مفهوم فريق العمل
تُعد فرق العمل من الموضوعات الرئيسة في الممارسات الإدارية المعاصرة، حيث يمثل فريق العمل مجموعة صغيرة من الأفراد ذَوي المهارات المتكاملة، الذين يعملون معاً لإتمام أهداف مشتركة، في الوقت الذي يُحمِّلون أنفسهم المسئولية المتبادلة.
يتشكل فريق العمل عادة من أعضاء قد لا يعرف بعضُهم بعضًا، فهو يتكون من أشخاص مختلفين، وربما من دوائرَ وأقسامٍ وهيئاتٍ مختلفة، لذلك قد يحتاج أعضاء الفريق إلى بعض الوقت للبَدء بالمهمة المُوكَلة عليهم.
من خلال العمل الجماعي، ستُتاح لكل موظفٍ فرصةُ المشاركة مع الآخرين في أداء مهمة معينة ببراعة. علاوة على ذلك، توفر بيئة الفريق للموظفين فرصًا لتبادل معارفهم والتعلم من الآخرين، ونتيجة لذلك يزداد إنتاجهم وأداء الفريق بالمجمل. لذلك يُعتقد أنه من خلال اعتماد تعاون أعضاء الفريق، ستكبر فرصة التعلم والإنتاج المشترك. في الواقع، إن العمل الجماعي استراتيجية مهمة للغاية لتيسير تشغيل المنظمة حيث يقوم أعضاء الفريق بتحديث مهاراتهم ومعرفتهم وقدراتهم من خلال العمل في فرق، وهذا يؤثر على الأداء والفعالية التنظيمية.
من أهم الخصائص التي يتَّسم بها أعضاء فرق العمل: الشعور بالمسئولية وتحمل المخاطر وتقديم المساعدة والتسهيلات، والقدرة على تقبل الآخرين، وشعورهم بضرورة العمل بإخلاص لتحقيق أهداف المنظمة.
أدوار أعضاء الفريق
توجد عدة أدوار يؤديها أعضاء الفريق، وقد تتعدد أدوار الفرد الواحد، ومن أهمها:
1- المُخطِّط: تنصبُّ مهمته في توليد أفكار جديدة، وتقديم حلول للمشكلات، وهو يفكر بطريقة مختلفة ومبتكرة ومحايدة (وذلك نظرًا لتجدد الخطط التي تحتاجها الفرق لإنجاز المهمة).
2- مُحقِّق الموارد (المُنفِّذ): يتميز بالإبداع، ويحب تناول الأفكار الجديدة، يحوِّل الكلام والأفكار إلى أنشطة عملية للعمل عليها، وعادة ما تجده شخصًا منبسطًا ذا شعبية بين أعضاء الفريق، ويكون واقعي المزاج، وعمليًّا.
3- المُنسِّق: شخص على قدر كبير من الانضباط والتنظيم، هادئ، موثوق به، منضبط ذاتيًّا، مفكر إيجابي، فهو يركز على الأهداف المرجوة، ويُوحِّد الفريق، ويُوضِّح الأهداف، ويساعد في توزيع الأدوار والمسئوليات والمهام، ويصوغ استنتاجات الأعضاء.
4- المُتخصِّص: يكرِّس مجهوداته للحصول على مهارة متخصصة، ويتميز باحترافية شديدة، ولديه الإخلاص والدافع.
5- مُراقِب الأداء: من يحلل ويوازن ويزن، ويتميز بالهدوء والعزلة، وهو مفكر موضوعي.
6- عامل الفريق: من يتميز بمساعدة الآخرين، ويحب التعاون وتقديم الدعم الشخصي، ويقوم بدور الدبلوماسي الجيد؛ لأن كل ما يريده هو مصلحة الفريق، وهو اجتماعي وحساس، ومُوجِّه الفريق.
7- المُكمِّل: من يفحص التفاصيل، ويتميز بالنظام الشديد ويقظة الضمير في العمل، ويركز على الحاجة لتحقيق متطلبات الوقت، والمقاصد، وإتمام المهام، ويعطي اهتمامًا للتفاصيل.
أنواع فرق العمل
يتشكّل فريق العمل بحسب الغاية المرجوة من تشكيله، ومن أهم أنواع الفرق: فرق العمل الافتراضية، حيث يجري العمل والتفاعل بين الأعضاء عن طريق الحاسوب بدلًا من اللقاء وجهًا لوجه؛ لذلك صار ينتشر هذا النوع من الفرق في بعض المنظمات المعاصرة، التي تعتمد في جوهر عملها على الحاسوب وشبكة الاتصالات العالمية التي تعمل على إيجاد ترابط بين الأفراد لإتمام مهام المنظمة، وكذلك فرق عمل المشاريع لتطوير منتج أو خدمة، وفرق عمل إدارة الأزمات لحل المشاكل والكوارث التي تَحُلُّ بشكل طارئ، وفرق عمل التغيير التي تكون مهمتها إحداث تغييرات جذرية، مثل تغييرات في الثقافة التنظيمية السائدة في المنظمة، وغيرها.
مراحل تشكيل (تطور) فريق العمل
1- مرحلة التشكيل Forming:
تتميز المرحلة الأولى بالكثير من الغموض حول تشكيلة الفريق ومن هم أعضاؤه (العضو لم يتعرَّف على الأعضاء الآخرين بعد)، وتتم في هذه المرحلة المحاولاتُ الأولى لاختيار الأعضاء، ومحاولة تعرُّف بعضهم على بعض عن كثب، والتعرُّف على تشكيلة الفريق، والهدف من تكوينه، وغاية الإدارة من وراء جمع هؤلاء الناس في فريق واحد.
(إن السلوك القيادي المطلوب هنا سلوكٌ إرشادي وتوجيهي يزود أعضاء الفريق بكافة المعلومات الضرورية لابتداء عمله، ويهدف القائد في هذه المرحلة إلى نشر الوعي حول المهمة وأهميتها، ودور أعضاء الفريق في الإنجاز الصحيح والكفؤ للمهمة وكيف يخدم هذا الإنجازُ المؤسسةَ وأهدافَها ورؤيتَها).
2- مرحلة النزاع Storming:
تتميز هذه المرحلة بمحاولة فرض أعراف معينة للفريق وطريقة عمله، وفي هذه المرحلة يحاول أعضاء الفريق إثبات أنفسهم، وربما حاول بعضُهم فرضَ أعراف معينة، وقد يختلف الأعضاء حول تلك الأعراف والقوانين، وقد يتنازعون حول قيادة الفريق، في حال لم تعيِّنِ الإدارةُ القائدَ أو تُحدِّدِ القواعدَ والنظمَ والأعراف، التي على أساسها يجتمع الفريق، (وهنا يكون التنازع والتعارض في كيفية توزيع المهام بين الأعضاء).
(ليس كل نزاع رديئًا، وليس كل صراع سلبيًّا، فينبغي للقائد في هذه المرحلة ألا يعمل على كبت النزاع، لأن كبته بدون حل أسبابه يكون بمثابة تغطيته وستره لفترة محدودة بدون اقتلاعه من جذوره، ففي هذه المرحلة يستخدم القائدُ النزاعَ الموجود لشحذ الأفكار واستخراج الآراء والبحث عن قوانينَ وأعرافٍ خاصة بالفريق تناسبه، بدون تعارض مع قوانين وأعراف المؤسسة. كما يحرص القائد في هذه المرحلة على أنْ يمنع النزاعات من أنْ تتحول إلى نزاعاتٍ شخصيةً، بل يجب أنْ تتم الاستفادة من الصراع الموجود لبناء الأفكار وتنقيتها، كما يسعى لحل المشاكل والتعاطف مع الأعضاء؛ لأن هذه مرحلة طبيعية في العديد من فرق العمل، غير أنه لا بد من تجاوزها إلى مرحلة أرقى وأنضج).
3- مرحلة الاستقرار Norming:
بعد انتهاء النزاع أو معظمه، تبدأ فترة الاستقرار، حيث يتم الاتفاق على الأعراف والقوانين المتعلقة بالفريق (الاجتماعات، وطريقة اتخاذ القرارات، والجدولة الزمنية.. إلخ)، وفي فرق العمل الناضجة يكون هذا الاختيار نتيجة لمرحلة من تبادل الأفكار وتلاحقها.
(في هذه المرحلة يبدأ القائد بالتخفيف من تدخله بعمل الفريق، ويسعى إلى أنْ يُطوِّر الفريق نفسه ليصبح لاحقًا مستقلًا في عمله، وهذا لا يحدث إلا بعد أنْ يطمئنَّ القائد إلى أنَّ الأعضاء قد اتفقوا على معظم قواعد عملهم، وأنَّ النزاعاتِ الموجودة نزاعاتٌ هادفة ترمي إلى تطوير الأفكار وشحذها، وليس إلى المشاغبات الشخصية أو النفسية. يتفق الأعضاء في هذه المرحلة على نظم وقوانين الاجتماعات، وعلى طرق اتخاذ القرارات، كما يتفقون على تحديد أدوارهم المختلفة المُكمِّلِ بعضُها لبعض).
4- مرحلة الأداء Performing:
هي المرحلة الأهم، إذ إنها تعنى بحسن إنجاز المهمة المُوكَلة على الفريق، فبعد الاستقرار يتفرَّغ أعضاء الفريق للمهمة المُوكَلة عليهم، ويحصل تبادل الأفكار والخبرات حول السبيل الأمثل للإنجاز، وفي هذه المرحلة تبدأ نتائج عمل الفريق بالظهور من ناحية سرد الوقائع أو اتخاذ القرارات أو التوصيات أو التقارير إلى ما هناك من أمور.
(بما أن هذه المرحلة متطورة يتضاءل فيها دور القائد، بحيث يُفوِّض الكثيرَ من الأمور إلى الفريق نفسه، الذي يعمل بشبه استقلالية، ويتنوَّر بأفكار أعضائه ويتعلم من أخطائه، وهنا يتغير دور القائد من كونه مُنظِّمًا ومُتدخِّلًا إلى كونه مرشدًا استشاريًا).
5- مرحلة تفكك الفريق Adjourning:
في حال فريق العمل المؤقت الذي ينتهي بانتهاء المهمة المُوكَلة عليه، يتم تفكيك الفريق، ولا نعني هنا التفكيك المادي فقط، لكن التفكيك العاطفي والنفسي أيضًا، إذ إنَّ بعض الأعضاء قد يكون مسرورًا بإنجاز المهمة، بينما يكون غيرُهم قريبًا من الإحباط؛ لإحساسه بقرب “فقدان الصحبة” التي تشكَّلت خلال فترة عمل الفريق.
ولا يخفى أنَّ هذه المرحلة الخامسة تقتصر على الفرق المرتبطة بهدف معين لفترة زمنية محددة، أما الفرق التي تكون طبيعة أعمالها مستمرة، فهي فرق دائمة نسبيًا، ويقتصر التغيير فيها على دخول عضو جديد أو انسحاب آخَر، أو زيادة مهام أو صلاحيات.. إلخ.
هناك بعض الأساليب الخاطئة التي تُستخدَم في إدارة فريق العمل يجب الابتعاد عنها: العمل بلا تخطيط وبدون تحديد الأهداف (العمل العشوائي)، وعدم المتابعة المستمرة لسير العمل، واختيار أعضاء الفريق بعشوائية، وعدم تحديد مهام الفريق، والاعتماد على عضو أو أعضاء معينين، والنقد الدائم والتعامل بسلبية، وإخفاء النوايا وطرحها على شكل أسئلة، وإبراز الأخطاء الفردية لأعضاء الفريق، وإخفاء المعلومات، واتباع سلوك غير مناسب للعمل الجماعي، والتفرُّد بصنع القرار.
في الوقت الحاضر، يقوم المديرون في عدة مؤسسات بتخصيص المزيد من المهام الجماعية للموظفين، ويمكن القول أن مجرد الاقتناع بفرق العمل لا يكفي ليحصل التطبيق بالشكل الصحيح الذي يضمن الحصول على النتائج المرجوة، إذ لا بد من توافر مجموعة من الشروط الضرورية لإدارة فرق العمل، أهمها: إزالة الحدود (البيروقراطية) بين الفريق والقيادة، وتقديم الدعم والثقة من قبل الإدارة للفرق وأعضائها، وإعداد بنية تنظيمية مسطحة لا هرمية، وشبكة تسمح بالتواصل بين الأعضاء جميعهم، واعتماد الإدارة منطقَ الإبداع، وإدارة التغيير والتطوير المستمرَّين، وغير ذلك؛ وذلك من أجل تعزيز معارفهم ومهاراتهم المهنية، وإزكاء روح التعاون، وتحسين المهارات الفردية، وتقديم ملحوظات عملية بدون إثارة أي تعارض بين أيٍّ من الأعضاء.
المراجع
1) سعد الله حسين، ليث، سعد الجميل، ريم، (2009)، ” رأس المال الفكري وتأثيره على أنواع فرق العمل”، جامعة الموصل، تنمية الرافدين، مجلد 31، العدد (٩٣)، ص (191).
2) علي عيسى أبو جربوع، يوسف، (2014)، “واقع بناء فرق العمل ودورها في تنمية الإبداع الإداري”، رسالة ماجيستير، أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا، ص (35).
(3 محمد خميس السديري، أحمد، (2010) ، “آراء العاملين في القطاع الخاص في سلطنة عمان عن مهارات مدراءهم في قيادة فريق العمل”، رسالة ماجيستير غير منشورة, الاكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي، ص (23).
4) شبيب، مجد، (2009)، “دور فرق العمل في إدارة الأزمات”، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة دمشق، ص (3).
5) حسين، عبد الكريم، (2004)،”بناء فرق العمل وادارتها”، المعهد الوطني للإدارة العامة، ص (6-9).
6) زياني، بلال، (2014)، “مساهمة فرق العمل في إدارة المعلومات”، رسالة ماجيستير، جامعة محمد خيضر، الجزائر، ص (50).
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1877042816310758?fbclid=IwAR3n5gOwPZgvIg8ZfuL-c2ehOHRCBfzSjNCdDiOo1kVGS_SGlNf1NDdxRZA