سلسلة فيزياء الجسيمات (5) | تابع: المسلمون والانتقال من التنظير الفلسفي الى التجريب والملاحظة العلمية
سلسلة #فيزياء_الجسيمات (5)
تابع: المسلمون والانتقال من التنظير الفلسفي الى التجريب والملاحظة العلمية
————————————————————–
إن التقدم الهائل للمسلمين في مجال العلم نابعا في الأساس من تعاليم دينهم = (القرآن والسنة الصحيحة ) بل إن دينهم حثهم على هذا في العديد من الآيات والأحاديث النبوية الصحيحة ، وهو الأمر الذي يتجاهله ويجهله كثير من المسلمين اليوم ويظنون أن العلم يكون بالابتعاد عن الدين وتركه ، ونسي هؤلاء أن كلام الله لا ينبغي أبدا أن يختلف مع قوانينه إذ هو الخالق للكون وهو المنزل للقرآن فلا يمكن التعارض بينهما أبدا ، وسأضرب لكم مثالين فقط لبيان ذلك
1- من عجيب الأمر حين تعلم أن الوصول إلى كروية الأرض عند علماء المسلمين كان استنباطا شرعيا بالنسبة إلى نظرة علوم الشرع بعيدا عن العلوم الحياتية – الطبيعية – لدرجة أن الفقيه “ابن حزم” (ت: 456 ه – 1064 م)
ينقل في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) إجماع أئمة المسلمين على كروية الأرض، فيقول عنهم : ” قالوا إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية، والعامة تقول غير ذلك.. وجوابنا وبالله تعالى التوفيق: إن أحدًا من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم لم ينكروا تكوير الأرض، ولا يُحَفظ لأحد منهم في دفعه كلمٌة .. بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها.. قال تعالى ” يكور الليل على النهار ويكور النهار على اليل ” وهذا أوضح بيان في تكوير بعضها على بعض، مأخوذ من: (كوَّر العمامة..) … وهو إدارﺗﻬا، وهذا نص على تكوير الأرض …هذا بالنسبة لعلماء الشرع فكيف لو جئت لك بالعديد من علماء الجغرافيا مثل “ابن خرداذبة وابن رستة والإدريسي والمقدسي واالمسعودي وغيرهم الكثير في كتبهم ، حيث قاموا بقياس ذلك عمليا وقاموا بإدخال القياس والتجريب لأول مرة في تاريخ العلم..
وفي ذلك يقول المستشرق “نللينو” – في كتابه (علم الفلك عند العرب ): إن قياس العرب للكرة الأرضية هو أول قياس حقيقي ُأجري كله مباشرة مع كل ما تقتضيه تلك المسافة الطويلة !! وهذا الفريق الكبير من العلماء والمساحين العرب، فهو يعد من أعمال العرب المأثورة وأمجادهم العلمية
2- دوران الأرض حول نفسها:
في الوقت الذي كان العالم لا يتخيل فيه أن الأرض كرة لم يكن هناك من يناقش مسألة دوران الكرة حول نفسها.. ولكن ثلاثة من علماء المسلمين كانوا أول من ناقش فكرة دوران الأرض في القرن الثالث عشر الميلادي (السابع الهجري) وهم “علي بن عمر الكاتبي” و”قطب الدين الشيرازي” من الأندلس و”أبو الفرج علي” من سوريا.. فقد كان هؤلاء الثلاثة أول من أشار في التاريخ الإنساني إلى احتمال دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل يوم وليلة..
وعن هؤلاء العلماء يقول “سارتون”: إن أبحاث هؤلاء العلماء الثلاثة في القرن 13 لم تذهب . سُدى، بل كانت أحد العوامل التي أثرت على أبحاث “كوبرنيكوس” في نظريته التي أعلنها سنة 1543 م
يقول “جوستاف لوبون” في مؤلفه حضارة العرب 435 نقلا عن وشهد شاهد من أهلها 141 : “يكفي أن نشير إلى ما حققه العرب في الجغرافيا لإثبات قيمتهم العالية؛ فالعرب هم الذين عيَّنُوا بمعارفهم الفلكية مواقع الأماكن تعيينًا مضبو ً طا في الخرائط، فصححوا بذلك أغاليط علماء اليونان، والعرب هم الذين نشروا رحلاﺗﻬم الممتعة عن بقاع العالم التي كان يشك الأوربيون في وجودها، والعرب هم الذين وضعوا الكتب الجغرافية التي جاءت ناسخة لما تقدمها، فاقتصرت أمم الغرب . عليها وحدها قرونًا كثيرة.
وحتى لا أطيل عليكم ، نكمل ذلك في الحلقة القادمة إن شاء الله مع وضع العديد من المراجع لمن يريد التوسع في الأمر ومعرفة بعض من تاريخ المسلمين الذي أهمله القوم وحاولوا طمسه بكل ما أوتوا من قوة … فتابعونا .