تصميم مادةٍ مرنةٍ لحماية المباني والطاقم العسكري
تصميم مادةٍ مرنةٍ لحماية المباني والطاقم العسكري
– تقنية التَّخفي.. وهي فكرةٌ للحد من قدرة الأعداء على تتبع الأجسام، دفعت التقدم في البحوث العسكرية لعقود؛ فاليوم الطائرات والسفن البحرية والغواصات والصواريخ والأقمار الاصطناعية عادة ما تُغطى بمواد تمتص أشعة الرادار مثل الطلاء، من أجل التخفي من الرادار، والسونار، والأشعة تحت الحمراء ووسائل التتبع الأخرى، فعباءة التخفي هي مادة طلاءٍ تحول الجسم ليكون غير مميز عن محيطه وغير قابل للاكتشاف في قياسات المجالات الخارجية.
– جوليانج هوانج، أستاذ بقسم الهندسة الميكانيكية وهندسة الفضاء، قال إن هذه الأنواع من مواد التخفي أصبحت مكتملة التطور تقنياً إذ إن خصائص الموجات الصوتية (الرادار والسونار) وكذلك الضوئية (الأشعة تحت الحمراء) أصبحت مفهومة بشكل جيد، وبالرغم من ذلك قال هوانج إن هناك أعمالاً قليلة أو لا تكاد تذكر قد نجحت في حل مشكلة إخفاء الموجات المرنة في الوسائط الصلبة، مثل الموجات الزلزالية التي تنتشر خلال الأرض. أما مؤخراً، فقد قام هوانج مع باحثه السابق وطلابه، وهم الأساتذة: حسين نصار، ويانغجيانغ تشين، بتصميم وخلق مادة جديدة، وهي مادة منظمة بشكل صناعي والتي تصل إلى إخفاء مثالي للمواد المرنة. قال هاونج: “هذه المواد نظرية كما أنها تجريبية فقد أنشأناها في معملنا ونطلق عليها مادة قطبية لأننا وجدنا أنها تحتوي على عزم داخلي ضد الدوران، فنحن أول من اقترح مبادئ هذه المواد، وكذلك أول من صمم وصنع هذه المواد، فالمفهوم هو أنك لو أردت أن تخفي جسماً، فإنك تصمم نوعاً ما من مواد الطلاء يحيط به، بحيث إنه إذا قابل الجسم موجةً فإنها تمر حول الجسم دون انكسار”، على سبيل المثال، يولد الرادار موجة رادارية، وهي موجة صوتية تنكسر عندما تصطدم بغواصة مما يجعلها مرئية، أي مُقاسة، ولكن إذا كانت هذه الطبقة الفرعية مغطاة بمادة تخفٍّ، فلن تنكسر موجة الرادار ولا يمكن الكشف إذن عن الغواصة.
قال هوانج: “فإن كنت تريد أن تخفي شيئاً في الوسط الصلب فهذا شيء مختلف، ففي الوسط الصلب تكون الموجات أكثر تعقيداً من موجات الرادار؛ وهذا لأنه في الوسط الصلب ليس لدينا موجة ضغط فقط بل لدينا أيضاً موجة قص، ففي الهندسة المدنية نتعامل مع الزلازل، أو الموجات الزلزالية، التي لها موجات طولية وقصيّة كذلك، وينتج معظم الضرر عن موجة القص هذه”.
إنجازٌ جوهريّ:
– قال هوانج: “لا توجد مادةٌ طبيعيةٌ تتجاوز المشكلة المعهودة في عدم ثبات الخصائص خلال التحول، إذ توجد دائماً حاجة لخصائص غير قياسيّة بعد تحولات معينة”.
والغرض النهائي من بحثه هو تصميم وتصنيع المواد التي ستملأ هذه “التباينات السلوكية”، إذ تتكون الفئة الجديدة من مواد التخفي، أو المواد القطبية التي أنشأها فريقه من شبكةٍ متدرجة وظيفياً ومضمَّنةٍ في خلفية متصلة متناحية، وقد طُبعَت الشرائح بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وجُمّعت يدوياً.
“لقد بحثنا خصائص مادة التخفي المقترحة تجريبياً وعددياً ووجدنا أداءها في التخفي جيداً جداً تحت كلٍّ من أحمال الشد والقص”، هذا ما كتبه هوانج في أحد بحثين نشرهما هو وفريقه في مجلة “Physical Review Letters” حول موضوع المواد القطبية.
بالإضافة إلى حماية الهياكل ضد الموجات الزلزالية، قال هوانج إن التطبيق الآخر المحتمل للمادة الخام الجديدة قد يكون تثبيط الاهتزازات في المحركات لتقليل الضوضاء، وقال أيضاً: “لم يتمكن أحدٌ من تصميم مادة إخفاء مثالية في وسائط مرنة لمدة 20 سنة، حتى أنتجنا هذه المادة الجديدة”، ثم استطرد قائلاً: “بالنسبة إلينا، يعد هذا تقدماً كبيراً. لقد استخدمنا الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة هذه المواد من أجل العروض المخبرية السهلة، ولكن يمكن استخدام هذا المبدأ مع أي مادة؛ فالمادة الفائقة هي مادة منظمة وخصائصها تُفعَّل من خلال بنيتها.” وقد علق د.دان كول، مدير البرنامج البحثي في مكتب البحث العسكري التابع لمختبر الجيش الأمريكي لتطوير القدرات القتالية، قائلاً: “هذه النتائج التي نشرها فريق جامعة ميسوري محفِّزة، هذا البحث قد يؤدي إلى استراتيجيات جديدة لتسيير الموجات الميكانيكية بعيداً عن المناطق الحرجة في الأجسام الصلبة، والذي قد يسمح بقدرات جديدة لحماية الجندي ومناوراته”.
وقد نُشرت الدراسات الآتية: Polar Metamaterials: A New Outlook on Resonance for Cloaking Applications Physical Realization of Elastic Cloaking with a Polar Material في Physical Review Letters، وهي مجلة تابعة للجمعية الفيزيائية الأمريكية.
إعداد: منى بدوي.
مراجعة علمية: أحمد بركات.
تدقيق لغوي: سامر دناور.
المصدر:
https://phys.org/news/2020-05-flexible-material-military-personnel.html