متلازمة كلاينفلتر. ما علاقتها بالعقم لدى الذكور؟
متلازمة كلاينفلتر.
ما علاقتها بالعقم لدى الذكور؟
قبل أن نخوض في تعريف المتلازمة، ينبغي أولًا أن نعرف ما المقصود بالصبغيات.
هل تعلم أنّ كلّ ما تتمتع به من صفاتٍ خاصةٍ؛ بدءًا من لون عينيك ولون بشرتك وطولك، وحتى البروتينات التي تبني عضلاتك وجلدك تنبني كلها أساسًا على المعلومات المُخزَنة في الخلايا المكونة لجسمك؟! ويجري تشفير هذه المعلومات بلغةٍ خاصة، حروفها هي جزيئات تدعى “النيكليوتيدات” والتي باتحادها مع بروتينات الهيستونات تشكل ما يسمى بالمادة الوراثية أو الصبغيات (chromosomes)، وتحوي كل خلية من خلايانا 46 صبغيًا، منها صبغيان اثنان يحدّدان جنس الإنسان:
■ فإذا كان هذان الصبغيان هما XY فالجنس ذكر ويعبر عنه بالصيغة 46,XY.
■ وإذا كان هذان الصبغيان هما XX فالجنس أنثى ويعبر عنه بالصيغة XX,46.
أظن الآن أنّنا جاهزون للتعرف على متلازمة كلاينفلتر، فما هذه المتلازمة؟ ما سببها؟ وكيف تتظاهر؟
تنتج متلازمة كلاينفلتر (klinefelter’s syndrome) عن وجود صبغي X إضافي لدى الذكر، فتنقلب صيغته الصبغية من 46,XY إلى47,XXY.
وتعد هذه المتلازمة أشيع الاضطرابات الصبغية المرتبطة بالعقم وقصور الغدد التناسلية عند الذكور، إذ تقدّر نسبة انتشارها ب 1/500 ذكر.
ما مظاهر هذه المتلازمة السريرية؟
تتميز المتلازمة بثلاثة أعراض رئيسية، وهي: قصور الغدد التناسلية والتثدي (نعم، عند الرجل) والعقم بالإضافة إلى أعراض وعلامات أخرى تنتج عن نقص هرمون الأندروجين.
يمكن تقسيم المظاهر السريرية حسب وقت ظهورها وفق ما يلي:
أولاً الرُضّع:
▪︎عدم نزول الخصيتين (بقاء الخصيتين في جوف البطن). ولكن هذا لا يعني أن كل حالات الخصية المعلّقة سببها هذه المتلازمة، فلا تقلقي وراجعي الطبيب.
▪︎صغر الأعضاء التناسلية الخارجية.
ثانياً ︎الدارجين (الأطفال في سن المشي):
▪︎نقص توتر العضلات (ارتخاء العضلات).
▪︎تأخر التطور ولا سيما فيما يتعلق بالمهارات اللغوية التعبيرية.
ثالثاً الأطفال في سن المدرسة:
▪︎صعوبات التعلم واضطرابات الانتباه.
▪︎تأخر تقدم المهارات الاجتماعية.
رابعاً الأطفال الأكبر سنًا والمراهقون الذكور:
▪︎تأخر البلوغ.
▪︎طول القامة.
▪︎صِغر وقساوة الخصيتين.
▪︎النمط الأنثوي ︎لتوزع أشعار الجسم.
▪︎التثدي، وهو نمو أنسجة الثدي لدى الذكر.
خامساً البالغين:
▪︎العقم، وذلك نتيجة قصور الخصيتين والذي يسبب انخفاض تركيز الهرمون الذكري (التستوستيرون) وكذلك انخفاض تعداد النطاف أو انعدامه كلياً.
▪︎ضعف الرغبة الجنسية.
▪︎نقص الكتلة العضلية.
هل يمكن تشخيص هذه المتلازمة لدى الجنين قبل الولادة؟
نعم، يمكن تشخيص كلاينفلتر قبل الولادة عن طريق إجراء التنميط النووي (karyotyping) للخلايا المأخوذة عبر البزل الأمنيوسي وعينات الزغابات المشيمائية، حيث تؤخذ الخلايا الجنينية ويُفحَص حمضها النووي لتظهر الصيغة الصبغية غير الطبيعية 47,XXY، وفي حال لم يجرِ الفحص قبل الولادة فإن العلامات والأعراض السابقة تشجّع بشدة على إجراء التنميط النووي للخلايا الدموية للمريض الذي غالباً ما يأتي بشكوى العقم.
ما المضاعفات (complications) التي قد تحدث على المدى الطويل؟
إن معدل الوفيات عند هؤلاء المرضى ليس أعلى من معدل الوفيات عند الأشخاص الأصحاء، ولكنهم عرضة للإصابة بما يلي:
•سرطانات الثدي والخصية وأورام المنصف (المنطقة ما بين الرئتين).
•هشاشة العظام.
•داء السكري وقصور الغدة الدرقية والأمراض المناعية الذاتية كالذئبة الحمراء أو الحمامية (lupus erythematosus).
• الإصابة بتدلي الصمام التاجي (Mitral valve prola)، وبأمراض وعائية كالخُثار الوريدي العميق (Deep vein thrombosis).
هل هناك علاج لمرضى كلاينفلتر؟
نعم، اطمئن.
تركّز المعالجة أساسًا على ثلاثة محاور وهي: قصور الخصية والتثدي والمشكلات النفسية، ويتم التدبير وفق الآتي:
⊙لمعالجة قصور الخصية، تتم إعاضة هرمون التستوستيرون وذلك في سن ما حول البلوغ (نحو 12 سنة)، إذ يشجّع التستوستيرون على:
• ظهور الصفات الجنسية الذكرية الثانوية؛ كظهور شعر الوجه ونمو العضلات ومن ثم تحسن الحالة النفسية للمريض.
•الحماية من هشاشة العظام المبكرة.
•زيادة حجم الخصيتين.
•زيادة الرغبة الجنسية.
•إنقاص خطورة حدوث سرطان الثدي والأمراض المناعية الذاتية.
ولكن للأسف فإن إعاضة الهرمون لا تعالج العقم أو التثدي.
⊙لمعالجة التثدي، يمكن إجراء استئصال للثدي في حال معاناة المريض من التأثيرات النفسية السلبية للتثدي.
⊙ المعالجة الفيزيائية: ينصح بها للأطفال الذين يعانون من نقص توتر عضلي وضعف في المهارات الحركية.
⊙أما العقم، فحتى عام ١٩٩٦ عُدّ مريض كلاينفلتر عقيمًا، ولكن تطور تقنيات الجراحة المجهرية ساعد نصف هؤلاء المرضى على إنجاب الأولاد.
فالحمد لله الذي ينزل مع الابتلاء الصبر والأمل.
وله الحمد على الصحة والعافية من كثير الأمراض المحيطة بنا.
إعداد: د. ميسم حمشو.
مراجعة: د. همام عيسى.
تدقيق لغوي: عبد الرحمن سلامة.