تعد البكتيريا والفيروسات من الكائنات الدقيقة غير المرئية بالعين المجردة، والتي من الممكن أن تكون مسببة للأمراض (Pathogenic). توجد قواسم مشتركة بين البكتيريا والفيروسات كما توجد صفات مميزة لكل منها، الفيروسات تقريبًا أصغر بـ (10 ~ 100) مرة من البكتيريا التي من الممكن أن ترى تحت عدسة الميكروسكوب الضوئي [1]، أما الفيروسات فتظهر تحت الميكروسكوب الإلكتروني. البكتيريا كائنات حية أحادية الخلية (Unicellular)، تتكاثر لاجنسيًّا بالانقسام الثنائي (Binary fission) [2] من دون الحاجة إلى كائن وسيط يساعدها في عملية التكاثر، أما الفيروسات فلا تعد من الكائنات الحية؛ لكونها تحتاج إلى خلية مضيفة لإتمام عملية التكاثر، وسيتبين ذلك لاحقًا في هذا المقال.
أين توجد هذه الكائنات الدقيقة؟
البكتيريا: من الممكن أن توجد البكتيريا في أي مكان، سواءً على الأسطح غير العضوية أو على الكائنات الحية أو حتى داخل الكائنات الحية، فمن المعروف عنها أنها قادرة على إصابة الكائنات حقيقية النواة (eukaryotic) كالإنسان والحيوان والنبات بل وحتى الفطريات، ومنها بعض الأنواع القادرة على التكيف مع الظروف البيئية الصعبة كارتفاع درجات الحرارة في العيون المائية الحارة أو الأوساط شديدة الحمضية كما في معدات الكائنات الحية.
الفيروسات: من الممكن أيضًا عزل الفيروسات من البيئات المختلفة وذلك لاتساع مدى انتشارها في البيئة، كما يمكن عزل الفيروسات الممرضة من الكائنات الحية حقيقية النواة، ومن الممكن أن تتواجد في الكائنات غير حقيقة النواة (prokaryotic)، كما أن من الفيروسات أنواعًا من الممكن أن تصيب الأركا (archaeans) التي توجد في الظروف غير الملائمة للكائنات الحية العادية كارتفاع درجات الحرارة أو تركيز الكبريت في المياه، ومن الممكن أن يبقى الفيروس في حالة خمول -جاهزًا للإصابة- على الأسطح بين ثانيتين وعام حسب نوع الفيروس.
البنية البكتيرية والفيروسية
البكتيريا: تعد البكتيريا من الكائنات غير حقيقية النواة، كما أن جميع الصفات المميزة للكائنات الحية تظهر فيها، الخلية البكتيرية تحتوي على حمض نووي (DNA) موجود في سيتوبلازما (cytoplasm) محاط بجدار خلوي مبطن بغشاء بلازمي.
الفيروسات: الفيروسات لا تعد خلايا؛ لأنها تتكون من حمض نووي (DNA or RNA) محاط بهيكل بروتيني، وفي بعض الفيروسات يوجد غلاف إضافي (envelope) مكون من البروتين والدهون الفوسفاتية (phospholipids) تحصل عليها من الغشاء الخلوي للخلايا المضيفة لها، ويساعدها الغلاف في عملية إصابة الخلايا الجديدة عن طريق حدوث التحام (fusion) بين الغلاف الفيروسي والغشاء الخلوي للخلية المضيفة، ويساعد أيضًا في عملية الخروج عن طريق التبرعم (budding). أما الفيروسات التي لا تملك غلافًا فتدخل الخليةَ بعملية الإدخال الخلوي (endocytosis) وتخرج خلال عملية الإخراج الخلوي (exocytosis) أو التحلل الخلوي (cell lysis)، الفيروس لا يعد من الكائنات الحية، ولكنه لا يعد كائنًا غير حي؛ فهو يملك حمضًا نوويًّا ولا يملك جدارًا خلويًّا أو عضيات خلوية ولا يمكنه التكاثر في حال عدم توفر الخلايا المضيفة له.
الحجم والشكل
البكتيريا: للخلايا البكتيرية عدة أشكال فراغية، منها الشكل الدائري (cocci) والعصوي (bacilli) والحلزوني (spiral)، أما حجمها: فإن قطرها يتراوح بين (200-1000) نانومتر [3]، ومن الممكن رؤية Thiomargarita namibiensis بالعين المجردة فهي نوع من أنواع البكتيريا يصل قطرها إلى 0.75 مليمتر. [4]
الفيروسات: ما يحدد حجم الفيروس وشكله هو كمية البروتين والحمض النووي المكونة له، وعادة ما تكون الفيروسات على شكل كبسولات كروية متعددة السطوح (polyhedral) أو على شكل عصوي أو حلزوني، بعض الفيروسات كالعاثيات البكتيرية (bacteriophages) تحتوي على أشكال معقدة تتضمن ذيلًا بروتينيًّا مرتبطًا بالغشاء الخارجي (capsule) بألياف ممتدة من الذيل، حجم الفيروسات صغير جدًّا مقارنة بالبكتيريا، فإن قطر الفيروسات يتراوح بين (20-400) نانومتر [5]، وأكبر حجم سُجّل كان لفيروس (pandoraviruse)؛ إذ بلغ حجمه 1000 نانوميتر. [6]
كيف تُنجَز عملية التكاثر؟
البكتيريا: تتكاثر البكتيريا لاجنسيًّا بالانقسام الثنائي، إذ يتضخم حجم الخلية البكتيرية، ثم يتضاعف الحمض النووي والمكونات الخلوية، ثم تنقسم الخلية إلى خليتين، وبذلك يسلك معدل النمو منحنى أسيًّا [7] في بداية مرحلة النمو.
الفيروسات: تختلف طريقة التكاثر في الفيروسات كثيرًا عن البكتيريا، فالفيروسات لا يمكنها التكاثر إلا بوجود خلية مضيفة، أي إنها لا تملك آليةً تمكنها من التكاثر ذاتيًّا، كما أنها متخصصة بحيث يحتاج كل نوع من الفيروسات إلى خلية مضيفة خاصة به، يحقن الفيروسُ الخليةَ المضيفةَ بحمضه النووي الذي يغزو الخلية ويسيطر عليها ويستخدمها في تخليق مكوناته ومضاعفة حمضه النووي، ثم تتحد هذه الأحماض مع المكونات الفيروسية الأخرى وتخرج من الخلية بعد تدميرها، ثم تغزو الفيروسات الجديدة خلايا جديدة وتسلك دورة الحياة نفسها.
الأمراض التي تسببها البكتيريا والفيروسات
البكتيريا: ليست كل البكتيريا مُمرِضة، فمنها النافع للكائنات الحية ومنها المسبب للأمراض. تفرز بعض أنواع البكتيريا السمومَ القادرة على تدمير الخلايا، ويمكن أن تسبب أمراضًا خطيرة أخرى، مثل: التهاب السحايا، والالتهاب الرئوي، والسل. ومن الممكن أن تسبب تسمم الطعام، وعادة ما يمكن القضاء عليها بالمضادات الحيوية، ولكن من الجدير بالذكر أن بعض البكتيريا تملك جيناتٍ مقاومةً للمضادات الحيوية مثل (E. coli and MRSA)، وهذا النوع من البكتيريا يصعب التعامل معه. كما أن اللقاحات المضادة للبكتيريا هي أيضًا فعالة في القضاء على أنواع كثيرة من البكتيريا أو حتى منع انتشارها.
الفيروسات: تعد الفيروسات من العوامل المُمرِضة التي تسبب مجموعة من الأمراض كجدري الماء والإنفلونزا وداء الكلب ومرض فيروس إيبولا ومرض زيكا وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، ومن الممكن أن تسبب الفيروسات عدوى على فترات متقطعة، إذ تصبح خاملة لفترة وتنشط في أوقات لاحقة. ومن الممكن أن تسبب بعض الفيروسات تغيرات داخل الحمض النووي للخلايا المضيفة تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، مثل: سرطان الكبد، وسرطان عنق الرحم، ومرض بوركيت، المضادات الحيوية لا تعمل ضد الفيروسات ولا تؤثر عليها ولكن من الممكن أن تقلل أعراض الأمراض الفيروسية بتثبيط النشاط البكتيري المصاحب للإصابة الفيروسية في حال وجوده. عادةً ما يتضمن علاج العدوى الفيروسية أدويةً تعالج أعراض العدوى وليس الفيروس نفسه. تستخدم الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج بعض أنواع العدوى الفيروسية، وعادة ما يُعتمد على الجهاز المناعي للمضيف لمكافحة الفيروسات، ويمكن أيضًا استخدام اللقاحات لمنع العدوى الفيروسية.
ملخص لأهم الاختلافات بين البكتيريا والفيروسات
البكتيريا خلايا غير حقيقية النواة، أما الفيروسات فلا تعد خلايا.
يتراوح حجم البكتيريا بين 200-1000 نانوميتر، أما الفيروسات فبين 20-400 نانوميتر.
تصيب البكتيريا الحيوان والنبات والفطريات، أما الفيروسات فمن الممكن أن تصيب كل أنواع الخلايا الحية.
تتكاثر البكتيريا بالانقسام الثنائي، أما الفيروسات فتتكاثر في خلايا مضيفة.
من الأمراض الشهيرة التي تسببها البكتيريا: السل والتسمم الغذائي والتهاب السحايا والجمرة الخبيثة، ومن الأمراض التي تسببها الفيروسات: جدري الماء وشلل الأطفال والإنفلونزا والحصبة وداء الكلب والإيدز.
يمكن علاج البكتيريا بالمضادات الحيوية، أما الفيروسات فلا تتأثر بها.
المصدر
Bailey, Regina. “Differences Between Bacteria and Viruses.” ThoughtCo, Feb. 11, 2020
المراجع
[1] Blanchard, Duncan C. “Jet drop enrichment of bacteria, virus, and dissolved organic material.” pure and applied geophysics 116.2-3 (1978): 302-308.
[2] Angert, Esther. “Beyond binary fission: Some bacteria reproduce by alternative means.” MICROBE-AMERICAN SOCIETY FOR MICROBIOLOGY 1.3 (2006): 127.
[3] Stine, W. B., et al. “The nanometer-scale structure of amyloid-β visualized by atomic force microscopy.” Journal of protein chemistry 15.2 (1996): 193-203.
[4] Ouzounov, Nikolay, et al. “MreB orientation correlates with cell diameter in Escherichia coli.” Biophysical journal 111.5 (2016): 1035-1043.
[5] Koenig, Bernd, and Michael Graetzel. “A novel immunosensor for herpes viruses.” Analytical chemistry 66.3 (1994): 341-344.
[6] Mutsafi, Yael, et al. “Infection cycles of large DNA viruses: emerging themes and underlying questions.” Virology 466 (2014): 3-14.
[7] Zwietering, M. H., et al. “Modeling of the bacterial growth curve.” Appl. Environ. Microbiol. 56.6 (1990): 1875-1881.
https://www.thoughtco.com/differences-between-bacteria-and-viruses-4070311