كيف يتعلم دماغك الفيزياء ؟
« أظهرت دراسة جديدة أنّ الدماغ يُعيد وبشكل يومي توظيف الشبكات العصبية يوميا؛ لتَعلُم المفاهيم العلمية ذات المستوى العالي ».
لم يكن الانسان في وقت مبكّر ملمًا بالنظرية النسبية العامة [لآينشتاين] ، ولكنْ أيُّ شخص من الفيزيائيين أو من المهتمين بالفيزياء من المتوقع أنْ يكون قادراً على فهم المبادئ الأساسية لهذه النظرية.
يسأل [ مارسيل جاست ] عالم الأعصاب في جامعة[ كارنجي ميلون ] : « كيف يمكن لعقولنا القديمة أنْ تتعلم العلوم الجديدة وتمثل المفاهيم المجردة ؟ «.
في دراسة نُشرت في يونيو حزيران 2016 في مجلة علم النفس Psychological Science، [جاست] وزميله [روبرت مايسون] وجدوا أنَّ التفكير في الفيزياء يتطلب تفعيل الأنماط المشتركة للدماغ، وأنَّ لهذه الأنماط قدرات عصبية يومية والتي يُعاد توظيفها لتعلم العلم المجرد، وهذه القدرات العصبية تُستخدم – وعلى سبيل المثال – لمعالجة الإيقاع وبناء الجملة.
قام كل من [جاست و مايسون ] بعملية مسح ضوئي لأدمغة تسعة من طلاب الدراسات العليا في الفيزياء والهندسة, بينما كانوا يتفكرون بـ 30 مفهومًا من المفاهيم الفيزيائية مثل القوة الدافعة، الإنتروبية والتيار الكهربائي.
بعد ذلك قاموا بتغذية بيانات المستخرجة من عملية المسح في برنامج كمبيوتر للتعلم الآلي والذي في النهاية يمكنه تحديد أيِّ من المفاهيم الفيزيائية كان المتطوع يفكر فيه وذلك بناءً على نشاط دماغها أو دماغه .
لماذا كان هذا ممكنًا ؟ لأنَّ الأنماط العصبية المعنية في النظر بموضوع معين ( وليكن الجاذبية، على سبيل المثال) هي نفسها في جميع المشاركين. يقول ميسون: « كل شخص يتعلم الفيزياء في فصول دراسية مختلفة، مع مدرسين مختلفين ، وبمعدلات مختلفة» ، ويضيف [ميسون]: « لذلك فمن الغريب أنْ يتمَّ تطوير المناطق الدماغية نفسها لفهم مفهوم فيزيائي واحد لدى جميع هؤلاء الطلاب» .
للتحَقُق، قام العلماء بمقارنة بيانات عملية المسح التي قاموا بها مع دراسة سابقة لمطابقه النشاط العصبي لعمليات التفكير. وجد الباحثون أنَّ استجابات الدماغ الموافقة للمفاهيم العلمية [ التردد أو طول الموجة] وقعت في نفس المناطق التي تنشط عندما يشاهد الناس الراقصين، أو يستمعون إلى الموسيقى أو إلى أنماط إيقاعية مثل جري الفرس، قد يكون السبب أنَّ هذه كلها تنطوي على حس « الدورية» . وعندما فكر الطلاب من خلال المعادلات الرياضية كانت مناطق الدماغ التي تعمل هي نفسها تلك التي تعالج الجمل. وتشير هذه النتائج إلى أنَّ الهياكل العصبية العامة يُعاد توظيفها للتعامل مع العلوم ذات المستوى العالي.
يقول [جاست ] : «على الرغم من أنَّ بعض هذه المفاهيم قد تمَّ صياغتها عملياً في القرنين الماضيين، فإنَّ أدمغتنا – بالفعل – قد صُممتْ للتعامل معها»، هذه النتائج قد تساعد يومًا ما على تحديد الدروس المدرسية التي يجب أنْ تُدرّس معًا كونها تحفز عمل نفس المناطق الدماغية.
ويقول [ مايسون ] إنَّه و [جاست ] قد خططا لاستمرار عملهما مع العلوم الأخرى التي لا يعرف أجدادنا إلا القليل عنها ، بما في ذلك علم الوراثة وعلم الحاسوب.
المصدر :1