الفرق بين الخجل والرهاب الاجتماعي
منذ أن ظهرت عبارة “الرهاب الاجتماعي” في الوثائق التشخيصية والإحصائية للاضطرابات النفسية عام 1980؛ صار هناك التباس في الفرق بين “الخجل” و”اضطراب الرهاب الاجتماعي” (لقبته فئة التشخيص الجديد باسم “الرهاب الاجتماعي”). وقد تساءل البعض، ما إذا كان الأطباء النفسيون قد اعتبروا سمة الرهاب الاجتماعي مثل الخجل مع إضافة الصفات الإضافية السلبية، أم أن اضطراب الرهاب الاجتماعي هو نفس تركيبة الخجل لأن بينهما علاقة وطيدة؟
الإجابة على ذلك في الأبحاث الأخيرة، التي نشرت في مجلة الطب النفسي الحالي، المجلد 12، رقم 11، والتي تجيب على هذه التساؤلات العديدة. وقد قمنا بتلخيص نتائج آخر الدراسات، التي قد نشرت في المجلات العلمية. وستجدون بعد فقرة ملخص النتائج؛ مقالًا مفصلًا وشاملاً أكثر.
أولًا/ ملخص النتائج: الخجل واضطراب الرهاب الاجتماعي؛ شيئان مختلفان! فالخجل سمة في الشخصية، عكس اضطراب الرهاب الاجتماعي، فهو ظرفي أو لحظي، وهو مكتسب وليس له علاقة بالشخصية، لذلك فالعديد من الناس الخجولين لا يملكون المشاعر والأحاسيس السلبية، هم يتمتعون بحياة عادية ولا يعتبرون الخجل كسمة سلبية، في حين أن العديد من الناس الذين يعانون من اضطراب الرهاب الاجتماعي يكونون خجولين (لكن الخجل ليس شرطًا أساسيًا لاضطراب الرهاب الاجتماعي)، إليك المثال التالي: “قد تجد شخصيات منفتحة ولكنها تُعاني من الرهاب الاجتماعي والذي يكون عائقًا لهم أمام تحقيق أهدافهم، ولكن متى تغلبوا على الرهاب الاجتماعي حققوا أهدافهم). بسبب انتشار الرهاب الاجتماعي، فقد تغير مفهوم اضطراب الرهاب الاجتماعي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مع خطورة الوضع، حيث بات أكثر وضوحًا، وأظهرت البيانات الحكومية للأوبئة أن هناك نسبة كبيرة من عامة الناس يعانون من أعراض الرهاب الاجتماعي، وقد أجريت تغييرات طفيفة في آخر نسخة للوثائق التشخيصية والإحصائية للاضطرابات النفسية، بأن الخوف، والقلق، أو التفادي المستمر، عادة ما يستمرون ستة أشهر أو أكثر.
ثانيًا/ الفرق بين الخجل والرهاب الاجتماعي بالتفصيل:
إذا عاملنا كل من هو “خجول” كإنسان مضطرب؛ سيؤدي ذلك إلى النمطية وإهدار الموارد. وإن تهاونّا في تشخيص الرهاب الاجتماعي؛ فإن الناس الذين يعانون من أعراضه لن يتمكنوا من تلقي العلاج اللازم. رغم أن اضطراب الرهاب الاجتماعي والخجل متشابهان في أوجه معينة؛ إلا أن بينهما أوجه اختلاف كذلك:
1- الاختلاف بين مفهوم المصطلحين كالتالي:
أولًا _الخجل: هو القلق، والكبت، والتردد، أو مزيج من كل هذا، يتكون في الحالات الاجتماعية والشخصية، وهو العصبية والقلق حول تقييم الآخرين. ويعتبر الخجل جانبًا من الجوانب العادية للشخصية، التي جمعت بين تجربة الرهاب الاجتماعي والسلوك المحبط، ولكنه يلقب أيضا بـ “المزاج المستقر”، يصنف الخجل كسمة أو صفة للشخصية.
ثانيًا_ اضطراب الرهاب الاجتماعي: يُصنف كقدر كبير من الخوف، والحرج، والمهانة في الحالات القائمة على الأداء الاجتماعي، إلى درجة أن الشخص المتضرر بهذا الاضطراب يحاول تجنب هذه الحالات بشكل تام، أو تحملها بقدر عال من الضغط، حيث أن أعلى مستويات القلق والخوف تسبب التجنب وتفادي المواقف، حتى الأنشطة التي يرغب الناس الانضمام إليها. فالأشخاص الذين يعانون من اضطراب الرهاب الاجتماعي؛ هم أشخاص يتحملون أعلى مستويات القلق في كل أنشطتهم اليومية. وهذه النسبة العالية من القلق تجعلهم يجتنبون المواقف والأنشطة التي يرغبون في المشاركة فيها.
2- ذكرنا سابقًا أن الخجل سمة طبيعية في الشخصية بخلاف الرهاب الاجتماعي، فهو مكتسب، لذلك الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي يعيشون يوميًا تجربة الخوف، والقلق، والضغط، والحرج، والإهانة.
كمية القلق التي يحسها الشخص تكون كافية لإلحاق تلك الأحاسيس بالألم، وتكون السبب في تجنب المواقف الحياتية بدلًا من مواجهتها والتغلب على مخاوفه، مما ينتج عنه ظهور التدهور أو القلق، وهما ما يوضحان آثار الرهاب الاجتماعي سواء صنف هذا القلق مضطربًا، أو غير مضطرب. ختامًا: إذا كان القلق أكثر حدة وكان مقترنَا بتلك الضغوطات حول التخوف منه والتخوف من التدهور في شتى المجالات؛ فذلك قد يشير إلى مشاكل أكثر في الرهاب الاجتماعي، وتشخيصه يكون اضطراب الرهاب الاجتماعي وليس مجرد خجل “عادي”.
المصدر:
https://socialanxietyinstitute.org/shyness-or-social-anxiety-disorder