غياب الإباضة Anovulation حالة عقم كئيبة، لكن العلاج متيسر
غياب الإباضة Anovulation
حالة عقم كئيبة، لكن العلاج متيسر
لابد أنكم سمعتم عن بعض الأزواج ممن لم يرزقهم الله بذرية، والبعض يخاف من حصول هذا. فأي شيء أجمل في الحياة من فلذات الأكباد؟ ولكن الُبشرى التي قد لا يعلمها البعض أن للعقم أسبابًا متعددة، ولله الحمد، يوجد الآن علاجات مختلفة باختلاف أسبابه. سنطرح اليوم عليكم أحد أسبابه التي ربما أرّقت كثيرًا من الأزواج الذين قد تعرفونهم، وطرق تشخيصها وعلاجها. بالإضافة لملاحظة صغيرة في نهاية المقال لكل الناس.
لنتعرف معًا على ما يسمى اللاإباضة (Anovulation). إحدى حالات العقم عند النساء.
بدايةً ماهي آلية الإباضة؟
إباضة!!!
نعم إباضة. حيث ينتج الجنين بدايةً عن تلقيح بويضة من المرأة مع نطفة من الذكر. فخروج البويضة من مبيض الأنثى داخل جسمها يُسمى بالإباضة. تبدأ عملية الإباضة بإفرازاتٍ من الوطاء (وهو غدة متموضعة في الدماغ) للهرمون الموجّه للغدد التناسلية GnRh، والذي يقوم بدوره بتحفيز الغدة النخامية (المتموضعة في الدماغ أيضًا) لإفراز دفعة من الهرمون المنبه للجريبات (FSH) والهرمون الملوتن (LH).
لمَ_هذا التعقيد؟ لم لا تحدث الإباضة في المبيض مباشرةً؟ ببساطة لأن الله صمم في الإنسان ما يحتاجه الجنين، حيث:
يحفز FSH الجريبات في المبيض على إنتاج هرمون الأستروجين، والذي يعمل بدوره على بناء البطانة الرحميّة، ثم يأتي دور LH في إطلاق البويضة من المبيض إلى البوق (قناة فالوب). وهنا يجب أن يتم الإخصاب بالنطاف خلال 12 إلى 24 ساعة، وإلّا لن تكون البويضة قابلة للحياة. إذا حصل التلقيح، ومن ثمّ تعشيش البيضة الملقحة في البطانة الرحمية المهيّئة لاستقبالها يحدث الحمل. وإن لم يحصل التلقيح تنخفض مستويات الهرمونات، ومنها البروجسترون، وبالتالي تنطرح البطانة الرحميّة للخارج محدثة الطمث (دم الدورة الشهرية).
اللاإباضة.
هي الحالة التي لا تخرج فيها البويضة من المبيض، واللاإباضة المزمنة سبب شائع للعقم. وهي ليست مرضًا بحد ذاتها، بل علامة لمرض. غالبًا، تترافقُ اللاإباضة مع شُح في الطمث أو عدم انتظام فيه. ومع ذلك، في الدورات اللاإباضية، قد يحدث نزف، فتحسبه المرأة أنه الطمث المعتاد، ولكن نادرًا ما يكون هذا النزيف بنفس الدوريّة والانتظام الشهري للطمث. لذلك يمكن لهذه الملاحظة أن تجعل المرأة تميز حالتها لتراجع طبيبةً.
كما_رأينا، فعملية الإباضة عملية معقدة يُساهم فيها العديد من الغدد والأعضاء والعوامل الكيميائية. لذلك هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي لغياب الإباضة. فما هي #الأسباب التي قد تؤدي بي للإصابة بهذا النوع من العقم؟!
من #الأسباب الشائعة لذلك:
1). البدانة: إذ تؤدي إلى حدوث خلل في التوازن الكيميائي، حيث يوجد فائض في الهرمونات الذكرية (الإندروجينات) كالتستوستيرون.
2). التوتر والإجهاد: يمكن أن يسبب اختلالاً في التوازن بين الهرمونات GnRH و LH و FSH.
3). انخفاض شديد في وزن الجسم و/أو الإفراط بممارسة التمارين الرياضية الشاقة: كلٌ منهما يؤثر سلبًا على الغدة النخاميّة للمرأة، وبالتالي نقص في إنتاجها لكل من الهرمونين LH و FSH.
4). اختلالات في بعض الهرمونات كهرمون الغدة الدرقيّة (TSH) وهرمون الحليب (البرولاكتين) وهرمون الكورتيزول:
حيث أنَّ الخلل في أيٍّ منها يمكن أن يتداخل مع عملية الإباضة.
5). اضطرابات الغدة الكظرية: كقصور الغدة الكظرية أو فرط تنسجها الخلقي، أو فرط نشاطها في سياق داء كوشينغ.
6). متلازمة المبيض متعدد الكيسات PCOs: هو اضطراب شائع يسبب اللاإباضة، ويعتبر الخلل الهرموني الأكثر شيوعًا لدى النساء في سن الإنجاب. تؤدي هذه المتلازمة إلى إنتاج مستويات عالية من الهرمونات الذكرية، مسببةً بقاء الجريبات المبيضية الحاوية على البويضات صغيرةً في الحجم. تتميز هذه المتلازمة بوجود كيسات صغيرة وغير مؤلمة على المبيضين، ووجود بعض الأعراض الأخرى كحب الشباب والشَّعرانية أو النمو المفرط للشعر بتوزع ذكري (خاصةً حول الشفة العليا والذقن).
7). الدورات الطمثية الأولى للفتاة، وكذلك الأخيرة (في فترة ما قبل انقطاع الطمث) : إذ إنّ اللاإباضة والنزوف غير الطبيعية غالبًا ما تحدث في هذه الفترات، وذلك بسبب الاختلالات الهرمونية.
8 ). أورام المبيض المفرزة لهرمون الأستروجين أو الهرمونات الذكرية بشكل مفرط.
9). قصور المبيضين المبكر: والذي يحصل قبل عمر 40 عامًا، وفيه لا يستجيب المبيض لـ FSH و LH.
أمّا #المضاعفات التي قد تنجم عن غياب الإباضة فهي:
• فرط تنسج بطانة الرحم.
• مقاومة الأنسولين أو داء السكري من النمط الثاني.
• أمراض القلب والأوعية الدموية.
• الخثارات الوريدية الناجمة عن العلاج بالأستروجين.
• خلل الكهارل (فقدان الشهية العصبي).
• اضطرابات النظم القلبية.
كيف يمكن أن #يشخص الأطباء حالة اللاإباضة!؟
كما ترون، فليست كل الأسباب يمكن معرفتها، بل إن معظمها لا يمكن معرفته. فهل هنالك من وسيلة لمعرفة الحالة؟ بالطبع! إنّ العَرَض الأكثر تحديدًا لغياب الإباضة هو عدم انتظام الدورات الطمثية. ولدينا بعض الفحوصات التي تُساعد في التقييم لتحري أسباب اللاإباضة ومنها:
• عيار هرمون البروجسترون والاستراديول و FSH وLH في الدم.
• عيار هرمون الغدة الدرقية والبرولاكتين في الدم.
• عيار الكورتيزول، والتستوستيرون، والغلوكوز: وذلك في حال التوجه للأسباب التي تؤدي للخلل فيها.
• فحص أعضاء الحوض بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو).
وقد تُجرى اختبارات أخرى بالاعتماد على حالة المريضة وتاريخها المرضي.
والآن نأتي لأهم النقاط التي عليكِ اتخاذها في #تدبير أو #علاج اللاإباضة:
1). تغيير نمط الحياة: تعتبر هذه الخطوة الأولى في تدبير اللاإباضة، بما فيها ضبط الوزن لدى النساء البدينات، والاستشارة التغذوية لهن وللواتي يعانين من نقص الوزن أيضًا. أما اللواتي يمارسنَ الرياضة الشاقة بكثرة فيجب عليهنّ الاعتدال بذلك، والابتعاد عن الإجهاد النفسي.
2). التدخل الطبي: غالبًا ما يوصى بالعلاجات الطبية إلى جانب تعديل نمط الحياة.
__العلاجات الدوائية منها:
1). هرمون موجهة الغدد التناسلية: حيث يفيد في الأسباب المتعلقة بالوطاء.
2). العلاجات المضادة للأستروجين: وتفيد في حال سلامة المحور الوطائي النخامي.
3). دواء من زمرة البيغوانيد: تشير الدراسات إلى دوره بجرعات معينة في تحسين انتظام الدورة الشهرية من خلال خفضه لمستوى الأنسولين وهرمون التستوستيرون الحر في الدم لدى كُلٍّ من النساء الهزيلات والسمينات المصابات بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات.
4). حقن الهرمون المنبه للجريبات (FSH) : وذلك لدى اللواتي يعانين من أسباب تتعلق بالغدة النخامية.
وفي بعض الحالات الخاصة قد نحتاج لتداخلات جراحية معينة، أو لتقنيات الإخصاب المساعد (الحقن داخل الرحم IUI، أو طفل الأنبوب IVF).
في النهاية لدينا نحن #الباحثون_المسلمون أمران يجب قولهما، أحدهما للمصابين/المصابات بالعقم، والآخر لعموم الناس:
__ملاحظة #1: البنون والبنات من مُتع الحياة التي أعطاها الله للإنسان، ولكن الدنيا ليست دار قرار، واقتضتْ حكمة الله أن لا يتحصل للإنسان فيها كل النعيم الذي يريده، فهي مجرد ممر للآخرة. فقد يبتلي الله البعض ببلاءات متنوعة، فمن صبر فله الأجر وأمر الله نافذ، ومن سخطَ فأمر الله نافذ وقد تحصّلَ الوزر، فقد قال عز من قائل حكيماً:
{لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ(٤٩)أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}. [49-50]، الشورىٰ.
وبالمقابل، لا تنسوا أو تيأسوا من دعاء الله تعالى ورَوْحِه، فكثيرون استجاب الله لهم بعد سنوات طِوال، وأفرحهم بالذريّة. ويبقى الدعاء وحده عبادةً من أعظم العبادات المطلوبة.
__ملاحظة #2: وهي لكل الناس: إن رأيتم أزواجًا تأخرتْ ذريتهم لا تسألوهم عن الأمر. سؤالكم يُولِّد جرحًا لهم قد يكون أعظم من المصيبة نفسها. فرفقًا بهم. فنتجنب معهم كل موضوع قد يذكرهم بهذا.حبكم واهتمامكم بحالهم، لا يكون بسؤالهم.. بل بالدعاء لهم في ظهر الغيب وتركُ ما لا يعنيكم.
دمتم بصحة وسلامة.
المصادر:
1- https://fertility.womenandinfants.org/services/women/anovulation
2- https://emedicine.medscape.com/article/253190-overview
3- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC192851/