للعلوم: “إن مفاصل لوح القارب 17 متداخلة بطريقة تعطيها مظهر دورات من الطوب كما وصفها هيرودوت” وكان ذلك عام 2013،
“تُجمَّع الألواح الخشبية للقارب 17 عرْضيًّا من خلال خطوط طويلة بشكل ملحوظ، ويمكن أن يصل طولها إلى 1.99 مترًا، ويمر عبر ما يصل إلى 11 قطعة، وذكر هيرودوت أن لها لوحًا سفليًّا يبلغ سُمكه ضِعف الألواح التي داخل القارب وهذا موافق للوح القارب 17”.
هناك بعض التناقضات يذكرها هيرودوت؛ فالقارب الذي ذكره له أضلاع خشبية قصيرة، كانت تمسك الألواح الخشبية في الهيكل، ولم تكن لها إطارات تدعيم، والحال أن للقارب 17 عدة إطارات منها.
يمكن تفسير كل هذا إذا كان القارب 17 والذي يبلغ طوله 27 مترًا أكبر من الذي رآه هيرودوت، وقال روبنسون: “يصف هيرودوت القوارب بأنها تحتوي أضلاعًا داخلية طويلة، ولم يكن يعرف أحد ما الذي يعنيه بالضبط، ثم اكتشفنا لاحقاً هذا الشكل البنائي في هذا القارب بالتحديد، وهذا ما وصفه هيرودوت”.
وبالطبع فإن تلك الدفة الرائعة التي تُمرَّرُ من خلال فتحتين في الذيل: واحدة أمام الأخرى، ويبدو أن هذه
الثقوب سمحت بتوجيه أفضل اعتماداً على ما إذا كانت السفينة محملة بالبضائع.
ونلاحظ تشابهًا كبيرًا بين ما ذكره هيرودوت والقارب هذا لدرجة أنه من الممكن بناؤهما في حوض بناء السفن نفسه.
المصدر :
https://www.sciencealert.com/this-nile-shipwreck-is-long-awaited-evidence-herodotus-wasn-t-lying-about-egypt-s-boats