يجري التقليل من شأن الآثار الاقتصادية لتفشي الفيروس التاجي المسمى (covid-19) عالمياً بسبب الاعتماد المفرط على المقارنات التاريخية بالسارس من جهة وبالأزمة المالية (2008/2009) من جهة أخرى، وذلك على الرغم من تصنيفه جائحةً بعد أن تفشى في مختلف دول العالم (World Health Organization, 2020). في ضوء ذلك، التزمت هيئات مختلفة بإتاحة جميع المعلومات والمقالات والدراسات المتعلقة بـ(COVID-19) وبشكل فوري من خلال تيسير عملية الوصول إلى المعلومات من أجل تقليل التأثير الاقتصادي للفيروس والتصدي للمعلومات الخاطئة على نطاق عالمي. (Sohrabi, 2020)
لقد أدى تفشي COVID-19 إلى تعطيل الاقتصاد الصيني ومن ثم انتشار أثر ذلك على الاقتصاد العالمي، وفي خضم تباطؤ الاقتصاد الصيني الناتج عن توقف الإنتاج، ونظراً لتعطل عمل سلاسل التوريد العالمية، بدأت الشركات في جميع أنحاء العالم- وبغض النظر عن حجمها- تعاني من تقلصات في عمليات الإنتاج، خاصة أنها تعتمد على استيراد مدخلات الإنتاج من الصين. إن إيقاف عمليات النقل وتحديدها بين البلدان قد زاد من تباطؤ الأنشطة الاقتصادية العالمية، والأهم من ذلك أن بعض حالات الذعر بين المستهلكين والشركات قد شوهت أنماط الاستهلاك المعتادة وخلقت تشوهات في السوق، كما استجابت الأسواق المالية العالمية للتغيرات وانخفضت مؤشرات الأسهم العالمية. (McKibbin& Fernando, 2020)
تشير النتائج إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيتلقى ضربة تتراوح بين 3-5٪ اعتماداً على الفوارق بين بلد وآخر، وفي سيناريو معتدل فإن كل شهر إضافي من إيقاف التشغيل يمثل تقريباً 2-2.5٪ من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وستتلقى الاقتصادات التي تعتمد على الخدمات أثراً سلبياً، وستتعرض الوظائف فيها للخطر، إذ ستتأثر بلدان، مثل: اليونان والبرتغال وإسبانيا التي تعتمد بشكل كبير على السياحة- بهذه الأزمة (أكثر من 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي). (Nuno Fernandes, 2020)
تشير التوقعات الصادرة عن الجامعة الوطنية الأسترالية المبنية على النمذجة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في أمريكا وأوربا سيكون أقل بنسبة 8% إذا كان معدل الوفيات أعلى مما كان متوقعاً. كما أن الأسواق المالية تسعِّر تحت ضغط الخوف، فقد انخفض مؤشر (S&P500) بنسبة 8% عن أعلى مستوى له في 19 فبراير/ شباط، وتوقف إصدار ديون الشركات في وول ستريت بشكل أو بآخر، كما انخفض العائد على سندات الخزانة لمدة عشر سنوات إلى نسبة أقل من 1٪ للمرة الأولى. (The Economist, 2020)
تظهر التقديرات الأولية لمنظمة العمل الدولية ارتفاعاً كبيراً في البطالة ونقص العمالة في أعقاب تفشي الفيروس بالاستناد إلى سيناريوهات مختلفة لتأثير COVID-19 على نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تشير إلى ارتفاع في البطالة العالمية بين 5.3 مليون و24.7 مليون بالمقارنة بالمستوى الأساسي الذي يبلغ 188 مليوناً في عام 2019. (International Labour Organization Monitor, 1st Edition, COVID-19 and the world of work: Impact and policy responses)
تواجه الدول تحدياً كبيراً للصحة العامة في الشرق الأوسط، فقد تم اتخاذ العديد من التدابير مثل إغلاق المدارس والحكومة والترفيه في جميع أنحاء المنطقة، وستؤدي عمليات الإغلاق العالمية والمحلية هذه للتخفيف من انتشار الفيروس وفي الوقت نفسه إلى انخفاض حاد في السياحة وقطاع البيع بالتجزئة، وانخفاض تدفقات رأس المال. (Oxford Analytica, 2020)
سيؤدي وباء COVID-19 إلى إضعاف النمو الاقتصادي لمنتجي النفط في الشرق الأوسط وما وراءه مع تأثيرات سلبية على دول المنطقة الأخرى. ومن المرجح أن تؤدي هذه الصدمات الاقتصادية والمالية والمتعلقة بالطاقة والصحة إلى زيادة الاعتماد على الحكومات لدعم النشاط الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك سيقلل انخفاض الطلب العالمي، لا سيما بالنسبة إلى أهم صادرات المنطقة (النفط والغاز) من الإيرادات الحكومية والسيولة. مما يعني أن من المرجح أن تعود بعض بلدان المنطقة إلى الركود مرة أخرى في عام 2020.
يعد انخفاض عائد النفط والغاز قناة النقل الرئيسة للأزمة العالمية إلى الاقتصادات الإقليمية، لكن السياحة والخدمات المالية والمهنية تلقت أيضاً ضربة كبيرة مما يقوض النمو في القطاعات التي لا تعتمد على قطاع الطاقة.
(Oxford Analytica, 2020)
إن تطور المرض وتأثيره الاقتصادي غير مؤكد إلى حد كبير مما يجعل من الصعب على واضعي السياسات صياغة سياسة مناسبة تستجيب للاقتصاد الكلى، ومن المرجح أن تعود بعض بلدان المنطقة إلى الركود في عام 2020. ويعني ضعف القطاع الخاص أن الحكومات ستحاول الحفاظ على الإنفاق باستخدام الأصول الأجنبية والاقتراض إذا لزم الأمر. ومع ذلك، هناك خطر متجدد من تأخر المدفوعات على المشاريع الضخمة. (Oxford Analytica, 2020).
المصادر :
https://www.emerald.com/insight/content/doi/10.1108/OXAN-DB251403/full/html
https://www.economist.com/leaders/2020/03/05/the-right-medicine-for-the-world-economy?fbclid=IwAR2AGkkX2WZIuQXtzr1YMdYcJ5Nt92q7bm5t_hLepT3P_lSGWtaUUJBUA-4
https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3557504