تاريخ عيد الحب والقصة الحقيقة له؛ يكتنفها الغموض والكثير من الخيال للأسف، ولكننا سنحاول معكم في هذا المقال البحث عن الأصول الحقيقية وراء الاحتفال بهذا اليوم، ولكي لا نُتهم بالانحياز أو عدم الدقة، فإن ما ستقرءونه في السطور القادمة نُقِل بحيادية من مصادره الأجنبية، وتركنا موقف الإسلام من الاحتفال به إلى الفقرة الأخيرة، فتابعوا معنا..
في الحقيقة يجب أن يكون السؤال الأكثر دقة: مَن هم فالنتاين ؟
حيث الأصول الدقيقة وهوية القديس فالنتاين غير واضحة، إذ تعترف الكنيسة الكاثوليكية بما لا يقل عن ثلاثة قديسين مختلفين زمنياً يحملون اسم فالنتاين (Valentine) أو فالنتينوس (Valentinus)، وجميعهم ماتوا يوم 14 فبراير بظروف مُعينة بحسب الكنيسة.
فكان من بينهم مثلا قس من روما، وأما الثاني فأسقف من (Interamna) والتي تعرف الآن بـ “تورني” في إيطاليا، وأما الثالث فقد قُتِل في مقاطعة رومانية من أفريقيا.
فأما فالنتاين الأول : فقد كان كاهنًا خلال القرن الثالث في روما، وسُمي (فالنتاين روما)، وعندما أصدر الإمبراطور كلوديوس الثاني (Claudius II) قرارًا بحظر الزواج على الشبان ليزيد تعداد جنود جيشه، تحدى الكاهن فالنتاين قرارَ كلوديوس واستمرّ في تزويج الشباب سرًا، وعندما تم اكتشاف الإجراءات أمر كلوديوس بسجنه ثم إعدامه بحلول 14 شباط/ فبراير عام 278 أو 270 ميلادي.
ولإضفاء بعض التحسينات على القصة، تناقلت الروايات أن فالنتاين قام بكتابة أول “بطاقة عيد حب” بنفسه في الليلة التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام عليه مُخاطبًا فيها ابنة سجانه التي زارته في سجنه، وقد أرسل لها رسالة قصيرة وقعها قائلًا: “مِن المُخلص لك؛ فالنتاين”.
وتشير القصص الأخرى إلى أن فالنتاين الثاني وهو القديس الذي عاش في تورني “Terni” ، قد قُتل بسبب مساعدته المسيحيين في الهرب من السجون الرومانية القاسية، حيث كانوا يتعرضون في كثير من الأحيان للضرب والتعذيب أثناء عهد الإمبراطور الروماني أوريليان.
أما القديس الثالث فليس مُرجحًا أنْ يكون له علاقة بهذا الاحتفال أو العيد، وقد قُتِل في مقاطعة رومانية في إفريقيا.
فيما يعتقد البعض أن عيد الفالنتاين هو تخليد لذكرى وفاة أو دفن القديس فالنتاين، إلا أن الحقيقة قد تكون مُختلفة كلياً، فبعض المُؤرخين يؤكدون أن عيد الحب ما هو إلا احتفالٌ وثنيٌّ رومانيٌّ مُرتبطٌ بالخصوبة، وما قامت به الكنيسة هو مُحاولة لتنصير احتفال لوبريكاليا (Lupercalia) الوثني، لأنها لم تستطع أن تمحوَ هذا الاحتفال شديد الرسوخ من وجدان الناس آنذاك !
حيث كان الاحتفال يمتد من 13 وحتى 15 فبراير بذكرى مؤسسي الدولة رومولوس وريموس (Romulus and Remus) حسب الميثولوجية الرومانية !!
ففي عام 800 قبل الميلاد تقريبًا، وحسب الأسطورة الرومانية، فإن الأخوين (رومولوس) و(ريموس) ابنيّ آلهة الحرب (مارس) تُركِا على ضفة نهر التيبر حيث وجدتهما #ذئبة وأرضعتهما!
وهذا ما قد يوضح معنى اسم المهرجان فالاشتقاق المحتمل لاسم (Lupercalia) من (lupus) وتعني باللاتينية الذئبة.
بالإضافة إلى ذلك فهو احتفال بآلهة الخصب عند الرومان وآلهة الزراعة : فاونس (Faunus) !
واستمر الاحتفال بهذا العيد حتى نهاية القرن الخامس الميلادي، حيث اعتُبِر أنه “غير مسيحي”، وعندئذٍ أعلن البابا جلاسيوس (Gelasius) يوم 14 فبراير هو يوم القديس فالنتاين بدلًا من عيد لوبريكاليا عام 496 ميلادي!!
كان مهرجان “لوبريكاليا” غريبًا للغاية، وربما أشد طقوسه غرابةً أن الفتيات المُحتفِلات يأتيْنَ بأكلٍ مُقدسٍ إلى شجرة تين بصحبة شابين عاريين تمامًا، ثم يذبحون كلباً وعنزةً كرمز للبقاء والخصوبة، ثم يدهن الشابان جسديهما بالدماء الحيوانية المُختلَطة، وهذا هو المصدر المُرجح لغلبة اللون الأحمر على رمزية يوم الفالنتاين، ثم يتقدم هذان الشابان الموكبَ الاحتفالي في جولة بمدينة روما ومعهما قطعتين من الجلد مُلطختين بالدماء، ثم يُلطخان بها كل من صادفهما كعلاج وزيادةً للخُصُوبة، وكانت النساء يُقبِلنَ على هذين الشابين!
#إذاً اليوم وأنت ذاهب أو ذاهبة للاحتفال بعيد الحب، هل ستحتفل بعيد الذئبة ؟ أم بمؤسسي الدولة الرومانية ؟ أم الآلهة فاونَس ؟ أم القديس فالنتين المسيحي ؟؟
الحقيقة أن رسالة الإسلام التي أرسل بها الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم هي رسالة شمولية، هي الدين الخاتم الذي جعله الله تعالى قائدا للبشرية، وحرر كل مَن يحمله من ربقة التقليد الأعمى والاغترار بالكثرة إلى أن يتبع الحق والصواب والدليل ولو كان وحده !!
فهذه العظمة للفرد هي من عظمة الإسلام :
” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ” الأنعام 162- 163
والمسلم لله تعالى في كل أمره : ينظر بذلك إلى كل ما يراه حوله من مناسبات أو احتفالات فيقيمها بمقياس الشرع والصواب والخطأ
والآن .. ما هي السمة الطاغية أو المننتشرة في هذا اليوم (يوم الحب أو يوم فالنتين) غير ما يتم التغطية عليها بحب الزوجين أو غيرهما من الحب الحلال ؟
ما هي السمة التي تجعل الشاب الذي يشارك فيه :
لا يرضى أن يفعل شاب آخر مع أخته : نفس ما يفعله هو مع بنات الناس ؟!! أو نفس ما لا يرضاه أحد لأخته أو ابنته ؟
لا شك أنه في ذلك اليوم تكون الدعوة عامة لكل من الشباب والشابات أو الجنسين عموما للمجاهرة بمظاهر حبهما أو عشقهما او غرامهما إلخ، وكأنه في هذا اليوم هو (واجب) إظهار ما كان مستترا من المشاعر او الأفكار إلخ ..
حسنا .. وما هي السمة العمرية لأكثر المحتفلين به وكذلك الاجتماعية ؟
الإجابة : أغلبهم مراهقين ومراهقات وشباب وشابات – وأغلبهم عازبين لم يتزوجوا بل وأغلبهم لا يربطهم ببعضهم البعض أي رابطة شرعية أو مجتمعية غير الإعجاب الوقتي الذي يعتري مثل هذه الفترات وغالبا لا ينتهي إلى شيء كما هو معروف لأغلبنا !!
بل ويصدر عن بعض هؤلاء بغير حياء في ذلك اليوم : ما يستحي أن يُظهره الأزواج أنفسهم أمام الناس بدافع المروءة والحشمة والدين أو المباديء والقيم !!
إذاً ….
هي مجرد (مغامرات عاطفية) بعيدا عن الأهل الذين يوجهون وينصحون بل و (غير محمودة النهاية للأسف) !! وذلك لأنه مع غلبة الاندفاع في ذلك السن وعدم استشعار المسؤولية أو التبعات التي قد تترتب على التهور في مثل هذه العلاقات أو تشجيعها ودفعها بصورة غير مسؤولة كما يحدث في ذلك اليوم : فكثيرا ما يقع المحظور الذي لا ينفع معه الندم فيما بعد (وخصوصاً في ظل تأجيج للشهوات من أغلب أجهزة الإعلام للأسف) !!
والناظر بالفعل في البلاد الغربية (حيث ضعف الوازع الديني او القيمي الأخلاقي) يلمس مدى المصائب التي تقع بسبب مثل هذه الممارسات والتشجيع عليها، مئات الآلاف من حالات الحمل لفتيات من سن 12 إلى 14 سنة – وبالطبع أول هارب من المسؤولية هنا يكون الفتى (فالنتين عصره) ليترك المسكينة ضحية علاقة لا ناقة لها ولا جمل فيها إلا الانخداع بالشعارات البراقة من كلمات المحبة وتأجيج العواطف ثم ….
لا شيء ..
عليها ان تواجه التبعات غالبا وحدها هي وعائلتها …
إما مغامرة الإجهاض ..
أو الحمل !!
#وبالطبع وليس الأمر في بلادنا بهذه الصورة (بعد) ، ولكنك إذا اردت أن تحكم على شيء : قم بتعظيم أثره ثم انظر له : هل هو نافع أم ضار ؟؟
يعني مثلا الأمانة … هل لو صار كل الناس أمناء : هل هو نافع أم ضار ؟
وكذلك الخيانة : هل لو صار كل الناس خائنين : هل هو نافع أم ضار ؟
ولذلك لا نجد في الإسلام التلاعب بعواطف الناس – لا في أماكن العبادة حتى تصير الموسيقى والرقص هي من أساسيات ارتباطهم بالدين – ولا بالقصص العاطفي واستغلال الشفقة على الأم المسكينة وابنها الإله !! – ولا أي من ذلك كله ..
بل لم يحترم ويُعظم دينٌ المرأة : أماً وزوجة وابنة وأختا إلخ : مثل الإسلام !!
وحض على مواصلة أداء حقوقهن والرفق بهن وإحسان معاملتهن ومعاشرتهن كل أيام العام – وليس يوماً واحداً تلتهب فيه العواطف ثم تختفي بقية الـ 365 يوما ً!!
مَن أراد أن يتذكر محبته لزوجته : فليتذكرها كل يوم
ومَن أراد أن يتذكر محبته لوالديه : فليتذكرها في كل يوم كذلك
ليس هناك ما يمنع حتى ولو كان ذلك بصورة متقطعة تبعا لمشاغل الحياة
ومن هنا كان الخير كل الخير في الالتزام بأعياد الإسلام وما شرعه لنا ربنا عز وجل ونبيه الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم من الهدي والسُنة
وعلى هذا أفتى العلماء الراسخون في كل قرن من قرون الإسلام تبعا لنهي النبي من عدم التشبه بالكافرين فيما يعتبرونه عيدا واحتفالا ..
والله الهادي وحده سبحانه …