يا شدّة الحسرة عندما يُعاين المُبطل سعيه وكدّه هباءً منثوراً، ويا عظم المصيبة عندما يتبيّن بَوارق أمانيه خُلَّبَاً، وآماله كاذبة غروراً، فما ظن مَن انطوت سريرته على البدعة والهوى، والتعصب للآراء، بربّه يوم تُبلى السرائر؟ وما عذر مَن نبذ الوحيين وراء ظهره في يوم لا تنفع الظالمين فيه المعاذر؟! أفيظن المعرِض عن كتاب ربه وسنة رسوله ﷺ أن ينجو من ربّه بآراء الرجال؟! أو يتخلّص من بأس الله بكثرة البحوث والجدال؟ هيهات والله، لقد ظنَّ أكذب الظن، ومنَّتْهُ نفسه أبين المحال، وإنما ضُمنت النجاة لمن حكَّم هُدى الله على غيره، وتزوّد بالتقوى وائتمَّ بالدليل، وسلك الصراط المستقيم، واستمسك من الوحي بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم
مدارج السالكين (١/٧) / للإمام ابن القيم