تعرفوا معنا على نظام تصنيف المواد المسرطنة حسب الوكالة العالمية لأبحاث السرطان (IARC):
من الأخبار الهامة التي تطرقنا إليها في مقال سابق تصنيف منظمة الصحة العالمية (WHO) للحوم الحمراء واللحوم المعالجة (بما في ذلك لحم الفخد الخلفي للعديد من الحيوانات خاصة الخنزير ولحم الخنزير المقدد و السلامي “الباسطرمة”) كمسرطنات من المجموعة الاولى، وهذا يضعها في نفس المجموعة مثل التدخين، والذي قاد إلى ضجة ومجموعة من العنواين الصحفية التي تدعي أن هذا يعني أن الخطر من كليهما متماثل غير أنه أمر خاطئ؛
ومقال اليوم يأخذنا في نظرة سريعة على نظام التصنيف الخاص بالوكالة العالمية لأبحاث السرطان من أجل تفسير الامر وتوضيحه بدقة أكبر.
بدايةً الوكالة العالمية لأبحاث السرطان (IARC) هي جزء من منظمة الصحة العالمية (WHO)، وتم تطوير نظامها لتصنيف العوامل الكيميائية المختلفة والأمزجة أو عوامل التعرض لها، في واحدة من خمس مجموعات إعتماداً على الأدلة على احتمالية تسببها في الإصابة بالسرطان، أو سرطنتها، وقد بدأوا في نشر تصنيفهم في عام 1971م، ومنذ ذلك الحين قاموا بتقييم أكثر من 900 عامل مختلف.
أهم شيء يجب إدراكه حول تصنيف الوكالة العالمية لأبحاث السرطان (IARC) هو أنهم لا يقيمون مستوى خطر الاصابة بالسرطان الذي يسببه عامل ما، بل هم ببساطة يرتبون جودة الأدلة على كونه مسبب للسرطان، المجموعة (1) هي الأعلى في هذا الشأن، وضع المادة في هذه المرتبة التصنيفية يعني أن هنالك أدلة كافية على تسببها بالسرطان بالنسبة للبشر، أمثلة اخرى من المجموعة الأولى تتضمن الكحول والتدخين.
في هذه الأثناء اللحم الأحمر، تم وضعه في المجموعة (2 أ) ؛ هذه المجموعة هي للمواد التي تُعرف على انها “على الأغلب مُسرطِنة بالنسبة للبشر” هذا يعني أن الأدلة عند البشر مازالت محدودة نوعاً ما، لكن هنالك أدلة كافية في حيوانات التجارب على الطبيعة المسرطنة لهذه المواد، ومع تناقص الأدلة ينزل كذلك الترتيب.
المجموعة (2 ب) “ممكن” أن تتسبب في الإصابة بالسرطان.
المجموعة (3) هي للمواد التي الادلة عليها تبقى غير ملائمة لتصنيفها مسرطنة أو غير مسرطنة. والمجموعة (4) هي لتلك المواد التي يوجد ادلة على انها غير مسرطنة.
إذن كون المواد في نفس المجموعة يخبرنا أن الأدلة على أنها مسرطنة متقاربة لكن لا يخبرنا أي شيء حول نسبة خطرها، وفقاً لمركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، التدخين يسبب 19% من كل الإصابات بالسرطان، وعلى النقيض من ذلك فقط 3% من كل الإصابات بالسرطان يعتقد أنه تسببت فيها اللحوم المُعَالجَة واللحم الأحمر معاً، لتوضيح الأمر بشكل أفضل، تقدر وفيات السرطان على مستوى العالم كل عام الناتجة عن الحميات الغذائية الغنية باللحوم المعالجة بـ 34 ألف حالة وفاة، بالمقارنة مع مليون حالة وفاة سنوياً بسبب التدخين، و 600 ألف بسبب إستهلاك الكحول، من الواضح إذن أن العناوين الرئيسية التي تربط خطر الاصابة بالسرطان من التدخين بالخطر من تناول اللحم المعالج بعيدة عن الصواب كلياً.
ومن المهم ملاحظة المواد الأخرى الموجودة داخل المجموعات المختلفة للوكالة العالمية لأبحاث السرطان (IARC)، المجموعة الأولى وكما ذكرنا سابقاً، تشمل الكحول والذي يتناوله عدد كبير من البشر بشكل منتظم، وتشمل كذلك التعرض لأشعة الشمس فالضرر الذي يصيب الحمض النووي بسبب الإشعاعات الفوق بنفسجية من الشمس يمكنها أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد.
اللحم الاحمر يقع في نفس المجموعة ( 2 أ)، كذلك الإنبعاثات من الأكل المقلي عند درجات عالية، بالإضافة، التعرض لمختلف المواد أثناء العمل في تزيين الشعر أو الحلاقة توجد أيضاً في هذه الفئة، تذكروا، هذا يعني ببساطة أن المواد أو التعرض للمواد في هذه المجموعة كلها على الأغلب يسبب السرطان، ولا يخبرنا مستوى الأخطار.
عندما تصل إلى المجموعات الأخرى، يصبح واضحاً أن مجرد وَضْع مادةٍ ما في تصنيف الوكالة العالمية لأبحاث السرطان (IARC) لا يشكل دائماً سبباً للقلق، مواد مثل القهوة مصنفة على أنها “ممكن تكون مسرطنة”، ببساطة لأن الادلة ليست قوية كفاية لتصنيفها كمسرطنة أو غير مسرطنة، في الواقع أي مادة أو التعرض لها يتم اختباره من قبل الوكالة العالمية لأبحاث السرطان (IARC) يتم وضعه في إحدى هذه المجموعات الخمس، وفي الحقيقة فقط مادة واحدة تم وضعها في المجموعة (4) “على الأغلب غير مسرطنة” في تاريخ كل المواد التي تم تقييمها.
بعد كل هذا، لعلكم تتساءلون ما الذي تعنيه الأخبار عن اللحوم المعالجة واللحوم الحمراء بالنسبة لكم ؟ هل عليكم التخلي عن كليهما وتصبحوا نباتيين كلياً ؟
حسناً، استنتجت الوكالة العالمية لأبحاث السرطان (IARC) أن تناول 50 غرام من اللحم المقدد يومياً سيرفع من خطر اصابتكم بسرطان القولون والمستقيم بـ 18% هذه تبدو نسبة معتبرة، لكن عندما تنظر للأرقام الفعلية خلف هذه الزيادة، سيكون الامر أكثر وضوحاً، ففي المتوسط 64 شخص من 100 ألف شخص يصاب بسرطان القولون والمستقيم سنوياً، وتناوُل 50 غرام من اللحم المقدد يومياً سيرفعها بالنسبة لكم إلى 72 من 100 الف.
بإختصار، إذا لم تتناول اللحم المقدد بشكل منتظم، فهذه الأخبار لا تدعو للقلق الكبير بشأنها، التدخين ما زال عامل خطر أكبر بشكل واسع للتسبب بالسرطان من شريحة لحم مقدد بين الحين والاخر، ولتناول اللحم فوائد أيضاً..
إذن ليس من الضروري أن تزيله نهائياً من حميتك الغذائية فقط استمتع به باعتدال، كما هو الحال مع معظم الأمور.
المصدر:
https://www.compoundchem.com/2015/10/26/carcinogens/