كيف تعمل مصابيح النيون؟
كيف تعمل مصابيح النيون؟
كثيرًا ما يصدف أن نرى على أبواب المحالّ أو في الأماكن العامّة مصابيح أنبوبية زجاجية، ذات ألوان جذابة ومتوهجة، مشكلة بأشكال فنية جميلة أو على شكل حروف للدعاية. لكن هل تساءلت يومًا عن آلية عمل هذه المصابيح وكيف يمكن التحكم في ألوانها؟
كيف تعمل مصابيح النيون؟
مصباح النيون هو أنبوب زجاجي محكم الإغلاق مفرغ من الهواء، ومملوء بكمية قليلة من غاز النيون تحت ضغط منخفض. يحتوي أنبوب المصباح أيضًا على قطبين كهربائيين عند كلا طرفيه.
يستخدم غاز النيون لأنه أحد الغازات النبيلة (الغازات الخاملة). إحدى الصفات المميزة لهذه الغازات أن المدار الخارجي لذراتها يحتوي على العدد الكامل من الإلكترونات الذي يمكن أن تشغله؛ ولذا فإنَّ الذرات لا تدخل عادة في تفاعلات كيميائية، كما أنها تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة لإزالة إلكترون من إحدى ذراتها. نظريًّا، يمكن الحصول على الإضاءة من هذه الأنابيب باستخدام تيار مستمر أو تيار متردد. لكن عند استخدام التيار المستمر فإننا سنرى التوهج فقط حول أحد القطبين؛ لذلك فإن التيار المتردد يستخدم في معظم المصابيح النيونية التي نراها.
يُولَّد فرق جهد عالٍ بين القطبَيْن الكهربائيَّيْن بما يعادل 15000 فولتٍ لتكوين طاقة كافية لإخراج إلكترون من مستوى الطاقة الخارجي لذرات النيون. تجعل هذه العمليةُ الغازَ ضمن الأنبوب متأينًا، حيث تملك عندها ذرات النيون شحنات موجبة، بينما تملك الإلكترونات شحنة سالبة. تنجذب الأيونات الموجبة (الكاتيونات) إلى القطب الكهربائي السالب في حين تنجذب الإلكترونات الحرة إلى القطب الموجب. تلك الأجسام المشحونة تسمى «بلازما»، وهي المسؤولة عن إكمال الدائرة الكهربية للمصباح.
والآن: من أين يأتي الضوء؟
تتحرك الذرات داخل الأنبوب بسرعة كبيرة نتيجةً للتأين -الذي تكلمنا عنه- لتتصادم ببعضها، ناقلة الطاقة الحركية التي اكتسبتها إلى الذرات التي تصطدم بها مسببة إنتاج الكثير من الحرارة. تسبب الطاقة التي تنتج عن الاصطدام بالذرة إما تحرير أحد إلكتروناتها السطحية -وذلك في حال كون كمية الطاقة المنقولة عالية- أو تهييج الإلكترون ومن ثم نقله إلى مستوى طاقيٍّ عالٍ. يمكن للإلكترونات المثارة أن تعود إلى مستوى طاقتها الأصلي مرة أخرى، وذلك عن طريق فقد الطاقة المكتسبة على هيئة فوتون (ضوء). يعتمد لون الضوء الناتج عن هذه العملية على الفجوة الطاقية بين المستوى الطاقي الأصلي ومستوى الطاقة الذي انتقلت إليه الإلكترونات في حالة الإثارة. وللعلم، يعتمد حجم هذه الفجوة الطاقية بشكل أساسي على نوع الذرة المثارة. ولذا فإن كل إلكترون مثار من ذرة عنصر معين يطلق فوتونًا له طول موجي مميز عند عودته إلى حالته الأصلية؛ لذلك يتميز كل من الغازات النبيلة بلون معين عند تهييجه. وعلى سبيل المثال، لون الضوء الناتج من النيون هو البرتقالي المحمر.
لكن يبرز هنا سؤال، كيف تنتج الألوان الأخرى من الضوء؟
في الحقيقة توجد طريقتان أساسيتان لإنتاج الألوان الأخرى من الضوء بجانب اللون الأحمر البرتقالي للنيون.
الطريقة الأولى: هي استخدام غاز آخر أو خليط من الغازات، فمثلًا: الهيليوم له وهج وردي، والكريبتون أخضر، و غاز الأرغون أزرق. فإذا خُلطت الغازات تنتج درجات مختلفة من كل هذه الالوان.
الطريقة الثانية: هي طلاء الطبقة الداخلية لزجاج أنبوب الإضاءة بالفوسفور أو بمواد كيميائية أخرى، والتي سوف تشع لونًا محددًا عندما تمد بالطاقة. بسبب وجود طيف واسع من المواد الكيميائية الفوسفورية التي من الممكن أن تستخدم كطلاء داخلي للمصباح، فإن معظم المصابيح الحديثة لم تعد تستخدم النيون؛ بل تستخدم مصابيح الفلورسنت، والتي تعتمد على الزئبق والأرغون مصدرًا لنقل الطاقة، والفوسفور طلاءً داخليًّا. إذا رأيت ضوءًا واضحًا يشع لونًا بشكل ثابت؛ فإنه صادر غالبًا عن غاز نبيل.
وللعلم، توجد أيضًا طريقة أخرى للتحكم في الألوان قلّما تستخدم في الإنارة وهي التحكم بكمية الطاقة المعطاة للمصباح. أنت ترى أحيانًا لونًا واحدًا لكل عنصر، إلا أنه يوجد العديد من مستويات الطاقة المختلفة للذرة الواحدة والمتاحة للإلكترونات المثارة، ويقابل كل مستوى شعاعًا ضوئيًّا مميزًا يمكن إنتاجه من العنصر.
المصدر:
https://www.thoughtco.com/how-neon-lights-work-606167