البيئة، ندمرها وتحافظ علينا! الجزء الثاني
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان واستخلفه في الأرض ليعمرها و هيأ له بيئة سليمة تشمل كل الأماكن التي تحيط بنا، لكن ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، فهذه البيئة أصبحت مهدَّدة بالدمار في عصرنا هذا أكثر أي وقت مضى، فمع التطور الصناعي وسوء استخدام الموارد وظهور الأسلحة الكيماوية والنووية، أصبح التلوث البيئي يشكّل خطرا على صحة الإنسان وحياته ويهدد استمراره على كوكب الأرض.
ومن أخطر أنواع الملوثات نجد:
التلوث الكيمائي (chemical contamination): ويقصد به التلوث بالمواد الكيميائية المُصنعة، كمواد التنظيف وزيوت السيارات أو كمخلفات جانبية لعملية الصناعة فتترك آثارا خطيرة جدًّا على مختلف عناصر البيئة.
تلوث إشعاعي (Radioactive contamination) : وهو تسرب مواد مشعة إلى أحد مكونات البيئة كالماء والهواء والتربة، ويُعتبر الأخطر، حيث أنه لا يُرى ولا يُشم ولا يُحس وينتقل بسهولة ويسر إلى الكائنات الحية في كل مكان دون مقاومتها.
لكن مع التقدم التكنولوجي والأبحاث البيولوجية، اكتشف الباحثون تقنيات جديدة تقلل من حِدّة التلوث، لعل أبرزها تقنية ” المعالجة الحيوية ” (Bioredemdiation)
فما هي المعالجة الحيوية ؟ و كيف يتم استخدامها لمعالجة النويدات المشعة ؟ و ما دور الفطريات في المعالجة البيولوجية ؟ و هل هي طريقة مثلى للحد من التلوث ؟
——————————————————————————–التخلص من الملوثات الكيميائية بفضل الفطريات!
تكلمنا في الجزء الأول عن أخطر الملوثات في البيئة وفي هذا الجزء سنتحدث ن طريقة للتخلص منها
تلعب الفطريات ( fungi) دورًا مهما أيضا في المعالجة الحيوية (Bioremediation )، حيث أصبحت تُستخدم لتحليل الملوثات في الطبيعة والتخلص منها عبر التنشيط الميكروبي ( Stimulating microbial) والأنزيمي، فيتم التخلص من السموم الموجودة في البيئة عبر الخيوط الفطرية (mycelium )، وتعتبر بعض أنواع الفطريات قادرة على امتصاص وتركيز المعادن الثقيلة ( heavy metals ) داخل الجسم الخضري للفطر (the mushroom fruit bodies ) وقد وُجد أن سلالات أخرى قادرة على تحليل
غاز الأعصاب ( nerve gases VX ) وغاز السارين ( sarin )
تتدخل عدة عوامل في تحليل الفطريات للسموم نذكر منها :
الطبيعة الفيزيائية للهيدروكاربونات : ( the physical nature of the hydrocarbons ) حيث أن أغلب الملوثات ذات الجزيئات البسيطة يسهل تحليلها وتكسيرها.
درجة الحرارة: فحينما تكون مرتفعة سيسهل ذلك تحليل الملوثات
حمضية الوسط: حيث تُفضِّل الفطريات وسطا حمضيًّا ( من 4 إلى 5 )
الأوكسجين: وهو عنصر مهم في عملية الأيض الفطرية، حيث أن تحليل الهيدروكابونات يتم بإضافة الأوكسجين لها.
في تجربة أجريت بالتشارك مع الدكتور “طوماس ألكسندر”Dr. S. A. Thomas، أحد أكبر المساهمين في مجال المعالجة الحيوية، تم أخذ عينة من التراب ملوثة بالديزل ( diesel ) وتم وضعها مع خيوط فطر المحار (mycelia of oyster mushrooms)، وقد تم استعمال تقنيات المعالجة الحيوية التقليدية ( traditional bioremediation) للسيطرة على القطع باستخدام البكتيريا. وبعد مرور 4 أسابيع، لوحظ أن الفطر المحاري قد تمكن من تحويل 95% من الهيدروكربونات الأروماتية متعددة الحلقات (polycyclic aromatic hydrocarbons) لتصبح بذلك مواد غير سامة في القطع التي وضعت مع خيوط الفطر.
ويبدو أن المجتمعات الدقيقة الطبيعية تتعاون مع الفطريات لتحليل وتكسير الملوثات، وتحويلها إلى غاز ثاني أكسيد الكربون وماء.
تُعد الفطريات التي تحلل الخشب من الأنواع الأكثر فاعلية في تحليل الملوثات العطرية ( المكونات السامة للنفط )، بالإضافة إلى بعض المواد المكلورة ( مثل بعض أنواع المبيدات الحشرية التي تدوم في الطبيعة ” persistent pesticides ” )
وبالتالي يمكن أن نقول أن الفطريات أيضا لها دور فعال في عملية المعالجة الحيوية.
https://research.omicsgroup.org/index.php/Mycoremediation
———————————————
ختاما، وإن كانت معالجة الملوثات بالطرق الحيويـة هي الحل المطروح للبحث لدى الكثير من العلماء، سيظل الحل الأساسي هو ما نملكه نحن وهو التحكم في كميّة ونوعية الملوثات المنبعثة مـن نشـاطات الإنسان وكذلك التقليـل مـن حجـم هـذه الملوثـات حتى نختزل حجم المشكلة. فينبغي على الإنسان أن يحافظ على الأرض التي استخلف فيها، فهو مؤتمَن على هذا الكوكب، لذا يجب عليه أداء حق الأمانة حتى تستفيد الأجيال المقبلة منها بصورة إيجابية.