الذكاء واحد أم متعدد – الجزء الثاني : أنواع الذكاءات عند هورد جاردنر
هل يمكن تحديد وقياس الذكاءات المتعددة، والقدرات المعرفية العقلية التي تقف وراء كل نوع؟
يتحدث هوارد غاردنر عن مجموعة من الذكاءات المتعددة التي تتأثر بما هو وراثي فطري يُولَد مع الإنسان من جهة، وبما هو مكتسب من البيئة والوسط (الأسرة، والشارع، والمدرسة، والتربية، والمجتمع…). وقد صنَّف جاردنر هذه الذكاءات إلى ثمانية أنواع سنتطرق وهم كالآتي :
1 ـ الذكاء اللغوي: أي القدرة على إنتاج وتأويل مجموعة من العلامات المساعدة على نقل معلومات ذات دلالة محددة. ومَن يَتَمَتَع بهذا النوع مِن الذكاء يُبدي السهولة في إنتاج اللغة، والإحساس بالفرق بين الكلمات وترتيبها وإيقاعها. إنَّ المتعلمين الذين يتفوقون في هذا الذكاء، يحبون القراءة والكتابة ورواية القصص. كما أنّه لديهم قدرة كبيرة على تَذَكُّر الأسماء والأماكن والتواريخ والأشياء قليلة الأهمية. يَظهر الذكاء اللغوي لدى الكُتَّاب والخطباء والشعراء والمعَلِّمين، وذلك بحكم استعمالهم الدائم للُّغة. كما ويظهر لدى كُتّاب الإدارة، وأصحاب المهن الحرة، والفكاهيين، والممثلين. ويَتَكوَّن الذكـاء اللغـوي مِن عـددٍ مـِن البـُنى العصـبية والقدرات الخـاصة الدقـيقة، مـثل:
• القدرة على تركيب الجمل.
• معرفة معاني الكلمات.
• القدرة على التعبير الشفهي.
• القدرة على التعبير الكتابي.
2ـ الذكاء المنطقي ـ الرياضي: يُغَطِّي هذا الذكاء مُجمل القُدرات الذهنية، التي تُتِيح للشخص ملاحظة، واستنباط، ووضع العديد من الفروض الضرورية للسيرورة المُتَّبَعة لإيجاد الحلول للمشكلات، كذٰلك القدرة على قراءة وتحليل الرسوم البيانية والعلاقات التجريدية والتَّصَرُّف فيها.
إن المتعلِّمين الذين يتفوقون في هذا الذكاء، يتمتعون بموهبة حل المشاكل، وعندهم قدرة عالية في التفكير، فَهُم يطرحون أسئلة بشكل منطقي إذ يمكنهم أن يتفوقوا في المنطق المرتبط بالعلوم، وبحل المشاكل.
يمكن ملاحظة هذا الذكاء عند العلماء والعاملين في البنوك، والمهتمين بالرياضيات، ومُبَرمِجي الإعلام، والمحامين، والمحاسبين. يتكون الذكـاء الرياضي المنطـقي أيضًا من عدد من البُـنى العصبية المتشابهة في الأصل، والمختلفة في الفروع، مثل:
• القدرة على استخدام الأرقام.
• القدرة على الاستدلال الحسابي.
• القدرة على الاستنباط وغيرها…
لقد أكَّدَ كلٌّ من جاردنر وستيرنبرج ( Gardner & Sternberg, 1988 ) أنَّ هناك موهوبين لا يملكون مهارات لفظية لغوية قوية، خاصة من لديهم مواهب فنية أو من هم مبتكرين أو مخترعين أو من لديهم اهتمامات بعلوم الفضاء. فهؤلاء لا يستطيعون اجتياز اختبارٍ واحد من الاختبارات التي تقيس أنواعاً متعددة من القدرات. ويؤكد جاردنر على أهمية أن نقدر ونهتم بالاختلافات الفردية, وأنه لا يمكن أن يمتلك شخصان نفس ملامح الذكاء, ويذكر أن هذا هو التحدي الأكبر لمؤسسات التربية والتعليم ( 1998م ).
3ـ الذكاء التفاعلي: يتمتع أصحاب هذا الذكاء بقدرة عالية على فهم الآخرين، وتحديد رغباتهم، ومشاريعهم، وحوافزهم، ونواياهم، والعمل معهم. كما أنَّ لأصحابه القدرة على العمل بفاعلية مع الآخرين.
إن المتعلِّمين الذين عندهم هذا الذكاء يميلون إلى العمل الجماعي، ولديهم القدرة على لعب دور الزعامة والتنظيم والتواصل والوساطة والمفاوضات. يَتَجَسَّد هذا الذكاء لدى المدرِّسِين، والأطباء، والتجار، والمستشارين، والسياسيين، والزعماء الدينيين، وأطر المقاولات.
4ـ الذكاء الذاتي: يَتمحور حول تأمل الشخص لذاته، وفهمه لها، وحب العمل بمفرده، والقدرة على فهمه لانفعالاته وأهدافه ونواياه. إنَّ المتعلمين الذين يتفوقون في هذا الذكاء يتمتعون بإحساس قوي بالأنا، ولهم ثقة كبيرة بالنفس، ويحبون العمل منفردين، ولهم أحاسيس قوية بقدراتهم الذاتية ومهارتهم الشخصية. يبرز هذا الذكاء لدى الفلاسفة، والأطباء النفسانيين، والزعماء الدينيين، والباحثين في الذكاء الإنساني.
يرى جاردنر أن هذا الذكاء تَصعُب ملاحظته، والوسيلة الوحيدة للتعَرَّف عليه، ربما تكمن في ملاحظة المتعلمين، وتحليل عاداتهم وإنتاجهم في العمل، ومن المهم كذلك أن نتجنب الحكم بصفة تِلقائية على المتعلمين الذين يُحِبُّون العمل على انفراد، أو أولئك المنطوين على أنفسهم على أنهم يتمتعون بهذا الذكاء
يتبع ..
المصادر في رابط المنشور على صفحتنا
.