تعدّ حاضنات الأعمال من أكثر المنظومات فاعلية التي تمّ ابتكارها في العشرين سنة الأخيرة لدعم المؤسسات الناشئة، حيث تعمل على تقديم العديد من الخدمات التي تؤمن المسيرة الطبيعية للمؤسسات من أجل الابتعاد عن الفشل والانهيار وخاصة في بداية تأسيسها، إذ تحظى حاضنات الأعمال باهتمام كبير من قبل الدول المتقدمة والنامية.
وتُعرّف حاضنات الأعمال بأنّها حزمة متكاملة من الخدمات والتسهيلات وآليات المساندة والاستشارة لمرحلة محددة من الزمن، التي توفرها مؤسسة قائمة لها خبرتها وعلاقتها لمن يرغبون البدء في إقامة مؤسسة صغيرة بهدف تخفيف أعباء مرحلة الانطلاق، وهي مؤسسة تنموية تعمل على تشجيع ودعم الشباب من أصحاب الأفكار الإبداعية ممن لا يملكون الموارد المالية أو الخبرة لتحقيق مشاريعهم وأفكارهم، ويتم خلال فترة الحضانة تقديم العمل وخدمات استشارية فنية وإدارية وإنتاجية وتسويقية ومالية وقانونية، وصولًا إلى تأسيس مؤسسة حتى مرحلة بدء الإنتاج والعمل الفعلي خلال فترة زمنية محددة.
– تاريخيًا: تعود أصل فكرة حاضنات الأعمال إلى حاضنات الأطفال الصحية المستعملة في المستشفيات، إذ تنظر حاضنات الأعمال إلى كل مشروع صغير وكأنه وليد يحتاج إلى الرعاية الفائقة والاهتمام الشامل، حيث أنّه يحتاج إلى حاضنة تضمه منذ مولده من أجل أن تحميه من المخاطر التي تحيط به وتمدّه بالطاقة للاستمرارية، وتدفع به تدريجيّا ليصبح بعد ذلك قويًا قادرًا على النمو ومؤهلًا للمستقبل ومزودًا بأسباب النجاح.
ظهرت لأول مرة في ولاية نيويورك الأمريكية عام 1959 متمثلةً بما يعرف ب: (مركز صناعات باتافيا)، لتتبعها العديد من دول العالم وبالأخص دول الاتحاد الأوربي التي استفادت من تلك التجربة وأقامت أول حاضنة أعمال في أوربا عام 1986، أمّا على المستوى العربي فإنّ مصر تُعد أول دولة عربية تقيم حاضنة تكنولوجيا تابعة لوزارة الصناعة وذلك في عام 1998، وتشير الإحصائيات أنّ هناك حاليًا أكثر من 3500 حاضنة أعمال تعمل في مختلف دول العالم، منها حوالي 1000 حاضنة في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بينما تمتلك الدول العربية عددًا من الحاضنات نذكر منها: مصر 10 حاضنات، البحرين حاضنة واحدة، المغرب حاضنتين، تونس حاضنة واحدة (بيانات 2014).
– آلية عملها: تقوم حاضنات الأعمال بتقديم جملة من الخدمات المتنوعة التي تساعد المؤسسات المحتضنة على النمو والتطور وتتمثل فيما يلي: دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وتوفير الإمكانات اللازمة للبدء بالمشروع، والمرافق المتعلقة بالبنية التحتية، وتقديم الخدمات الفنية، وتوفير الأماكن والمكاتب المجهزة، وتوفير الخدمات القانونية والعديد من الخدمات الإدارية والتدريبية والتسويقية والاستشارية، وتسهيل الوصول إلى مصادر التمويل، وبناء شبكات التواصل… إلخ.
من أهم معايير اختيار المؤسسات المرشحة للاحتضان أن تمتلك أفكارًا جيدة وجديدة تنمو بسرعة، وبحاجة فعلًا إلى احتضان، وتكون قائمة على الابتكارات والمبادرات التكنولوجية، وإنتاج منتجات عالية الجودة ذات سوق دائمة، وقادرة على تحقيق التجانس والترابط والتكامل مع المؤسسات المحتضنة والقائمة، وأن تساهم في تأهيل إطارات إدارية وتنمية المهارات الفنية، وتكون واقعية وقابلية خطة العمل للتحقيق والحصول على التمويل.
– أقسامها وتمويلها: يمكن تقسيم حاضنات الأعمال إلى عدة أنواع وهي كثيرة جدًا، منها الحاضنة الإقليمية والحاضنة الدولية والحاضنة الصناعية وحاضنة القطاع المحدد والحاضنة التقنية والحاضنة البحثية والحاضنة الافتراضية وحاضنة الإنترنت… وغيرها.
– يتم تمويل الحاضنات من خلال جهات وطرق متعددة وأهمها حاضنات ممولة من قبل الحكومة، وهي لا تهدف إلى الربح بل تهدف فقط إلى تنشيط التنمية الاقتصادية في المجتمعات المحيطة، أو حاضنات الأعمال الخاصة التي يتولى إقامتها وتمويلها جهات خاصة أو مستثمرون أو مجموعة شركات صناعية وغير ذلك.
تأسيسًا على ما سبق ذكره يمكن القول بأنّ حاضنات الأعمال من الآليات الهامة والمتطورة في عالم اليوم والتي تستطيع المساهمة الفعالة في مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتصدي لها في كل دول العالم وبخاصة البلدان النامية. وأنت صديقي القارئ… ما هو رأيك بالاعتماد على حاضنات الأعمال لدعم مشروعك؟