وباء “الخنّاق” يطرق أبواب اليمن!
بعد فاشية الكوليرا -التي وُصفت بأنها الأسوأ في العصر الحديث- شهد تشرين الثاني من السنة الماضية ظهور مرض وبائي آخر باليمن وهو الخنّاق (أو الدفتريا)، والذي انتشر بمعدل مقلق، فقد شُخص سريريًا لـ: (۱٨٩) حالة مع عدد وفيات بلغ (٢٠) حالة معظمهم من الأطفال والشباب؛ وتركزت معظم حالات الإصابة بمحافظة إب اليمنية، لكن المرض ينتشر بسرعة فقد طال بالفعل (۱٣) محافظة حتى حتى ذلك التاريخ.
وقد أوصلت بعض الأدوية واللقاحات إلى اليمن، للمساعدة في علاج الوباء وكبح انتشاره، وبدأت حملة للتلقيح منذ السبت (25 نوفمبر/ تشرين الثاني) تستهدف تمنيع (300,000) طفل أعمارهم دون العام؛ وقرر أن تبدأ حملة أخرى تهدف إلى تمنيع أكثر من (3) ملايين طفل وشاب في المناطق التي لها الأولوية.
نأمل أن تكون تلك الحملات قد ساعدت في السيطرت على الخناق كي لا ينتشر أكثر ويصبح وباء فتاكًا.
لكن ما مرض الخناق؟ وكيف يعالج؟ وما أسباب خطورته من الناحية الطبية؟ لنتعرف على ذلك.
——————
الخنّاق أو الدفتريا (diphtheria): هو عدوى خطيرة تسببها الجرثومة الوتدية الخناقية (Corynebacterium diphtheria)، ويتميز بتكوّن غشاء سميك على مؤخرة الحلق. وقد يؤدي الخناق إلى: صعوبة في التنفس، وفشل القلب، وشلل، وحتى إلى الموت.
والخناق أحد الأمراض التي يُمنّع الأطفال ضدها ضمن جدول التطعيمات الخاص بهم؛ فهو من الأوبئة التي انتشرت في الماضي وكان يمثل أحد الأسباب الرئيسة في موت الأطفال؛ ومع تقدم الطب وانتشار اللقاحات تمت السيطرة عليه وأصبح نادرًا في الدول الصناعية، لكنه ما زال موجودًا في بعض الدول النامية.
• أعراضه:
تظهر الأعراض بعد الإصابة بيومين إلى خمسة أيام نتيجة الذيفانات التي تفرزها الجراثيم، وتضمن:
– تكوّن غشاء رمادي سميك يغطي الحلق واللوزتين.
– التهاب الحلق وبحّة في الصوت.
– تضخم العقد الليمفاوية بالرقبة.
– صعوبة التنفس أو سرعة التنفس.
– سيلان الأنف.
– توعك أو فتور صحي.
– وهناك نوع من الخناق يصيب الجلد (الخناق الجلدي) ويسبب ألمًا، واحمرارًا، وتورمًا بالجلد؛ وقد ينتج عنه قرحات مغطاة بغشاء رمادي. ويكون أكثر شيوعًا في المناخ الاستوائي أو المناطق مزدحمة السكان وقليلة النظافة.
وتساعد هذه الأعراض الطبيب في التشخيص الأوليّ لكنه يحتاج أيضًا لاختبار معلمي للتأكيد.
• المضاعفات:
إذا تُرك الخناق بلا علاج فإن الذيفانات المفرزة تؤدي إلى:
۱) موضعيًا في مكان الإفراز (عادة في الحلق والأنف) إلى:
– مشاكل تنفسية: تسبب الذيفانات تكون غشاء رمادي سميك من الخلايا الميتة، والجراثيم، ومواد أخرى؛ مما يعرقل عملية التنفس.
– كما تؤثر على أعصاب الحلق مسببة صعوبة في البلع.
٢) عندما تصل الذيفانات للدم فإنها تنتقل للأعضاء الأخرى مسببة:
– التهاب عضلة القلب (myocarditis)، ويتراوح ضرره بين الخفيف والوخيم الذي يؤدي إلى فشل قلب احتقاني وموت مفاجئ.
– ضعف القدرة على حركة الأطراف نتيجة تأثر الأعصاب بالسم.
– قد يحدث شلل للعضلات التنفسية؛ نتيجة الضرر الذي يحدثه السم بالأعصاب التنفسية فيصبح التنفس مستحيلًا دون استخدام الأجهزة.
• أسباب الإصابة (انتبه منها، خصوصاً إن كنتَ من اليمن):
الخناق مرض معدٍ، وتنتقل العدوى إلينا عن طريق:
– استنشاق الهواء المحمل بالقطيرات التي تخرج في سعال أو عطس المريض؛ وهي طريقة فعالة لانتشار العدوى خاصة في الأجواء المزدحمة (البس كمامات أو دع من تعرف من المصابين الذين تحتك بهم يلبس كمامة).
– استخدام الأدوات الخاصة بالمريض والتي تكون ملوثة بالجراثيم.
– أحيانًا تنتقل العدوى عند الشرب من كوب المريض دون تعقيمه، أو لمس المناديل التي استعملها المريض…
– لمس القرح الجلدية (في حالة الخناق الجلدي) أو جروح المريض.
ويزداد خطر الإصابة عند:
– من لم يكملوا جدول اللقاحات الخاص بدولتهم.
– المقيمون في المناطق المزدحمة أو قليلة النظافة.
– الموجودون في مناطق يستوطن بها المرض.
• الوقاية:
خير وسيلة للوقاية من الأمراض الوبائية كالدفتريا هي التمنّع ضدها باللقاحات، ولقاح الدفتريا متوفر بالفعل، وهو من اللقاحات التي تُعطى للأطفال في التطعيمات ويكون غالبًا في مجموعة اللقاحات (DTaP).
كما يلزم أخذ جرعات محفزة بعد ذلك في سن (۱۱) أو (۱٢)، ثم تُكرَّر كل (۱٠) أعوام.
• العلاج:
نظرًا لخطورة المرض يجب على الطبيب أن يبدأ العلاج فور التشخيص الأولي للخناق، ويكون العلاج باستخدام:
– مضادًا للذفيان (Antitoxin)، يُعطى للمريض بالحقن للتخلص من الذيفانات التي تدور مع الدم؛ ويلزم عمل اختبار للتحسّس قبل استخدامه على أن يعطى لمن لديهم تحسس بتدرج تصاعدي في الجرعة.
– مضادات حيوية (Antibiotics): كالبنسلين (Penicillin)، أو الإرثروميسين (Erythromycin)، ليساعد على قتل الجراثيم والتخلص من العدوى.
ويعمل المضاد الحيوي على تقليل الفترة التي يكون فيها الشخص مُعدياً إلى أيام قليلة.
– قد يلجأ الأطباء لإزالة جزء من الغشاء السميك بالحلق إذا كان يعرقل عملية التنفس.
– يحتاج المريض إلى راحة طويلة في السرير مع الانعزال الكامل عن الناس؛ لأنّ المرض شديد العدوى، وعادة ما يحتاج المريض للبقاء في المستشفى لحين التعافي من المرض
كما يفضل أخذ جرعة كاملة من اللقاح بعد التعافي لضمان عدم الإصابة بالمرض مجددًا.
المصادر :