الوقود الحيوي … وقود المستقبل (1)
سنستعرض في هذه المقالة نبذة عامة مختصرة عن الوقود الحيوي وأنواعه، على أن يتم التفصيل في المقالات التالية، بهدف توضيح أهم الاتجاهات العالمية الحديثة في هذا الإطار من حيث الاستخدام ومن حيث الآليات الحديثة المتبعة في إنتاجه وآثاره على سلامة البيئة وصحة الإنسان.
ما هو الوقود الحيوي؟
الوقود الحيوي ليس وقودا أحفوريا بل هو نوع من أنواع الطاقة المتجددة يتم إنتاجه ابتداء من كتلة حيوية (biomass) عبر آليات ومعالجات مختلفة. الكتلة الحيوية قد تكون نفايات أو فضلات زراعية أو حيوانية أو نباتية، أما ما يميزه عن الوقود الأحفوري فهو مساهمته في التخفيف من الغازات الدفيئة (المسببة للاحتباس الحراري)، وكفاءته الطاقية الأعلى، ومساعدته على عمل المحركات بشكل أفضل، واحتراقه بشكل أنظف، وبالتالي فهو أقل ضررًا على البيئة وصحة الإنسان في حال تم إنتاجه وتوزيعه بالشكل الصحيح.
ما هي أجيال الوقود الحيوي؟
تختلف أنواع الوقود الحيوي بحسب المادة الخام المستخدمة، فالجيل الأول من الوقود الحيوي يتم إنتاجه من مواد خام كالسكر أو نشاء القمح أو الذرة أو قصب السكر أو المولاس، أو أنواع من الفواكه أو الزيوت النباتية، وهو شائع إلى حد ما الآن، كالكحول الحيوي (bioalcohol)، أو الديزل الحيوي (biodiesel)، أو الغازات الحيوية (biogas). أما الجيل الثاني فيتم إنتاجه من مواد خام أكثر استدامة وسلامة على الموارد البيئية الرئيسية، أو أخف ضررًا على البيئة، وهذا النوع يعمد غالبًا على كتلة حيوية سيللولوزية كالأعشاب وبقايا المحاصيل والأشجار، كالإيثانول السيللوزي (cellulosic ethanol)، والهيدروجين الحيوي (biohydrogen)، والوقود الحيوي المعتمد على نوعية معينة من الطحالب المنتجة للزيوت، وباتت هذه الأخيرة محط الانظار حديثًا عند البعض لذلك تم تبويبها في بعض المراجع كجيل ثالث من الوقود الحيوي لأنها تنمو بسرعة ولا تتطلب معالجات أولية كبيرة. والجيل الرابع يعتمد على علم الهندسة الوراثية في هندسة جينوم البكتريا أو كائنات مجهرية أخرى بحيث تقوم بإنتاج الوقود عبر استهلاك غاز ثاني أكسيد الكربون، ويعد هذا الاتجاه من أحدث الاتجاهات العالمية الحالية.
كيف يتم إنتاج الوقود الحيوي؟
تعتبر عملية التخمر آلية شائعة لإنتاج الوقود الحيوي، حيث تقوم كائنات حية دقيقة مثل البكتيريا والخمائر بعمليات استقلابية للسكر الموجود في الكتلة الحيوية وإنتاج الإيثانول، أما الأنواع المتقدمة من الوقود الحيوي يتم إنتاجها عبر سلسلة متكاملة من العمليات سيتم الحديث عنها في المقالات اللاحقة.
لماذا يعتبر الوقود الحيوي وقود المستقبل؟
يتجه العالم في الآونة الأخيرة إلى النظر في الاستدامة البيئية، والبحث في المخاطر الطبيعية والمناخية، لذلك يعتبر البحث عن بدائل ذات طابع متجدد وسليم نسبيًّا على البيئة أمرًا ملحًّا تسعى معظم دول العالم إلى العمل عليه. ومن ناحية أخرى، قد يمنح الوقود الحيوي استقلالية في الطاقة، فإذا كانت الدولة تملك مساحات كافية من الأراضي القابلة للزراعة لإنتاج مادة خام لهذا الوقود فهذا يعني أنها ستستقل بطاقتها، على النقيض من الوقود الأحفوري المتواجد ببقاع محددة من العالم. في المقابل لا بد من الإشارة إلى أن استهلاك الأراضي لزراعة محاصيل الطاقة هو أمر لا يخلو من المخاطر مع احتمالية زيادة التلوث عبر زيادة استخدام المبيدات والأسمدة، وهذا ما يدفع باتجاه التركيز على الجيلين الثالث والرابع من الوقود الحيوي.