تأثير الطاقة المتجددة على مجموعة الدول الصناعية السبعة الكبرى
تأثير الطاقة المتجددة على مجموعة الدول الصناعية السبعة الكبرى
قام باحثون في كُلِّيَّة الاقتصاد والإدارة التَّابعة لجامعة جنوب أورال الرُّوسِيَّة، بدراسة أثر استعمال الطَّاقة المتجددة على اقتصاد مجموعة الدول الصِّناعيَّة السَّبعَة (المعروفة أيضًا بـ(G7)، المكوَّنة من فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا)، وقد أظهرت الدراسة أنَّ الاعتماد على الموارد المُتجدِّدَة في صناعة الطَّاقة يؤثَّر تأثيرًا إيجابيًا على البيئة.
التنمية الاقتصادية خطر يحدق بالبيئة
أجرى الباحث البارز في جامعة جنوب أورال “أندرو ألولا”، بالتعاون مع زملاء من تركيا وقبرص والنرويج، دِراسةً شاملةً عن العلاقة بين النُّمُوِّ الاقتصاديِّ والمشاكل البيئيَّة في بلدان يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الموارد المتجددة في صناعة الطاقة. وتتيح الدراسة لهذه البلدان إمكانية زيادة المكاسب الاقتصادية من جهة، مع المحافظة على البيئة من جهة أخرى.
وقد أثبتَت هذه الدِّراسة أنَّ الاعتماد على مصادر الطَّاقة المتجددة خيارًا بديلًا ناتجًا عن ارتفاع تكاليف الطاقة (المستعملة حاليًّا)، مثل النفط والفحم الحجري والغاز وغيرها؛ يسهم في تحسين الحالة البيئية. فزيادة حجم تجارة الطاقة المستعملة حاليًّا تسهم في زيادة انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع البيئي.
يقول “ألولا”: “على الرغم مِن تخفيض انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون في بعض البلدان الأوروبية، إلَّا أنَّ الاتحاد الأوروبي لا يزال ثالث أكبر مسهم على صعيد العالم في تلوث الغلاف الجوِّيّ؛ لذلك لا بُدَّ مِنْ إعادة ترتيب الأولويات عند دراسة استراتيجيات التنمية الاقتصادية. وتشير التقييمات الخاصة بالبلدان إلى مدى التأثير السلبي لأسعار الطاقة على انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون”، (انخفاض تكاليف الطاقة المستعملة حاليًّا يؤدي الى زيادة الإنتاج؛ ومن ثم زيادة انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون).
لا شكَّ أنَّ استخدام الطاقة المتجددة، على العموم، له تأثير إيجابيٌّ في الحدِّ من التلوث بالنسبة لجميع بلدان مجموعة الدول الصناعية السبعة، إلَّا أنَّ هذا التأثير يتفاوت بين هذه الدول؛ ففي كندا، لا يؤثر استخدام الطاقة المتجددة تأثيراً كبيرًا على البيئة، بعكس فرنسا، ففيها آثار إيجابية واضحة لاستعمال الطاقة المتجددة، وفي إيطاليا والمملكة المتحدة هناك علاقة ارتباط واضحة بين مستوى الانبعاثات وأسعار الطاقة (المستعملة حاليًّا)، فكُلَّما كانت الأسعار أعلى، انخفضت انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون، وفي ألمانيا، تتأثر حالة البيئة كثيرًا بنسبة استعمال الطاقة المتجددة، وفي الولايات المتحدة واليابان، يعتمد الحد من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون في القطاع الصناعي على رفع أسعار الطاقة (المستعملة حاليَّا)، أكثر من اعتماده على حصة مصادر الطاقة المتجددة في الصناعة.
استراتيجية التنمية الخضراء
تُعَدُّ هذه الدِّراسة مهمة لتحليل الاستراتيجيات والسياسات المحتملة للاتحاد الأوروبي ضمن القطاع الاقتصادي؛ لأن مشاكل الحفاظ على البيئة في كثير من الحالات لا يمكن حلها عن طريق الحد من إنتاج الطاقة.
وأضاف “ألولا” مُوَضِّحًا: “في معظم الحالات، تُعَد مُحَدِّدات الاقتصاد الكليِّ (الدراسات الاقتصادية التي تتناول الحالة الاقتصادية للدولة) حاسِمَةً للاستدامة البيئيَّة. وتُعَد مؤشرات الاقتصاد الكُلِّيِّ مثل الوقود الأحفوري وإجمالي الناتج المحلي والسياحة عناصر مهمة للاقتصاد. وقد أظهرت الدِّراسات أنَّ تنويع مصادر الطاقة واستعمال تكنولوجيا صديقةٍ للبيئة والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، أمور ذات أهميَّة متصاعدة، ينبغي أخذها بجِديَّةٍ في البلدان التي أجريت عليها الدراسة”.
وقد حدد الباحثون الآثار البيئية المدَمِّرة لاستهلاك الوقود الأحفوري في بعض البلدان التي لا يزال اعتمادها كبيرا على مصادر الطاقة الهيدروكربونية (كالنفط والغاز والفحم…)، ويوصي علماء جامعة جنوب أورال هذه البلدان بمواصلة تنويع مصادر الطاقة بدلًا من اعتمادها على نوع واحد من موارد الطاقة ضمن اقتصاداتها.
ويأمل الباحثون في إجراء دراسة مماثلة في روسيا، التي تحتل المرتبة الخامسة عالميًّا من حيث الانبعاثات المُلَوِّثَةِ بعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند؛ وهذا سيتيح لروسيا تحديد استراتيجيات بعيدة المدى لتنويع اقتصادها. يجب الإشارة إلى أنَّ البحوث البيئيَّة هي واحدة من المجالات الاستراتيجية الثلاثة لتنمية الأنشطة التعليمية في جامعة جنوب أورال، إلى جانب الصناعة الرقمية وعلم المواد.
المصدر:
https://phys.org/news/2020-05-scientists-impact-renewable-energy-economies.html