لا يتصارع العالم اليوم -فقط- مع أزمة المناخ، فحتى الآن يسير العلماء قدمًا مستعينين بحلول متجددة، في مواجهة الوباء العالمي؛ فخلال شهر إبريل فقط كُسِر ما لا يقل عن ثلاثة أرقام قياسية في كفاءة استخدام الألواح الشمسية، وقد كسر العلماء في الولايات المتحدة في المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) أول رقمين قياسيين، إذْ حدث للخلايا الشمسية الفريدة من نوعها -ذات التقاطعات الست- تحول طاقة لم يُسبق له مثيلٌ، إذْ تحول الضوء المكثف إلى كهرباء بكفاءة (47.1 في المائة)، وهي الكفاءة الأعلى في العالم في ظل ظروف الإضاءة المركزة، متجاوزًا بذلك الرقمَ القياسي السابق الذي حُقِّق قبل عامين فقط بنسبة واحد في المائة.
وقال جون جايتز (John Geisz) الذي يعمل في NREL: “يوضح هذا الجهاز الإمكانات غير العادية للخلايا الشمسية متعددة الوصلات”، وقد ساعد على تحقيق هذا الإنجاز تركيزُ ضوء الشمس، حتى أصبح أشد بمقدار 143 مرة. ولكن حتى تحت إضاءة شمس واحدة فإن الخلية الشمسية أفضل من أيّة خلية أخرى، ويعد هذا هو الرقم القياسي الثاني المكسور.
وقد اختبر الفريق نسخة أخرى من خليتهم المكونة من ستة تقاطعات دون تركيز الضوء، فحقق كفاءة غير مسبوقة بنسبة (39.2 في المائة)، وهذا يعني في الأساس أنه يمكن -الآن- تحويل المزيد من طاقة الشمس إلى كهرباء؛ فقد كانت نقاط التقاء الخلايا الست مخصصة في التقاط نطاق معين من الضوء من مكان ما على الطيف الشمسي.
يحتوي الجهاز كله على 140 طبقة من المواد الممتصة للضوء، ومع ذلك فهو أرق بثلاث مرات من الشعر الموجود على رأسك، يقول رايان فرانس (Ryan France)، عالم المواد في (NREL): “إحدى الطرق لتقليل التكلفة هي تقليل المساحة المطلوبة، ويمكن القيام بذلك باستخدام مرآة لالتقاط الضوء وتركيزه وصولًا إلى نقطة معينة”.
ومن خلال شحذ الضوء بهذه الطريقة، فإنك لا تنفق جزءًا من المئة أو حتى من الألْف من تكلفة المواد فقط، كما تصبح الخلية نفسها أكفأ أيضًا. بينما يستحيل في أي وقتٍ الوصولُ إلى الكفاءة بنسبة (100 في المائة) بسبب قوانين الديناميكا الحرارية، فإن الوصول إلى منتصف الطريق سيكون ناجحًا تمامًا، ويقول فرانس (France): “إنّ ذلك يمكن تحقيقه حقًا”.
وبينما نقترب من ذلك الهدف أكثر فأكثر، تُكسر باستمرار أرقام قياسية مماثلة عبر جميع أنواع الخلايا الشمسية؛ فقد حُقِّق الرقم القياسي الثالث هذا الشهر بواسطة ما يسمى بالخلية الترادفية (tandem cell) التي لا يتجاوز سمكها بضعة ميكرومترات، وتجمع بين اثنين من أشباه الموصّلات المختلفة، أحدهما للضوء المرئي والآخر للأشعة تحت الحمراء.
وقد أنشأ مهندسون من مركز البحوث الألمانية (Helmholtz-zentum Berlin) نوعًا جديدًا من الخلايا الترادفية المصنوعة من السيليكون المكدس والبروفسكايت بكفاءة معتمدة تبلغ (24.16 في المائة)، إذ يقول ستيف ألبريخت (Steve Albrecht) من (Helmholtz-zentun Berlin): “إن هذا المزيج أيضًا خفيف الوزن للغاية، ومستقر ضد الإشعاع، كما يمكن أن يكون مناسبًا للتطبيقات في تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية في الفضاء”.
يقوم (NREL) بالتخطيط لرفع مستويات الكفاءة في جميع أنواع الخلايا الشمسية منذ عام 1976، ولم تُدرج المركبات، مثل تلك المستخدمة في الخلايا الترادفية إلا في السنوات القليلة الماضية، ومع ذلك زادت كفاءةُ هذه المادة الممتصة للضوء أكثر من أيّة مادة أخرى منذ ذلك الحين، فهي مسألة وقت فقط قبل أن تتبع هذه الخلية الترادفية خلية أخرى، ولمرة واحدة على الأقل سنهدف إلى كسر ذلك الرقم القياسي العالمي للطاقة.
المصدر :
https://www.sciencealert.com/solar-cell-technology-has-toppled-three-new-records-just-this-month