الموت المفاجئ للرضيع!
الموت المفاجئ للرضيع!
كيف تتجنبه؟!
كنتُ الطبيب المناوب في قسم الإسعاف عندما دخل والدان يحملان طفلهما الرضيع وقد بدا الخوف جليًا على وجههما، طلبوا مني فحص طفلهم الرضيع حيث أنه لا يستجيب لهم، فقد كان نائمًا بجانبهم، وعندما حاولَتْ والدته إيقاظه في الصباح لإرضاعه، فلم يتمكّنوا من إيقاظه!
حملتُ الطفل فورًا وبدأتُ بفحصه ولكن كان الأوان قد فات للأسف، فالطفل قد تُوفّيَ قبل المجيء به إلى المشفى.
وقد حدد الطبيب الشرعي سببَ الوفاة بأنه متلازمة الموت المفاجئ للرضيع!
ماذا يعني هذا؟!… كيف تحدث؟ ومن الأطفال الذين يصابون بها؟ ما الذي يزيد من احتمال الإصابة بالموت المفاجئ للرضيع… وكيف نقي أطفالنا منه؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقالنا الآتي.
بدايةً ما هي متلازمة الموت المفاجئ للرضيع SIDS؟
هي وفاة مفاجئة غير مبرَّرة تحدث عادةً أثناء اليوم لطفل يتمتع بصحة جيدة وفي عمر أقل من عام (خاصة بين الشهر الثاني والرابع)، كما تُعرف SIDS بالموت في المهد لأن الرضّع يموتون عادة في مهودهم.
ما هي #نسبة الإصابة بها؟
لا تقلق، ليست النسبة كبيرةً، لكن كل حالة مأساة طبعًا. أعلن المركز الوطني للإحصاءات الصحية في عام 2006 عن 2323 حالة وفاة ناجمة عن متلازمة الموت المفاجئ للرضيع في الولايات المتحدة الأمريكية أي بنسبة 54 لكل 100,000 ولادة حيّة، وقد لوحظ مؤخرًا انخفاضٌ كبير في معدل انتشار متلازمة الموت المفاجئ للرضيع في جميع أنحاء العالم (رغم ثبات معدلات الانخفاض في السنوات الأخيرة) خاصة بعد الحملات التوعوية التي تهدف إلى توعية الأفراد حول الطرق الصحيحة لنوم الطفل. ويبلغ معدل الإصابة الحالية في العديد من الدول الآسيوية 4 لكل 100,000 مولود حيّ.
لعلّك تنتظر هذا: ما #سبب هذه المتلازمة؟
لا تزال هذه المتلازمة غامضة، والسبب الرئيسي غير معروف ولكن يُعتقَد أنها ترجع لمجموعة من العوامل:
• العيوب الدماغية: يُولد بعض الأطفال وهم يعانون من مشاكلَ تجعلهم أكثر عرضةً للوفاة بمتلازمة الموت المفاجئ للرضيع، فالعديد منهم لا يكون الجزء الدماغي الذي يتحكم في التنفس والاستيقاظ من النوم ناضجًا بما يكفي ليعمل بطريقة صحيحة.
• انخفاض الوزن عند الولادة، أو الولادة المبكرة، أو ولادة التوائم: كلها تزيد من احتمال عدم اكتمال نمو دماغ الطفل تمامًا، لذلك تقلُّ لديه القدرة على التحكم في تلك العمليات التلقائية مثل التنفس ومعدل ضربات القلب.
• النوم على البطن أو على الجانب: تزداد صعوبات التنفس في هذه الوضعيات فقد يتنفس الرضيع هواءَ زفيره فترتفع مستويات ثاني أوكسيد الكربون. وفي الأحوال الطبيعية عند ارتفاع CO2 تتنبّه الخلايا العصبية في الدماغ وتتحفّز المراكز المسؤولة عن التنفس والاستيقاظ من النوم لدى الطفل مؤديةً لاستيقاظه وإدارة رأسه ليتنفّس أسرع حتى ترتفعَ نسبة الأوكسجين في الدم، لكن في SIDS يحدث خللٌ (أو فشل) في هذه الاستجابة.
• عدوى في الجهاز التنفسي: كالزكام، مما قد يزيد من مشاكل التنفس عند الرضيع.
• النوم على سطح رخو: مثل الاستلقاء على لحاف أو مرتبة ناعمة أو سرير مائي أو وجود الوسائد والألعاب المحشوّة في السرير؛ حيث يمكن أن تَسُدَّ مجرى هواء الطفل.
• مشاركة السرير: مع أن نوم الطفل في غرفة والدَيه ينقص من نسبة الإصابة بالموت المفاجئ للرضيع إلا أن الخطر يزداد في حال تقاسم الطفل السرير مع الوالدين أو الإخوة وكذلك الحيوانات الأليفة.
• ارتفاع درجة الحرارة والمبالغة في تدفئة الطفل.
ما هي عوامل الخطورة لحدوث SIDS؟
• عوامل متعلقة بالطفل: كالأطفال الخُدّج والجنس المذكر والعمر بين الشهرين والأربع شهور والرُّضَّع غير البيض (من الأعراق الأخرى) الذين هم أكثر عرضةً للإصابة ووجود قصة عائلية سابقة للإصابة بهذه المتلازمة والتدخين السلبي (أي وجود أشخاصٍ مدخنين في محيط الطفل).
• عوامل متعلقة بالأم في فترة حملها: كاستهلاكها للكحول والمخدِّرات والتدخين، وأن يكون عمرها أقلَّ من عشرين عامًا، وتَلقِّيها لرعاية ما قبل الولادة غير مناسبة.
أما بالنسبة #للتشخيص، فكيف يعلم الأطباء أنها سبب الوفاة؟
لا يوجد اختبار مؤكِّد أن سبب الوفاة هو متلازمة الموت المفاجئ للرضيع، فتُشخَّص بعد استبعاد جميع الأسباب الأخرى.
والآن مع الفقرة الأهم وهي #الوقاية:
فلعلك تتساءل كيف نحرص على سلامة أطفالنا ونقلّل من احتمال تعرّضهم لمتلازمة الموت المفاجئ؟
للأسف لم يجد الأطباء أيّ وسيلة مضمونة لمنع الإصابة، ولكن يمكنك مساعدة طفلك على النوم بأمان أكثر من خلال اتباع هذه النصائح:
1. ضع طفلك عند نومه على ظهره بدلًا من وضعه على بطنه أو جانبه (وأكّدْ على وضعية النوم الصحيحة على الظهر عند وضع طفلك لدى جليسة أطفال أو غيرها).
2. حافظ على سرير طفلك خاليًا من الوسائد والألعاب الرقيقة والمحشوّة قدر الإمكان حيث يمكن أن توقف التنفس إذا ضغط رضيعُك وجهه فيها، وتجنب الأسرّة والبطانيات الطرية والرقيقة جدًا واستبدلها بالأسرّة الثابتة المُسطَّحة.
3. لا تبالغْ في تدفئة الطفل ولا تغطِّ رأسه.
4. اجعل طفلك ينام في غرفة والدَيه ولكن في سرير منفصل له، فأسرّة البالغين ليست آمنةً للرضع.
5. الرضاعة الطبيعية: حيث وجد باحثون أن الرضاعة الطبيعية (على الأقل في الستة أشهر الأولى) تقلل من خطر الإصابة.
6. حاول تقديم المصّاصة (اللهاية) للطفل في السنة الأولى إن كان يقبلها وعدم إجباره عليها في حال رفضه لها (مع الانتباه إلى أن لها مضارًّا وفوائدَ يجب الموازنة بينهما) وينصح الأطباء بالابتعاد عنها في حال الرضاعة الطبيعية حتى يصلَ الطفل لعمر ثلاثة أو أربعة أسابيعَ بحيث تكون عملية الإرضاع قد انتظمت جيّدًا.
7. أما بالنسبة للقاحات فلم يجد الأطباء أيّ صلة بين اللقاحات الروتينية وزيادة خطر الإصابة بمتلازمة الموت المفاجئ للرضيع، بل على العكس فقد أثبتت الدراسات أن بعضَ اللقاحات تساعد في الوقاية منها.
ماذا عن أجهزة مراقبة الأطفال أو الأجهزة التجارية التي شاعَ أنها تقلل من وفيات الأطفال الناجمة عن متلازمة الموت المفاجئ للرضيع، فهل هذا صحيح؟
الجواب هو كلّا، لا تشجعُ الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال على استخدام الشاشات وأجهزة المراقبة بسبب مسائل تتعلق بالفعالية والسلامة.
أسأل الله السلامة لكم ولأطفالكم، وأقرَّ أعينكم بأطفالٍ صالحين.
إعداد: يثرب السباعي
تدقيق علمي: أمامة بالي
تدقيق لغوي: هيثم عكيلة