أم الدم الأبهرية
أُمهات الدم الأبهرية! Aortic Aneurysmما هي؟ كيف تنشأ؟ وما مخاطرها؟
قد تجد الاسم غريبًا جدًا، ما هي أم الدم! ولمَ تبدو خطيرة! لا عليك، سنشرح لك بالتفصيل غير الممل ?.
لعلك تعلم منذ أيام المدرسة أنّ أنسجة الجسم تحصل على الغذاء والطاقة والأكسجين اللازمين لها من خلال الدم الذي يصل إليها، ولعلك تعلم أيضًا أنّ الله صمم لك شبكة الطرق المُسماة بالدورة الدموية؛ وهي شبكة من الأوعية الدموية داخل جسم الإنسان، والتي تحرص على إيصال الدم إلى كلّ نسيجٍ بإتقان إلهيٍّ بديع.
ولكن، ماذا يحدث عند حصول خلل في الطريق الرئيسي لهذه الشبكة؟ أَيْ، الشريان الرئيسي الذي تتفرعُ منه جميع الشرايين التي تغذي مختلف الأنسجة! إنّه الشريان الأبهر (الشريان الأورطي Aorta): وهو الشريان الرئيسي الذي ينشأ من حجرة القلب اليُسرى ويمدّ أنسجة الجسم المختلفة بالغذاء والطاقة.
قد تضعف منطقة من جدار الشريان الأبهر، فلا تعود قادرةً على تحمل ضغط الدم، فتنتفخ تلك المنطقة تدريجيًا، وتصبح مهددةً بأن تنفجر، فما الذي يحدث؟ وما هي العوامل المساعدة على حدوث هذه الحالة؟ و هل هي حالة خطيرة تستدعي القلق؟
لتقريب الفكرة، ماذا يحدث إذا نفختَ #بالونًا؟
عندما تنفخ بالونًا، في البداية، قد تجد مقاومةً كبيرة، ولكن ما إن يتسع البالون قليلًا، حتى يقلّ سمك جداره، و هكذا. يحدث هذا في الشرايين أيضًا وِفْقَ قانون “لابلاس”، والذي يقترح أنّه عندما تتسع منطقة من شريانٍ ما في الجسم نتيجة لضغط الدم داخله، فإنّه من المتوقع أَنْ قد يوفرُ هذا الاتساع بعض الراحة للضغط الموجود، و لكن ما يحدث هو ازديادُ المساحة القابلة للضغط من قبل الدم المندفع داخل الشريان، مما يؤدي إلى انتفاخه أكثر، فيزداد الضغط عليه أكثر، وهكذا.
#ما_سبب الضعف في جدار الشريان الأبهري؟
يتكونُ جدار الشريان الأبهري من ثلاث طبقات مثل معظم الشرايين، الطبقة الداخلية والطبقة الوسطة والطبقة الخارجية. تحصل الطبقة الداخلية Tunica Intima على الغذاء مباشرةً من الدمّ الذي يمرّ في الشريان الأبهري، بينما تحصل الطبقتان الأُخريان على الغذاء من شعيراتٍ دمويّةٍ صغيرةٍ وظيفتها تغذيةِ الطبقات الداخلية للاوعية الدموية السميكة وتسمى بـ Vasa Vasorum.
في الشريان الأبهر، تؤدي آلياتٌ إمراضيةٌ ثلاثة -عند وجودها مجتمعة أو متفرقة- إلى ضعفٍ في جداره، وزيادة إمكانية نشوء أُمهاتٍ الدم وهي:
– نقص بروتين الإيلاستين Elastin: والذي يؤمن مرونة الشريان ومطاوعته للضغط الدموي المتغير باستمرار.
– الالتهاب النسيجي: نتيجة أسبابٍ عديدة ومتنوعة.
– ضعف ثخانةِ الطبقة العضلية المتوسطة Tunica Media: والتي تتحمل عبر شبكةٍ كبيرةٍ من العضلات الملساء العبءَ الأكبر في تنظيم الضغط داخل لمعة الشِريان.
⭕️ السبب الحقيقي لحدوث المرض غير معروف ولكن تبقى هناك بعض الأسباب المعروفة والتي تؤدي بصورةٍ ما إلى أحدٍ من الآليات السابقة مؤهبّةً نشوء أمهات الدم، ونذكر منها:
#التنخر_الخلوي نتيجة نقص الأكسجة والمغذيات:
يُمكن أن يحدث مرض أم الدم الأبهرية نتيجة مرض آخر و هو التصلب الشرياني Hyaline Arterioscelerosis: وهو تصلب الشرايين المكونة للشعريات المروِّيَة لطبقات الشريان الخارجية (Vasa Vasorum)، مما يؤدي بالتالي إلى ضمورها.
#عدوى_بكتيرية:
يُمكن أن يحدث المرض نتيجة عدوى باكتيريا انتشرت عبر الدم الى أن وصلت الى الشريان الأبهري، من ضمن هذه الأخماج مرض الزهري، وإن كان نادر الحدوث.
#أسباب_جينيّة (موروثة):
كمتلازمة اهلرس دانلوس Ehlers Danlos Syndrom، ومتلازمة مارفان Marfan’s Syndrom اللتان تصيبان الأنسجة الضامّة، وتسببان خللًا في مطاوعة جدار الشريان للضغط الدموي داخله.
#التشخيص، لمعرفة إن كنتُ مصابًا أم لا!
على الرغم من خطورة هذه الحالة المرضية، إلا أنها عادةً لا تتظاهر بأعراضٍ مميزة، وقد تكون عند العديد من المرضى دون أية أعراض. قد يشعر بعض المرضى بعدم الارتياح البطني، وقد يسبب انضغاط الأعضاء المجاورة لأم الدم ألمًا واضطرابًا في وظيفة العضو المعرض للانضغاط. لكن غالبًا ما تُكشف الحالات عن طريق الصدفة نتيجة إجراء فحوصاتٍ تصويرية (بالأشعة السينية أو أمواج الصدى “الإيكو” أو الرنين المغناطيسي) لاستقصاء شكوى عامة غير واضحة.
يتمّ تأكيد التشخيص بالأشعة التصويرية المختلفة، ولكن الأكثر أمانًا و دقّة هي أشعة الرنين المغنطيسي. وإنّ كل زيادةٍ في قطر الشريان الأبهر عن 3 سم في قسمه البطني أو 4 سم في قسمه الصدري تُسمى اصطلاحًا بأمّ دم.
#هل من اختلاطاتٍ #خطيرة؟ وما #طرق_العلاج؟
وجود “أم دم” على الشريان الأبهر لا يعني بالضرورة مرضًا خطيرًا يستوجب العلاج العاجل. إلّا أنّه وبمجرد اكتشاف المرض؛ فيجب مراقبة قطر “أم الدم” على فتراتٍ متقاربة حتى يتم تجنّب الاختلاطات الخطيرة. الاختلاط الأخطر الذي قد يحدث: هو تمزق أمّ الدم وانفجارها داخل جوف الصدر أو البطن؛ وهي حالة خطيرة مهددة للحياة تستوجب تدخُّلًا جراحيًّا عاجلًا، ولا تتجاوز نسب النجاة منها حتى بعد الجراحة أكثر من 50%.
⭕️ من الضروري أيضًا البحث عن سبب نشوء أم الدم لمحاولة علاجه تجنّبًا لتطور الحالة.
قال لي طبيبي أنّه لديّ “أم دم” على الشريان الأبهر الصدري أو البطني .. #ما_العمل؟
بدايةً لا داعي للقلق، عند اتبّاع النصائح التالية يمكن السيطرة على المرض وتجنّب الاختلاطات الخطيرة، وهي:
– ضبط الضغط الدموي (الضغط الطبيعي 120/80 ملم زئبقي).
– تجنب زيادة الوزن.
– الإقلاع عن التدخين.
– ضبط مستويات شحوم الدم والالتزام بطعامٍ صحيّ.
– ضبط مستويات سكّر الدم.
– مراقبة قطر “أم الدم” على فتراتٍ متقاربة (مرة كل سنة أو ستة أشهر حسب توصيات طبيبيك).
نسأل الله لنا ولكم السلامة من كل داء.