الأهداف الذكية (SMART Objectives)
الأهداف الذكية (SMART Objectives)
أيكفي أن يكون لديك أهدافٌ فقط؟ أم يجب أن تكتسب صفة الذكاء؟
لا يمكن للفرد تجاهل أهمية تحديد الأهداف؛ للارتقاء بذاته وبمن حوله، كما لا يقتصر تحديد الأهداف على وضعها عشوائيًا دون دراسة دقيقة، بل لابدَّ أن تقوم العملية على معايير محددة بدقة؛ تجعل من الأهداف المنشودة أهدافاً ذكية (SMART)؛ وتشكل هذه الأهداف القاعدة الرئيسة التي يتم الاعتماد عليها في توضيح التفاصيل الدقيقة، والعمليات، والإجراءات التي سيتم اعتمادها؛ لأنها تشكل المسار الذي يحدد آلية سير العمل، وبِنَاءً عليها يتم تخصيص الموارد من: وقت وجهد ومادة؛ لأن الحياة ليست قائمةً على العبث والفوضى.
يرى البعض أن (George T. Doran) عام 1981م أوَّل من طوَّر مفهوم (الأهداف الذكية) في مجال إدارة المشروعات والبرامج، وذلك عندما نشر مقالةً توثق “الأهداف الذكية” التي نستخدمها اليوم. تتألف أحرف هذا الاختصار (SMART) بواسطة الأحرف الأولى لخمس كلمات باللغة الإنكليزية، ممثلةً المعايير التي يتم اعتمادها في تحديد الهدف؛ ليكونَ الهدف المنشود مدروسًا بعنايةٍ؛ للنجاح في (حياتِكَ – عملك – دراستك أو منظمتك…).
قامت دراسةُ في جامعة (Yale) عام 1953م باستطلاع أهداف خريجي الجامعة، واستفسروا عن أعدادِ الذين كان لديهم أهدافًا محددةً لمستقبلهم. وقد تقرر أن ثلاثةً من المائة (3%) منهم لديهم مثل هذه الأهداف، وأشارت دراسة متابعة استمرت عشرين عامًا إلى أن هؤلاء قد جمعوا ثروةً مالية شخصية أكثر من أقرانهم.
كذلك اتَّبَعتْ جامعةِ (Harvard) عام 1979م خريجي كلية إدارة الأعمال ووجدت بالمثل أن ثلاثة من المائة (3%) فقط من الخريجين، لديهم أهدافًا مالية معتمدة ومكتوبة، وانتهى بهم الأمر بتحقيق دخل يعادل عشرةَ أضعاف ما فعله الآخرون، ونسبتهم سبعةٌ وتسعون من المائة (97%) ممن تخرجوا، وهم حَمَلةٌ لشهادة الماجستير في إدارة الأعمال.
يتم تحديد “الأهداف الذكية” باستخدام المبادئ التوجيهية التالية، التي سنتناولها ببعضٍ من التفصيل:
1- محدد (Specific): إن تحديد الأهداف خطوة أولى وأساسية؛ تشكل حقيقة عملية تزداد الحاجة إليها؛ لتمييز الجهد عن النتائج.
بيد أن الجهد الذي يُبذَل مثيرٌ للإعجاب حقًا، ولكنه لا يتجاوز كونه تمرين، مثل: الدوران على عجلة، إذا لم يُتْبَع بالنتائج المقصودة؛ تكون النتيجة ضياع الوقت والموارد الثمينة في العمليات التي يتم تنفيذها، وإن كتابة الأهداف بلغة واضحة لا يترك مجالًا للشك لديك حول ما يجب إنجازه بالضبط.
2- قابل للقياس (Measurable): هناك مقولة متداولة في الأوساط الإدارية، وهي: “لا يمكنك إدارة ما لا يُقاس”.
يجب تحديد الأهداف بحيث يمكن قياس درجة الإنجاز بدقة؛ لأن معايير القياس المحددة سوف تقضي على أي احتمال لوجود خلافات في المستقبل. إن مضمون معايير القياس يعتبر هامًا جدا للمُسَاءَلة؛ نظرًا لأنه من الصعب تجنب المساءلة عندما تكون معايير القياس واضحة، ولا تخضع للتفسير أو التأويل.
3- يمكن تحقيقه (Achievable): هل يمكن تحقيق الهدف؟ إذا كانت الأهداف المحددة لا يمكن تحقيقها بشكل معقول فيما يتعلق بالوقت المتاح والمواهب والموارد، فمن المؤكد أنَّ الإحباط سيكون نتيجة حتمية.
فالأمر متروك للسلطة التنفيذية لوضع أهداف واقعية، ويمكن تحقيق ذلك بالشكل الأفضل من خلال: (عملية التفاوض والتوافق بين المعنيين)، إن معايير المقارنة والنقاط المرجعية من المنظمات المماثلة الأخرى يمكن أن تكون مفيدة أيضا. وإن استخدام أهداف “ممتدة / ذات مدى متسع”، تُعَد أكثر طموحًا، وتكون مرغوبة، مع إدراك أنها تتجاوز التوقعات العادية، وستتطلب مستويات استثنائية من الجهد والالتزام.
4- ذو صلة (Relevant)/ واقعي: قابل للتنفيذ من منظور الأعمال، هناك بعض الأمور التي تُحبِط بشكل كبير، أهمها مراقبة المهنيين وهم مشغولون باستخدام الموارد الشحيحة دون توجه واضح؛ حيث يتم قضاء وقت طويل “في فعل الأشياء الخاطئة بشكل صحيح” أو “الوقوع في بعض القضايا الحساسة للغاية”.
من الطبيعي أن يركز الموظفون على تلك الأشياء التي يجدونها مثيرة للاهتمام وممتعة. لسوء الحظ، قد لا تسهم هذه الأشياء إلا بشكل هامشي في تحقيق الأهداف الشاملة والأكثر أهمية؛ حيث يمكن أن يحدث هذا بسهولة عندما لا يتم توضيح مدى ملاءمة الهدف.
كما أن هناك مشكلة في عدم تحديد الأولويات، وهي: أنه يتم تركيز الجهود على الأهداف التي تكون (ذات صلة أقل) بشكل أكبر من الأولويات الهامة، كما يتم متابعة الأهداف ذات الأولوية المنخفضة على حساب معالجة الأهداف الأعلى والأكثر أهمية.
5- محدد زمنيًا (قابلاً للتنفيذ خلال الوقت المناسب) (Time bound): هل يمكن استكماله في فترة زمنية معقولة؟ تشيرُ إلى أن “الهدف الذكي” يكون “محددًا زمنياً”، وهذا المصطلح أكثر ملاءمةً من مصطلح “في الوقت المناسب” بقدر ما هو مرتبط بشكل ضمني مع السمة التي تم ذكرها سابقاً “ذات الصلة” (إذا كان الهدف وثيق الصلة حقًا، فالوقت المناسب شرط لا غنى عنه)، و”محدد زمنياً”، يجعل تحقيق الأهداف ممكنًا بطريقة متفق عليها في الوقت المناسب.
أخيرًا وليس آخرًا، يمكن تطبيق “الأهداف الذكية” على العديد من المواقف المختلفة مثل:
-الأهداف العملية: التي تتيح لك معرفة ما تفعل؟، وكيف ستفعل؟ عن طريق الوصف للمشاركين والتفاعل معهم من خلال الأنشطة.
-أهداف التأثير: القائمة على تحديد الآثار الطويلة الأجل لأنشطتك داخل المنظمة.
-أهداف النتائج: القائمة على اقتراح كيفية تغيير المواقف أو المعرفة أو السلوك.
-الأهداف الشخصية: القائمة على تطوير الشخصية هو تطبيق مثالي لـ “الأهداف الذكية”.
بمرور الوقت، شهِدَ اختصار (SMART) بعض التغييرات؛ حيث أدرك العديد فوائد هذا المفهوم وفوائد العمل به، وأصبحت الأهداف الذكية أهدافاً أذكى حيث أُضيفَ مصطلحي (الإثارة/ Exciting)، و(التسجيل/ Recorded)؛ ليصبح الاختصار (SMARTER)، وهما خصيصتان أو معياران إضافيان؛ لدعم الأنشطة، وتطوير الأهداف.
إعداد: مصعب خرفان
تقويم لغوي : محمد بن فؤاد الجوهري