ابن اسماعيل الجزريُّ
مولدُه وحياتُه:
الجزريّ هو من أهم علماء علم الحيَل في زمانه واسمه الكامل؛
بديع الزمان أبو العز بن اسماعيل بن الرزاز الجزريّ.
عاش في القرن السادس الهجريّ (نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر الميلادي)، وذلك في مدينة ديار بكر في الأناضول (تركيا) حاليًا.
وكان يدعى بالجزريّ نسبةً لمنطقة الجزيرة التي ينتمي إليها وهي المنطقة الممتدة بين الفرات ودجلة.
ومثل والده من قبل قام الجزريّ بالخدمة في قصر الملك (الأرتقي) في ديار بكر لعدة عقودٍ على الأقل بين 1174-1200 لكونه مهندسًا مكانيكيًا.
مؤلفاته:
وفي العام 1206 أتم كتابًا في علم الحيل اسمه
(الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل) وكان خلاصةً بين النظريّ والتطبيقيّ في علم الميكانيك.
وقد كان كتابه مميزًا من الناحية التطبيقيّة لكون الجزري مهندسًا بالإضافة لكونه حرفيًا ماهرًا أيضاً، الكتاب كان يصف مختلف الأجهزة بتفصيلاتٍ دقيقةٍ وبالتالي وفّر قيمًا في تاريخ الآلات والهندسة.
ما قيل عن كتابه:
وقد وصفه جورج سارتون
بالعبارة التالية :«لقد كانت أطروحته هي الأكثر تفصيلاً إذا ما نظرنا بين قرنائه من الإنجازات الإسلامية». (مقدمةٌ إلى تاريخ العلوم 1927 المجلد الثاني الصفحة 510).
وقد وصفه المؤرخ البريطانيّ المهتم بالتاريخ الإسلاميّ دونالد ر.هيل Donald R.Hill
والذي أعطى اهتمامًا خاصًا بالجزري عام ١٩٧٤ قائلًا: «من المستحيل تجاهل الجزريّ في التاريخ الهندسيّ حيث أعطى ثروةً من التعليمات الهامة حول تصميم وتصنيع وتجميع الآلات».
أبرز تصميماته:
لقد قام الجزري بوصف خمسين من الأجهزة الميكانيكيّة المختلفة وذلك ضمن ستة أصنافٍ مختلفةٍ تضمنت؛
ساعةً مائيةً وجهازًا لغسل اليدين وجهازًا لرفع المياه (الناعورة)، بالإضافة لعدة أجهزةٍ أُخرى.
وفي أعقاب (مهرجان العالم الإسلاميّ) المقام في المملكة المتحدة عام 1976 في متحف لندن أُقيمت إشادةٌ بالجزريّ ومنجزاته حيث تم إعادة تصنيع آلته (الساعة المائية) بنجاحٍ.
أثر ترجمة كتابه للإنجليزية:
و في العام 1974 قام دونالد ر.هيل Donald R.hill بترجمة كتاب الجزريّ إلى اللغة الإنجليزيّة وذلك بفصوله الستة كاملًا.
ولقد ساهمت تلك الترجمة بدخول عددٍ من المفردات العربية إلى المعجم الإنجليزي حيث لم يكن لبعض تلك الأشياء مقابلٌ في اللغة الإنجليزيّة.
ومن بين تلك الآلات؛
★
مزدوجةٌ لضخ المياه مع أنابيب شفطٍ ورُمحٍ دوارٍ في تلك الآلة يضبط دقة معايرة الفوهات، وتكون مصفحةً بالأخشاب للحد من عيوبها وثابت موازنة العجلات.
★
وبهذا كان الجزريّ قد وصف الطرق التي تسمح للحرفيين بإعادة تصنيع تلك الآلات في زمنٍ لاحقٍ. وكان ناجحاً في ذلك حيث إن العديد من آلاته تم إعادة تصميمها وكانت ناجحةً في عملها وفقًا للمواصفات التي ذكرها.
ويجدر ذِكر أن بعض الأعمال أحياناً كانت تفشل وذلك لعاملين؛
الأول: إن بعض الحرفيين يرغبون في إبقاء الخبرة سرًا -سر المهنة-.
الثاني: إن بعض الحرفيين الذين كانوا يطبقون التعليمات لا يمتلكون الخبرات الكافية لذلك، وقد أعطى ذلك عمله قيمةً هائلةً.
وفي الختام؛ انتقال المخطوطات إلى الغرب الأوروبيّ:
ذُكر في ورقة (الهندسة الميكانيكيّة خلال العصر الإسلاميّ الباكر) المنشورة في عام ١٩٧٨ في الصفحات (٧٩-٨٣) أن هنالك العديد من المخطوطات العربية في هذا المجال قد وصل عددها إلى الآلاف لم يتم تفحصها، وهي بحاجةٍ إلى نظرةٍ عن كثبٍ ومن الواضح أنها تتطلب البحث.
يقول هيل: (بشكلٍ عامٍ نجد أن اثنين من القضايا الأساسيّة تثار بشكلٍ متكررٍ؛ الأولى: وهي في مجال تاريخ علم الهندسة بشكلٍ عامٍ، والثانية هي دقة تلك التكنولوجيا في المجال التطبيقيّ على وجه الخصوص،
الأولى -حقاً- هو مجالٌ هائلٌ، وإلى الآن جزءٌ ضخمٌ منه غير مستكشفٍ).
ويَذكر هيل في أحد نقاطه الختاميّة: (المأمول أنها -كما أقوى الأدلة تشير إلى ذلك- نُقِلَت إلى أوربا عبر تلك الرسومات الإسلاميّة التي ساعدت في نقل التكنولوجيا كما ينبغي)، وذكر هيل أيضاً أنه يُرجّح أنها سلكت طريق إسبانيا (الأندلس)، ويذكر أنها انتقلت إلى هناك كما انتقل الاسطرلاب والذي عده جزءًا من نفس العلم، وبصرف النظر عن الأندلس فيمكن أن تنتقل عبر عدة أماكن مثل جنوب فرنسا وصقلية وجنوب إيطاليا وبيزنطة وبلاد الشام خصوصاً في عهد الحروب الصليبية، وذكر أيضًا أن ما تم اكتشاف انتقاله هو جزءٌ صغيرٌ من الذي لم يتم اكتشافه.
في الصورة رقم ٧ نجد نموذجًا لإحدى آلاته في رفع المياه، والتي تم اقتباسها مع تفاصيلها من الوصف الموجود في مخطوطات الجذريّ كما الصورة التوضيحيّة الموجودة برفقتها، ونرى من خلالها مضختين لسحب المياه بشكل متزامنٍ مع حركةٍ تقودها الناعورة والتي بدورها تتحرك وفق دفع التيار المائيّ لها.
أما في الصورة المتحركة رقم ٩ نجد ما سماه بساعة الفيل كما وصفها.
ويمكنم أن تجدوا تفاسير لبقية الصور الموجودة في كتاب ١٠٠١ اختراع واختراع.