سلسلة #فيزياء_الجسيمات | الحلقة 14: الأصغر من النواة!
1642-سلسلة #فيزياء_الجسيمات | الحلقة 14: الأصغر من النواة!
ناقشنا في الحلقة الماضية طريقتين للتأكد من كون الجسيم أولي أم لا ، وكانت الطريقة الثانية هي تدوير الجسيم حول محوره ، وتوصلنا إلى أن هذا التدوير من الطرق التي تمكننا من معرفة الجسيم الأولي من الجسيم المركب ، وتوقفنا في الحلقة الماضية عند سؤال ماذا لو قمنا بتدوير نواة ذرة حول محورها ؟
– عندما نتعامل مع الأجسام الكبيرة المشاهدة وتسير بسرعات عادية فإننا نتعامل معها بقوانين الميكانيكا الكلاسيكية ، بينما عندما نتعامل مع الجسيمات الذرية فإننا نتعامل معها بقوانين الميكانيكا #الكوانتية ، وحيث أن النواة صغيرة جداً – جسيم ذري – فهى تخضع لقوانين ميكانيكا الكوانتم ، وبالتالى لن نستطيع زيادة كمية الحركة الزاوية والطاقة بصورة مستمرة ، والسبب أننا لدينا مستويات طاقة (وكمية حركة زاوية) محددة مسموح بها ، لذلك فإننا عندما نرسم العلاقة بين كمية الحركة الزاوية والطاقة يكون لدينا منحنى متقطع ، بعكس ما قلنا في الحلقة السابقة من وجود منحنى مستمر يقف عند نقطة محددة .. وبناء عليه فإذا استثنينا تقطُع كمية الحركة الزاوية والطاقة فانه لا يوجد فرق بين المنحنى الذى يمثل دوران كرة القدم حول محورها و المنحنى الذي يمثل دوران النواة حول محورها. وهذا يعني ببساطة أن النواة كالكرة ليست جسيماً اولياً بل جسيم مُركب يتكون من جسيمات أخرى صغيرة نستطيع أن نجعلها تدور بالنسبة لبعضها البعض إلى أن تصل إلى مرحلة تتمزق فيها النواة – نتيجة لقوة الطرد المركزي- إلى جسيمات صغيرة ، وهذه الجسيمات الصغيرة تسمى بالنويدات (برتونات او نيوترونات).
– كلا من #البروتونات والنيوترونات عبارة عن جسيمات متشابهة إلى حد كبير جداً ، فكلاهما يوجد فى نواة الذرة وتقريباً لهما نفس الكتلة ونفس طبيعة التفاعل ، ولكن هناك فارق وحيد وهو أن شحنة البرتون موجبة بينما أن النيوترون متعادل كهربياً. ونسبة لهذا التشابه, أطلق عليهما نفس الاسم وهو ((النُويدة )) حيث أن البروتون عبارة عن نُويدة موجبة ، أما النيوترون فهو نُويدة متعادلة كهربياً .
– قلنا سابقاً بأنه كان يُعتقد في الماضي القريب أن النُويدات عبارة عن #جسيمات أولية (مثل الالكترونات) أى عبارة عن جسيمات لا يمكن تقسيمها إلى جسيمات أصغر وأبسط ولكن اتضح فيما بعد أن النُويدات لها تركيب داخلي مُعقد ، وكمثل نواة الذرة ، فإننا نستطيع أن نجعل النُويدة تدور حول محورها, و قبل أقل من خمسين عاماً عندما تم رسم العلاقة بين كمية الحركة الزاوية و طاقة النويدة , كانت النتيجة مدهشة فى بساطتها وهى تقريباً عبارة عن علاقة خط مستقيم ولكن المدهش جداً هو أن الخط لا يتوقف عند نقطة مُعينة كما حدث فى حالة كرة القدم و نواة الذرة .
إذاً فهناك ملاحظتان :
*أولاً: نسبةََ لإمكانية تدوير النُويدة حول محور لها فان النُويدة ليست جسيماً اولياً بل جسيم مركب يتكون من جسيمات آخرى أصغر وأبسط منها.
*ثانياُ :هناك شفرة يجب حلها, وهى طالما أن النُويدة جسيماً مركباً فإنه يجب أن نصل إلى مرحلة تتمزق بعدها النويدة الى جسيمات أخرى و يتوقف المنحى عند تلك المرحلة ولكن المدهش حقاً هو أننا نستطيع ان نستمر فى زيادة كمية الحركة الزاوية والطاقة إلى الابد دون أن تتمزق النُويدة.
أي بمعنى آخر هو أن النُويدة عبارة جسيم مُركب و لكن من المستحيل تقسيمها إلى مكوناتها الأساسية ، وبطبيعة الحال فإنه نتيجة لقوة الطرد المركزي فإن النُويدة تنبعج (ولكنها لن تنشطر مهما حاولنا ) وانبعاجها ليس كانبعاج كرة القدم أو نواة الذرة فى ثلاثة أبعاد بل هو انبعاج فى بُعد واحد ، ومن خلال نصف قرن من إجراء التجارب على النُويدات والهادرونات بشكل عام وجد أنها تتكون من خيوط مطاطية و هذه الخيوط يمكن أن نمطها أو أن نجعلها تهتز بإثارتها أى بإضافة طاقة. و هكذا فان النُويدات و الهادرونات تتكون من أشياء خيطية مطاطية تشبه العلكة و لكنها لا تنقطع مهما قمنا بمطها.
ولهذا السبب فإن “فايمان” قد أطلق عليها اسم (البارتونات partons) إشارة لكونها جزء part من النُويدة، ولكن “هوموري جلمان” اول من أطلق عليها اسم (الكواركات والغولونات Gluons لاصق او صمغ) ، والغولون هو الشيء المطاطي الذي يمنع الكواركات من ان تتطاير بعيداً عند تدويرها .
إذاً فنواة #الذرة مركبة من نويدات ، والنويدات مركبة من كواركات ، والآن ماهي الكواركات ؟؟
تابعونا في الحلقة القادمة لنتعرف عليها سوياً إن شاء الله تعالى…