آلية تسخين الغلاف الجوي للشمس، وتكوين الرياح الشمسية
اكتشف فريق عالمي بقيادة علماء من جامعة الملكة في (بلفاست) ما يمكن أن يكون آلية تسخين الغلاف الجوي للشمس، وتكوين الرياح الشمسية، فتبين أن ذلك يحصل عن طريق تصادم الأمواج المغناطيسية خلال الشمس.
فمع قرب الشمس منا ما زلنا نجهل الكثير من أسرارها، لكن يبدو أن مجموعة من الباحثين من جامعة الملكة قد تمكنوا من إزالة الستار عن أحد هذه الأسرار في ورقة بحثية نشرت في مجلة مجلة (فيزياء الطبيعة Nature Physics).
تنبأ الفيزيائي والمهندس السويدي (هانس ألففين) عام 1942 بوجود نوع جديد من الموجات نتيجة لتأثير المغناطيسية على البلازما، وحصل بسبب ذلك على جائزة نوبل للفيزياء عام 1970، ومنذ تنبُّئِه ارتبطت أمواج ألففين بمجموعة متنوعة من المصادر، من بينها المفاعلات النووية، وسحب الغاز التي تحيط بالمذنبات، والتجارب المخبرية، وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وفي الغلاف الجوي لشمسنا.
رأى العلماء لسنوات عديدة أن هذه الأمواج قد يكون لها دور مهم في المحافظة على حرارة الشمس في مستوياتها المرتفعة، لكنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك حتى الآن.
يقول الدكتور (ديفيد جيس) من كليّة الرياضيات والفيزياء بجامعة الملكة: “لمدة طويلة تنبأ العلماء من مختلف أنحاء العالم بأن أمواج ألففين تنتقل نحو سطح الشمس لتتحطم في الطبقات الأعلى، لتصدر كميات هائلة من الطاقة على شكل حرارة. وخلال العقد الماضي استطاع العلماء أن يثبتوا وجود الأمواج، لكن لم يتمكنوا حتى الآن من إيجاد دليل مباشر على قدرتها على تحويل حركتها إلى حرارة، وقد قمنا بقيادة فريق تمكن من رصد الحرارة الناتجة عن أمواج ألففين في البقعة الشمسية وحددها بدقة. ظهرت هذه النظرية منذ نحو 75 سنة، والآن نحن نملك دليلًا عليها للمرة الأولى، بحثنا هذا يفتح نافذة جديدة لمحاولة فهم كيف يمكن أن تعمل هذه الظاهرة في مجالات أخرى، مثل: مفاعلات الطاقة، والأجهزة الطبية”.
استخدمت الدراسة مشاهدات متقدمة عالية الدقة مأخوذة من تلسكوب “دن” الشمسي في نيومكسيكو، مع مشاهدات تكميلية من مرصد ديناميكا الشمس لناسا، لتحليل أقوى المجالات المغناطيسية التي تظهر في البقع الشمسية، إذ يوجد في هذه البقع الشمسية مجالات قوية مشابهة لتلك الموجودة بأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الحديثة، وهي أكبر من كوكبنا (الأرض).
يعلق الدكتور (صامويل جرانت) من جامعة الملكة قائلا: “تمكن فريق الباحثين العالمي من معاينة سلوك عناصر معينة من الجدول الدوري المتواجدة بالغلاف الجوي للشمس، من بينها الكالسيوم والحديد، وذلك عن طريق تحليل ضوء الشمس إلى ألوانه الأساسية، بمجرد استخراج هذه العناصر رُصِدت ومضات شديدة من الضوء في سلاسل الصور، هذه الومضات الشديدة كانت لديها كل علامات أمواج ألففين أثناء تحويل طاقتها إلى أمواج صدمية، فيما يشبه الهدير الناتج عن طائرة أسرع من الصوت أثناء اختراقها لحاجز الصوت، حيث تتموج الأمواج الصدمية خلال البلازما المحيطة بها، وهذا ينتج درجات حرارة كبيرة، وقد استخدمنا الحواسيب الخارقة لنتمكن من تحليل المعطيات، وتبين للمرة الأولى في التاريخ أن أمواج ألففين قادرة على رفع حرارة البلازما على نحو كبير يتخطى خلفيتها الهادئة”.