الابتكار ومستقبل الحكومات- الجزء الثالث: دوافع الحكومات للابتكار
الابتكار ومستقبل الحكومات- الجزء الثالث: دوافع الحكومات للابتكار
تواجه الحكومات حول العالم مجموعةً واسعةً من التحديات الخطيرة والملحّة التي تتطلب منها استجاباتٍ مبتكرةً، فاليوم يعتمد المليارات من الناس طوال حياتهم على حكوماتهم لكي تؤمن لهم المياه والكهرباء والمواصلات، وتضمن لهم سلامة الغذاء والدواء وغيرها من الخدمات الأساسية المهمة.
في أحد البحوث المهمة في هذا المجال (1) توصل الباحثون إلى خمسة أسبابٍ رئيسيةٍ تقف وراء حاجة الحكومات للابتكار وهي:
السبب الأول: إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا والعالم الذي يزداد اتصالًا حيث تعمل التقنيات الحديثة على مساعدة القادة في معرفة احتياجات المواطنين بعد أن باتت الكثير من المنصات الإلكترونية تدعو المواطنين إلى التعليق بحريةٍ على سياسيات حكوماتهم ومناقشتها وتبادل الآراء حولها.
السبب الثاني: تطلعات المواطنين للمشاركة في عملية صنع القرارات الحكومية والعامة حيث أصبح مئات الملايين من المواطنين حاليًا يعرفون ما معنى الاختيار بين البدائل والسهولة في الحصول على الخدمة والكفاءة في تقديمها، وذلك بعد تعاملهم مع شركاتٍ سريعة الاستجابة، وأصبح يتساءل الكثير منهم في العديد من الدول عن السبب الذي يجعل الحكومة تتخلف عن القطاع الخاص بأشواطٍ في الاستجابة لمعظم احتياجاتهم الأساسية.
السبب الثالث: المنافسة العالمية على المواهب وهجرة الكفاءات، فأكثر من نصف شركات التقنية الناشئة في الولايات المتحدة يعمل فيها مؤسسٌ مهاجرٌ واحدٌ على الأقل، وهذا يؤكده ازدياد معدلات هجرة الكفاءات في الدول النامية بأكثر من الضعف خلال السنوات العشرة الماضية، وفي هذا يقول “Elon Reeve Musk” أحد مؤسسي شركات “PayPal” و ” Space X” و “Solar City” و “Tesla Motors” إنه اضطر لمغادرة جنوب إفريقيا سعيًا لتحقيق أحلامه.
السبب الرابع: القيود المالية المتزايدة التي تضغط على الحكومات للحد من إنفاقها وزيادة ضرائبها وتغيير أساليبها، حيث تزايد الدَّين العام العالمي بما يزيد على الضعف خلال العشر سنواتٍ الماضية، لتبلغ قيمته حاليًا (60) تريليون دولارٍ أمريكيّ، كما أن أنظمة الرعاية الاجتماعية أُجهِدت بسبب زيادة متوسط العمر المتوقع، فعلى سبيل المثال قبل عشر سنواتٍ كان هناك نحو (200) مليون شخصٍ في الصين يتقاضون معاشاتٍ تقاعديةٍ، أما الآن فتغطي المعاشات التقاعدية ما يقارب (700) مليون شخصٍ، أما الهند وباكستان فتشهد نموًا متزايدًا في أعداد الشباب مما يتطلب توفير استثماراتٍ ضخمةٍ في مجال التعليم والتدريب لتجنب الارتفاعات الحادة في معدلات البطالة.
السبب الخامس: ازدياد عدد سكان المدن والتغيرات في وضع الموارد يشكلان ضغطًا على البنية التحتية العامة، ففي عام 1990م وُصفت عشرٌ من حواضر العالم بأنها مدنٌ كبرى يزيد عدد سكان كلٍّ منها على عشرة ملايين نسمةٍ، أما اليوم فهناك (25) مدينةً ينطبق عليها هذا الوصف معظمها محاطةٌ بأحياء فقيرةٍ تحوي ملايين الأشخاص، هذا النمو السريع فاق قدرة الحكومات على تطوير بنيتها التحتية الأساسية بدءًا من الطرق وشبكة الصرف الصحي وصولًا إلى شبكات الكهرباء والمستشفيات.
كل تلك الأسباب تفرض على الحكومات أن تبحث عن حلولٍ مبتكرةٍ لإدارة مواردها الشحيحة لتلبي احتياجات المواطنين، و عليها أن تتخطى الجمود الذي يصيب القطاع العام في عالمٍ لا يكِفُّ عن التغيّر.
إعداد: بدر البدر.
تدقيق لفوي: زين العُمر.
————————
المصدر :
1- تحفيز الابتكار في الحكومة لدفع عجلة النمو والتنمية الاقتصادية – يورغ شوبرت، مارجو كونستانتين، جيمي لي.