المصارف الإسلامية (الجزء الأول)
مقدمة:
ارتبط ظهور المصارف بشكل عام وتطوّرها بتطوّر الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة للبشريّة، إذ إنّ أوّلَ شكلٍ مِن أشكال المصارف ظهر في بلاد الرّافدين عام (3500 ق م)، كما أنّ المبادئ التي وضعها حمورابي عام (1675 ق م) في شريعته تُعَدُّ من أقدم النصوص المعروفة تاريخيًّا الخاصّة بتنظيم عمليّات الإيداع والتسليف والفوائد والضّمانات المُرتبِطة بها.
ويذكر المُؤرِّخون أنّ أوّلَ مصرف -بنك- ظهر بشكله الحديث كان بمدينة البندقيّة عام (1557 م). وفي عام (1587 م) ظهر بنكٌ آخرُ هو بنكُ ريالتو بمدينة (البندقيّة)، ومنها انتشرَتِ البنوك في بقيّة أوربا، ومنها بنك أمستردام في هولندا عام (1609 م), وبنك هامبورغ في ألمانيا عام (1619 م)، وبنك إنجلترا عام (1694 م), وبنك فرنسا الذي أسّسه نابُّليون الأوّل عام (1800 م).
وقد عرف العرب قبلَ الإسلام النّشاطَ المصرفيَّ، حيث يُشير المُؤرِّخون إلى أنّ المَكِّيِّين قُبيل الإسلام وصلوا إلى درجة عظيمة من التبادُل التجاريّ، وكان اعتمادُ الرُّوم على هذا التبادُل عظيمًا.
وظهرَت تخصُّصاتٌ في الإنتاج التبادُليّ، مثلَ تبادل تمور البحرين مُقابل الزيت والزبيب والخمور من الشام.
وعرَفَ المَكِّيّون آنذاك استثمارَ الأموال بطريقتَين:
– الأولى: إعطاءُ المال مُضاربة على حصّته من الرّبح.
– الثانية: الإقراضُ بالرّبا الذي كان شائعًا في الجاهليّة بين العرب أنفسهم، ومع اليهود (1).
وبعد أنْ بزغ فجرُ الإسلام، حرّم الرّبا وأبقى ما عداه من التعامُلات التجاريّة، فكُتُبُ التأريخ الإسلاميّ تحدّثَتْ عن نشاطاتٍ لكثير من المُعامَلات المصرفيّة التي قام بها المُسلمون وتعاملوا بها منذ صدر الإسلام (2).
يتبع..
ـــــــــــــــ
(1) مُحاضَرات في إدارة البُنوك، ص1، لمحمد عبدالله.
(2) أوّل مصرف إسلامي، مقال، لمازن السمان.